اقتراح بايدن لوقف حرب غزة.. والتطبيع ورقة إغراء
كشف الرئيس الأميركي جو بايدن عن أن "إسرائيل" طرحت على الطاولة مقترحا شاملا لوقف إطلاق نار طويل الأمد سيتم صياغته على 3 مراحل على جدول الأعمال يقضي بـ: انسحاب جيش العدو الإسرائيلي من قطاع غزة ووقف إطلاق النار لفترة طويلة، مقابل إطلاق سراح الأسرى.
خطاب بايدن أتى بالدرجة الأولى خطاباً للجمهور الأميركي، وتاليا لكيان الاحتلال، فقد بدا في لحظة معينة كمن يستجدي "إسرائيل" الخضوع لحتمية إنهاء الحرب بعد أن فشلت على مدار 8 أشهر في "القضاء على حماس" وبعد المساعي العديدة الفاشلة لتسجيل انتصار أمام الرأي العام الصهيوني والعالمي بشتى الطرق، قبل أنا تتحول فلسطين إلى قضية أغلب سكان العالم.
المقترح الأميركي الذي نسبه بايدن لكيان الاحتلال والذي تمّ تقديمه لحماس، ادّعى بايدن خلال خطاب الإعلان عنه أنه أتى بعيد أن قامت "إسرائيل بـ "تدمير قوات حماس خلال الأشهر الثمانية الماضية"، (حماس) التي تم نقل المقترح إليها عبر الوسيط القطري وانتُظر الردّ منها!
رد الحركة كان إيجابياً، حيث قالت حركة المقاومة الإسلامية في بيان لها عقب الخطاب، إنها تنظر بإيجابية إلى ما تضمنه خطاب جو بايدن من دعوته لوقف إطلاق النار الدائم، وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة وإعادة الاعمار وتبادل للأسرى.
وعدّت حماس في بيان لها، أن هذا الموقف الأمريكي وما ترسخ من قناعة على الساحة الإقليمية والدولية بضرورة وضع حد للحرب على غزة هو نتاج الصمود الأسطوري لشعبنا المجاهد ومقاومته الباسلة.
وأكدت الحركة موقفها الاستعداد للتعامل بشكل إيجابي وبنّاء مع أي مقترح يقوم على أساس وقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل من قطاع غزة وإعادة الإعمار وعودة النازحين إلى جميع أماكن سكناهم وإنجاز صفقة تبادل جادة للأسرى إذا ما أعلن الاحتلال التزامه الصريح بذلك.
الجهاد الإسلامي متريّبا من الطرح الأميركي:
في حين أعلنت حركة الجهاد أنها تنظر بريبة إلى ما طرحه الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يوحي وكأن الإدارة الأمريكية قد غيرت من موقفها، في حين لا يزال واضحا ومعلنا انحيازها التام إلى الكيان الصهيوني وتغطية جرائمه ومشاركته في العدوان على شعبنا من خلال الدعم الذي ما يزال مستمرا بالسلاح ووسائل القتل والدمار، وكذلك بالتصدي وتهديد كل المؤسسات الدولية التي تحاول توجيه الإدانة للعدو الصهيوني.
وقالت حركة الجهاد إنها ستقيم اي مقترح وفقا لما يضمن وقف حرب الإبادة ضد شعبا ويلبي مصالحه ويحفظ حقوقه ويلبي مطالب قوى المقاومة.
وأعلنت الحركة أنها ستدرس المقترح الذي تحدث حوله الرئيس الأمريكي، وتتخذ موقفاً وطنيا بما يضمن وقف العدوان والانسحاب الكامل من قطاع غزة وإغاثة شعبنا وضمان إعادة الإعمار ضمن صفقة تبادل واضحة.
