الشاعر السوري "أدونيس" في حضن الوهابية التي هجاها مرارا
في واحدة من حالات الانقلاب الوجداني التي باتت سمة عامة في تكوين وطروحات الكثير من المثقفين العرب، تداولت وسائل إعلام عربية أنباء عن زيارة قام بها الشاعر السوري علي أحمد سعيد المعروف بلقب “أدونيس”، إلى السعودية بعد أن وصفها لسنوات بـ “الوهابية والفكر المتشدد”.
وجاءت هذه الزيارة وهي الأولى له إلى السعودية، لإلقاء محاضرة بعنوان «الشعر والحياة»، ضمن ندوة حوارية نظمتها أكاديمية الشعر العربي، بدعم من هيئة الأدب والنشر والترجمة.
وتأتي زيارة “أدونيس” للمملكة ضمن جولة ثقافية للشاعر المعروف حول عدد من مدن المملكة، تشمل الرياض والطائف وجدة.
وثمَّن صاحب «موسيقى الحوت الأزرق» دعوته لزيارة المملكة، موضحاً أهميّة الثقافة في تعزيز أنسنة الشعوب، فيما كشف علاقته بالمكان والزمان والإنسان عبر ثلاثة فضاءات، مستعرضاً سيرةً مثيرةً ثريّةً تمتد نحو تسعة عقود وأوجزها على مسرح قصر الثقافة بحي السفارات في 40 دقيقة.
وكان أدونيس أوضح في لقاء مع الصحفي “عبد الله السمطي” منذ سنوات أنه طلب زيارة المملكة ولم يؤذن له.
وأضاف: “حاولت ذلك، لكي أتعرف على الأماكن التي سار فيها الصحابة الأوائل، ومن حق المسلم; ولو كان غير مؤمن بالوهابية; أن يزور هذه الأماكن، ولم تتحقق هذه الأمنية، وأنا مستعد أن أذهب للسعودية بشرط أن أزور السعودية بكاملها”.
ومنذ بداية الثورة السورية والشاعر أدونيس لا يكف عن وصف الثورة السورية بالوهابية وبتبعيتها لآل سعود، وبأنها ثورة خرجت من المساجد.
ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن هذا الشاعر الذي صمت تجاه جرائم النظام ولم تبدر منه كلمة تدين جرائمه، أصدر منذ أكثر من 35 عاماً كتاباً مع زوجته الناقدة خالدة سعيد عن الإمام محمد بن عبد الوهاب ضمن سلسلة (ديوان النهضة) التي كانت تصدرها دار الملايين ببيروت عام 1983 قبل أن ينكفىء إلى قوقعته الخمينية ويكتب قصيدة يمتدح فيها زعيم الثورة الايرانية الخميني.
والمفارقة أن دعوة الشاعر الذي عادى الثورة السورية جاءت بعد أنباء عن تقارب سعودي إيراني وفي وقت اختلطت فيه الأوراق وانكشفت العورات.
ويرفض صاحب كتاب ” الثابت والمتحول ” حتى اليوم إدراج الكتاب ضمن لائحة أعماله وترجماته ومختاراته، ما يشير إلى حالة من الانقلاب الفكري والتناقض الوجداني، وعلى عكس الكثير من المثقفين العرب الذين بدؤوا حياتهم بالدعوة إلى التنوير والحداثة وثقافة العصر والمستحدثات الفكرية، وانقلبوا فيما بعد على عقبهم.
وكان “أدونيس” قد دافع في لقاءات صحفية معه عن كتابه “الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب” الذي وضعه مع زوجته الناقدة الدكتورة “خالدة سعيد”، معتبراً أن “هذا الكتاب هو جزء من مشروع تتمه لـ”الثابت والمتحول”، مشيراً إلى أنه وضعه لكي يروي كيف قرأ عبد الوهاب الإسلام، وهي قراءة مؤثرة في المجتمع العربي بحسب وصفه.
وأضاف: كيف “لا أكتب عنه وهو مالئ الحياة العربية، ومصر بالدرجة الأولى، برؤيته للإسلام”. وأردف في حالة من التناقض “لكي أحارب شخصاً يجب أن أفهمه”، منوّهاً إلى أنه ليس من الأشخاص الذين إذا عادوا فكر شخص ما يهملونه، بل يذهبون إلى عمق أعماقه لكي يعرفوا طريقه، وعاد في دفاعه عن الكتاب ليعتبر محمد عبد الوهاب من أكثر المفكرين تأثيراً في العالمين العربي والإسلامي.
