السعودية دولة ديكتاتورية تحاول تبييض سجلها الحقوقي بتقليص قيود الولاية
اعتبرت صحيفة “واشنطن بوست” قرار السعودية تخفيف قوانين وصاية الرجل على المرأة بأنه ليس كافياً. وقالت الصحيفة في افتتاحيتها، إنّ “خطوات السعودية الأخيرة للتخفيف من نظام ولاية الرجل على المرأة الشاق، ومنح المرأة سيطرة أكثر على حياتها، يمكن الترحيب بها وتشجيعها، لكن هذه الخطوات تدعو للنظر فيما لم يتم عمله لتخفيف الممارسات التعسفية الأخرى”. وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية أعلنت السماح للنساء بالسفر دون إذن، ما يخفف من النظام الذي يقول المدافعون عن حقوق المرأة إنّه عامل المرأة السعودية منذ فترة طويلة كمواطنة من الدرجة الثانية. وتتساءل الصحيفة قائلة: “إن كانت هذه القرارات التي اتخذها الحاكم الفعلي محمد بن سلمان يمكن الإعلان عنها الآن، فلماذا لا يتم تحرير المرأة من قيود نظام الولاية بالكامل؟ ولماذا يجب عليها الحصول على إذن ولي أمرها -الزوج والأب والأخ- لتتزوج أو تخرج من السجن أو يطلق سراحها من ملجأ للنساء الهاربات من عنف الرجل، والحصول على تعليم جامعي؟ وما هو المبرر للقيام ببعض التغييرات الآن؟”.
وتجيب الافتتاحية قائلة إن “السعودية ديكتاتورية، ويعلن ولي العهد عن قراراته بحسب ما يريد، بالإضافة إلى أن القرار الجديد يجب أن يكون (حلواً مراً) بالنسبة للنساء المعتقلات، بمن فيهن لجين الهذلول، التي اعتقلت من بيتها في منتصف ليلة 15 مايو 2018؛ فقط لأنها تجرأت على المطالبة بحقوق المرأة. وتقول الصحيفة: “لو كانت السعودية جادة بشأن مساعدة المرأة والحصول على إمكاناتها الكاملة كما تزعم، فعليها أن تفرج عن الهذلول وبقية المعتقلات، وكذلك الرجال الذين اعتقلوا لإسكاتهم، بمن فيهم المدون رائف بدوي”. وتعلق الافتتاحية قائلة: ومع ذلك، فإن الممرات المظلمة للسلوك السعودي في ظل حكم ابن سلمان لن تختفي بسهولة، بما في ذلك قتل وتقطيع زميلنا جمال خاشقجي على يد فرقة قتل، والقمع المستمرّ لحرية التعبير، والحرب الضالة في اليمن”.
وتقول “واشنطن بوست”: “حقوق الإنسان ليست زينة القصر ليوزعها ولي العهد عندما يحتاج علاقات عامة جيدة، فهي قيم عامة تمت لكل شخص، ويتم انتهاكها بشكل واسع في المملكة، التي أمامها طريق طويل لتصل إلى احترام الكرامة الإنسانية”.
وأفادت الصحيفة بأن هذا التحول يأتي في وقت تواجه فيه المملكة تدقيقاً دولياً متزايداً حول سجلها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك معاملتها للمرأة. وقد شعرت المملكة بالحرج في الأعوام الأخيرة بسبب شهادات النساء السعوديات اللائي فررن من البلاد ولفتن الانتباه إلى ما وصفنه بالشروط التقييدية أو المسيئة التي تفرض عليهن الرجوع إلى أقاربهن الذكور في كل أمر.
وأضافت الصحيفة الأمريكية: لقد ضيق “ابن سلمان” بحدة مساحة المعارضة العامة في المملكة، لا سيما من خلال اعتقال رجال الدين البارزين، والمدافعات عن حقوق المرأة. وكان بعض هؤلاء المدافعات، على مدى عقود، قد طالبن بإلغاء الحظر المفروض على قيادة المرأة، وكذلك إلغاء نظام “الولاية”. ومع الإعلان عن اللوائح الجديدة، تظل العديد من المدافعات عن حقوق المرأة مسجونات، ويواجهن محاكمات بتهم تتعلق فقط بنشاطهن.
ونقلت الصحيفة ما كتبته “علياء الهذلول”، شقيقة “لجين الهذلول”، إحدى الناشطات المحتجزات، على “تويتر”، عن قواعد السفر الجديدة: “ينتج تأثير الفراشة تغييرات كبيرة”. وكانت رسالتها عبارة عن تهنئة ورثاء على حد سواء، لأنها أشادت بمساهمات النساء السعوديات اللائي “رفعن وعي مؤسسات الدولة”. وقالت الصحيفة: كانت التغييرات التي تم الإعلان عنها الجمعة، وتضمّنت تعديلات قانونية منحت المرأة مزيداً من الحقوق داخل الأسرة، قد ظهرت في شائعات منذ أسابيع، ولاقت ترحيباً على وسائل التواصل الاجتماعي. وكتبت “مها المنيف”، أستاذة طب الأطفال والأمراض المعدية، على “تويتر”: “يعدّ رفع القيود خطوة قوية نحو تمكين المرأة ومنحها حقوقها المتساوية مع الرجل”.
وأضافت الصحيفة، لا تسمح التغييرات للمرأة بالزواج أو مغادرة السجن دون إذن أحد أقربائها الذكور. وكتبت “سارة ليا ويتسن”، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “هيومن رايتس ووتش”: “هذه خطوة كبيرة إلى الأمام، لكن لا يزال هناك الكثير لتحقيق المُساواة للمرأة السعودية”. وأضافت إن “قوانين الطلاق وقوانين حضانة الأطفال لا تزال تمييزية بشدة ضد النساء”، وأعقبت ذلك بقولها: “آمل أن تكون السعودية على وشك أن تحذو حَذو الدول الإسلامية الأخرى التي أجرت تعديلات مماثلة”.
ارسال التعليق