الدول العربية مشاركة في اغتنام فرصة إعادة الإعمار:
بالعودة إلى المقترح، فقد تضمّن تأكيدا على أن قوات عربية سوف تشارك في إعادة الإعمار، وما هو ليس خافيا أن خطوة إعادة الإعمار هي الورقة التي يحملها الأطراف الذين يريدون الخروج بمكاسب من أية حرب تدور في المنطقة. ولعل "السعودية" هي الطرف الأكثر بحثا عن هذه المكاسب لتضمّها إلى "سلّة" تقديماتها للشعب الفلسطيني.
كما تضمّن خطاب بايدن اعترافا موثّقاً بأن ما سيتلو وقف الحرب هو تطبيع دبلوماسي بين كيان الاحتلال الإسرائيلي و"السعودية"، و"مع هذه الصفقة، يمكن أن تصبح إسرائيل أكثر اندماجا في المنطقة"، وما سيترتب عليه من “تمكّن إسرائيل من أن تكون جزءًا من شبكة أمنية إقليمية لمواجهة التهديد الذي تشكله إيران؛” وفقا لبايدن الذي لم يأتِ على ذكر "حل الدولتين" بمعزل عن إنهاء الحرب، كشرط لطالما روّجت له "السعودية" في معرض تبريرها خطوة التطبيع.
وهو ما قرأه الدكتور حسام مطر على أنه تجنّباً لإحراج نتنياهو الان ولكنها مستبطنة في روح الخطاب. معتبرا أن المبادرة جرى وضعها في قالب أميركي حينما ربطها بمسار سياسي للتطبيع وإعادة الاعمار من خلال مشاركة القيادة الفلسطينية (وهو أمر يرفضه نتنياهو واليمين المتطرف) دون أن يشير إلى فكرة الدولتين.
وفي تقديم قراءته لمجمل الخطاب، ذكر الدكتور مطر كيف خاطب بايدن "الشعب الإسرائيلي" مرتين مدافعا عن هذا العرض وأن هناك فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها ومؤكدًا أن حماس لم يعد بإمكانها شن هجوم مماثل ل 7 أكتوبر وهذا كان من أهداف الحرب الأساسية، ثم هاجم أطرافًا في الحكومة ستعارض الصفقة لأنها تريد حرب مديدة وناشد القيادة (أي نتنياهو) أن لا يستجيب لهذه الضغوط. ثم انتقد مقولة "النصر المطلق" قائلا أنها ستجذب الكيان نحو مستنقع غزة حيث النزف البشري والاقتصادي والعزلة الدولية دون عودة الأسرى ولا هزيمة مستدامة لحماس ولا أمن مستدام. في المقابل فإن هذه الصفقة هي مقاربة شاملة ستعيد الأسرى وتحقق الأمن وتتيح وقف الحرب في الجبهة الشمالية (لبنان)، وهذه إشارة –وفقا للدكتور- إلى أن جبهة لبنان ضاغطة جدًا لدرجة أن بايدن يطرحها لاقناع الصهاينة برؤيته.
بعدها قال أن هذه الصفقة ستتيح دمج "إسرائيل" في المنطقة وتفتح إمكانية التطبيع مع السعودية وتجعل الكيان ضمن شبكة أمنية لمواجهة التهديد الإيراني، وهنا لم يشر إلى مسألة الدولتين.
يتابع الدكتور مطر: ثم أورد إشارة لافتة بأن هذه الصفقة ستسمح بمحاسبة من قام ب 7 أكتوبر، وهنا يقصد تحديدًا قيادة حماس العسكرية في القطاع (الضيف والسنوار ورفاقهما) وذلك إما للعمل على طردها من القطاع أو مساعدة الصهاينة في اغتيالها، وفي هذا البند محاولة جذب إضافية لنتنياهو.
في الإشارات الختامية للخطاب ورد الآتي:
-تجديد إلتزامه بكل ما يحتاجه الأمن الإسرائيلي.
-القول أنه يمكن ل "إسرائيل" العودة للقتال بحال خالفت حماس التزاماتها ثم أضاف أن قطر ومصر إلتزمتا أن لا يحدث ذلك وفي المقابل تلتزم أميركا ان تفي "إسرائيل" بتعهداتها.