ووصف الناقد الدكتور “عبد المعطي سويد” هذه الحالة بـ”الردة” أو الانقلاب من نمط فكري إلى نمط آخر.
وأشار سويد لـ”وطن” إلى أن الانطلاق لدى هذا المثقف أو ذاك قد يكون حداثوياً، تنويرياً مبنياً إذا شئنا القول على الإعجاب بالحداثة والتنوير، ولكن هذا الموقف لم يكن موقفاً عقلياً حاسماً، لذلك سرعان ما ينهار أو يحل محله نقيضه أي الجانب الانفعالي الآخر والإعجاب الآخر المواجه، أي العودة إلى الرواسب القديمة، أو صدور هذه الرواسب بلا رقيب من العقل وأدواته وقوانينه وتعود النوازع القدرية والإيمان الساذج والطاعة والأمور الغيبية، أو يحدث النقيض -كما في حالة أدونيس.
وتباينت تعليقات وردود فعل مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص هذه الزيارة حيث علق المحلل السياسي “ياسر الزعاترة” :”أدونيس “سعيد جدا” في السعودية التي هجاها مرارا!”
وأضاف:”ليبرالي فضحته طائفيته بعد ثورة سوريا.. يا للدّم السوري كم فضح:من هتف للحرية وساند طاغية.من هتف للحسين وقاتل مع يزيد. يساري هتف لـ”الولي الفقيه”. من أثرى من أموال أمريكا ثم غدا ممانعا كي يستر دوافعه وغيرهم.”
وعقب “أحمد شليلات” :”أدونيس لا لون ولا طعم له سوى غنوصيّته النُّصَيْرِيَّة منذ شبابه مع اعتقاله وسجنه عام 1955 بسبب أول إغتيال إرهابي في سوريا بحق عدنان المالكي”.
واستدرك: “سبق لأدونيس زيارة السعودية في عهد الملك عبد الله، ولعل تلك الزيارة كانت بدعم من المجرم رفعت أسد المقرب من الملك!”.
أدونيس لا لون ولا طعم له سوى غنوصيّته النُّصَيْرِيَّة منذ شبابه مع اعتقاله وسجنه عام 1955 بسبب أول إغتيال إرهابي في سوريا بحق عدنان المالكي. وقد سبق له زيارة السعودية في عهد الملك عبد الله، ولعل تلك الزيارة كانت بدعم من المجرم رفعت أسد المقرب من الملك!
بينما قال “عبد الفتاح الموسى” بنبرة تهكم:” إنها السعودية الجديدة يا سادة تجمع كل التناقضات بحثا عن العظمة والنفوذ ليس هكذا تؤتى العظمة يا رجال”.
وعلق الكاتب والصحفي السوري ابراهيم الجبين في مداخلة له على محطة BBC: “هذه “الزيارة الترفيهية” التي يقوم بها أدونيس إلى السعودية تأتي بعد أن تاجر طويلا باتهامه الثقافة العربية الإسلامية بالعنف والدموية وهو صاحب قصيدة “كيفَ أروي لإيرانَ حبي؟ سأُغنّي لقُمٍّ لكي تتحولَ في صبواتي نارَ عصفٍ، تطوفُ حولَ الخليج” التقارب السعودي الإيراني”.-
ورأى “أحمد حسن” أن السعودية باتت تركز في سياستها الجديدة على ترويج التوجه الليبرالي للدولة، لإظهار توجه معاكس للمرحلة السابقة لأهداف سياسية وربما زيارة أدونيس وحتى الكثير من الحفلات والنشاطات تدخل في ذلك بهدف اظهار جدية التغيرات الداخلية.
وامتدح الكاتب ” وحيد الغامدي” هذه الزيارة قائلاً: «لم يكن لهذا المشهد أن يتحقق واقعاً قبل أكثر من 10 أعوام، رغم تصريحات أدونيس نفسه برغبته في زيارة المملكة آنذاك». وأضاف: «الكل سعيد بلقاء هذا الرمز المحرّم علينا من قبل اللقاء به».
ارسال التعليق