السعودية تعاقب الفلسطينيين مالياً لرفضهم صفقة القرن
لم يشفع الوضع الاقتصادي المتردّي والقاسي الذي تعيشه مدينة القدس المحتلّة منذ سنوات، بفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي القمعية والتعسّفية بحق المدينة وسكانها، في تقليص دعمها من قبل المملكة العربية السعودية. هذه المرّة أرادت الرياض أن تستخدم وسيلة الضغط على المقدسيين من خلال تجفيف المنابع المالية للمدينة، وتقليص الدعم الذي يُصرف لها، وكذلك تجميد بعض المشاريع الحيوية التي كانت تُشرف عليها، بحسب ما صرّح مسؤول مقدسي.
وأوضح أنه خلال الشهرين الماضيين، بدأت المدينة المقدسة تشهد انكماشاً ملحوظاً في كافة المشاريع الإنسانية والتعليمية والإغاثية التي تُشرف عليها السعودية، معتبراً أن هذا التراجع جزء من "عقاب وحصار الرياض لأهل القدس، بعد رفضهم لوجودها بينهم وتصدّيهم لصفقة القرن"، على حدّ تعبيره.
وكشف أن التغيّر السعودي في مدينة القدس قد وصل إلى البنك الإسلامي للتنمية ومقرّه الرئيسي في جدة؛ بعد أن قرّر هو الآخر تقليص دعمه المالي للمدينة إلى 7 ملايين دولار، بعد أن كان يصرف 60 مليون دولار (لم يحدّد الفترة الزمنية)، تُنفّذ بصورة غير دورية على هيئة منح مالية لمشاريع حيوية في المدينة المقدّسة.
تضييق الخناق على القدس
وأشار المسؤول المقدسي إلى أنهم حاولوا الاستفسار عن سبب هذا التراجع المفاجئ في الدور السعودي بالقدس، فأُخبروا بأنه بسبب "الأزمة المالية التي تعيشها السعودية". هذا المبرّر، بحسب المسؤول ذاته، اعتبره أهل مدينة القدس "غير مقنع"؛ لكون تلك المشاريع التي تُشرف عليها الرياض ويموّلها البنك الإسلامي للتنمية قد رُصدت لها الأموال قبل مرحلة تنفيذها على الأرض، مؤكداً أن تلك الخطوة تعدّ عقاباً لأهل القدس؛ بسبب رفضهم للدور السعودي في المدينة، وقد تُدخلهم بأزمات جديدة.
وأضاف في ختام حديثه، هذا التوقّف يُعدّ جزءاً من الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض على المدينة المقدسة وسكّانها من قبل "إسرائيل" والدول العربية التي تساندها، موضّحاً أن الدور السعودي، الذي وصفه بـ "المشبوه"، لا يزال مستمراً في الضغط والتأثير على سكان المدينة لتبنّي ودعم مواقفها السياسية، وخاصة في "صفقة القرن" الأمريكية والتقارب مع "إسرائيل".
الجدير ذكره أنه على مدار العقود الخمسة الماضية شهدت مدينة القدس المحتلة مداً وجزراً في اقتصادها، حتى وصل في سنواتها الأخيرة إلى مرحلة غير مسبوقة وقريبة من حافة الانهيار؛ بفعل الخطوات الصارمة التي تطبّقها "إسرائيل" على المقدسيّين لحصارهم وخنقهم. ويعيش في شرق القدس 320 ألف فلسطيني يشكّلون 36% من مجمل سكان القدس بشطريها، في المقابل يعيش نحو 200 ألف مستوطن شرقي القدس.
مؤامرة عربية على القدس
ما كشفه "الخليج أونلاين" حول تقليص الدعم السعودي للقدس أكّده كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، معتبراً هذه الخطوة "جزءاً من تآمر الرياض على القضية الفلسطينية".
وفي تصريحات خاصة لـ "الخليج أونلاين" أكّد الخطيب، أن الدور السعودي في التعامل مع القضية الفلسطينية - وعلى وجه الخصوص ملف القدس - بات مشبوهاً ومتآمراً، ويخدم فقط "إسرائيل" وتطلّعات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في "صفقة القرن".
وأوضح أن كل الدعم المالي الذي كانت تعلنه الرياض لمدينة القدس، خلال المؤتمرات العربية والدولية، كان هدفه ليس الدفاع عن المدينة أو دعم صمود أهلها؛ بل لتمرير مخطّطات التصفية والعنصرية، ومساعدة الاحتلال الإسرائيلي في تضييق الخناق على المدينة وسكانها.
ولفت إلى أن السعودية لا تزال تمارس دورها في توجيه الطعنات الغادرة للفلسطينيين، وهذا الدور قد كشفه فعلياً أهل مدينة القدس من خلال رفضهم القاطع لتدخّلاتها ومشاريعها المشبوهة، موضّحاً أن وقف التمويل للقدس أو حتى تقليصه ما هو إلا وسيلةٌ للضغط والحصار، بحسب تعبيره.
ارسال التعليق