-ختم بشن هجوم على حماس مرددًا اتهامات لارتكابات مزعومة في 7 أكتوبر وبعده.
-دعا إلى رفع الأصوات لدعم هذه المبادرة التي اعتبرها خطوة مهمة جدًا.
يقدّم الدكتور مطر في الختام خلاصة عن الخاطب:
هذه هي الصفقة الأتم من وجهة نظر بايدن قدمها لتبدو طرحًا إسرائيليًا محاولا الجمع بين الجذب والضغط على نتنياهو من خلال التأكيد على الأمن الإسرائيلي وترويج رواية نصر إسرائيلية وفتح مسار إقليمي أمام تل أبيب وتجنب الحديث عن الدولتين، ثم الضغط من خلال مخاطبة "الشعب الإسرائيلي" بهذه الطريقة والترويج للعوائد الأمنية للصفقة وانتقاد مقولة النصر المطلق.
مستدركا أن لغة الخطاب تتقاطع مع ما قام به غالانت وغانتس وقادة المعارضة الإسرائيلية في الأيام الأخيرة. في المقابل وضع بايدن حماس تحت الاتهام والمسؤولية والتزم بعدم عودتها للسلطة في القطاع ولا التسلح مجددًا متيحًا للكيان العودة للقتال بحال خالفت ذلك، وفي الوقت ذاته يقر بأن حماس ستبقى قوة سياسية رئيسية في القطاع ولن يتم نزع سلاحها ولا يمكن القضاء عليها وفق نظرية النصر المطلق لنتنياهو. يراهن بايدن أن هذا الطرح إما يؤدي إلى وقف مؤقت لإطلاق النار يتم تمديده تباعًا بما قد يسمح بإيجاد دينامية جديدة أو يحقق فترة من الهدوء، وإما يوصل إلى صفقة كاملة.
اقتراح بايدن الذي قاب بأنه اقتراح "إسرائيلي"، احتوى على 3 مراحل:
-لمرحلة الأولى: عبارة عن وقف «الأعمال القتالية» لمدة 6 أسابيع، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من جميع المناطق المأهولة بالسكان في قطاع غزة، وعودة النازحين إلى جميع مناطق القطاع، بما في ذلك الشمال، فضلاً عن تبادل الأسرى (المرحلة الإنسانية)، وزيادة المساعدات إلى 600 شاحنة يومياً.
-المرحلة الثانية: تتضمّن تبادل كل الأسرى الأحياء، بمن فيهم الجنود الإسرائيليون، وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين.
-المرحلة الثالثة: تتضمّن إعادة إعمار قطاع غزة.
لاقى الاقتراح ردات فعل غاضبة من الجانب الإسرائيلي، خاصة تلك التي لا تزال ترى في الاستمرار بالمجازر الأسلوب الأنجع للانتقام من المقاومة في غزة وجمهورها، فسارع مكتب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى الردّ بأنّ "الحرب لن تنتهي حتى تحقيق كامل أهدافها".
وأضاف مكتب نتنياهو أنّ "حكومة إسرائيل موحَّدة في رغبتها في إعادة الأسرى في أسرع ما يمكن، وتعمل من أجل تحقيق هذا الهدف. ولهذا، وافق رئيس الحكومة للطاقم المفاوض على عرض مقترح لتحقيق هذا الهدف، مع التمسك بموقف، مفاده أنّ الحرب لن تنتهي حتى تحقيق كامل أهدافها، بما في ذلك القضاء على القدرات العسكرية والسلطوية لحماس".
وأضاف المكتب أنّ "هذا المقترح الدقيق، والذي اقتُرح من جانب إسرائيل، بما في ذلك الانتقال المشروط من مرحلة إلى مرحلة، يسمح لإسرائيل بالمحافظة على أهدافها".
ارسال التعليق