المخاطر المتعلقة بعرض السعودية لاستضافة بطولة كأس العالم لعام 2034.
تناولت منظمة العفو الدولية المخاطر المتعلقة بعرض السعودية لاستضافة بطولة كأس العالم لعام 2034، مطالبة الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” بحماية حقوق الإنسان عبر تأمين ضمانات ملزمة من المملكة.
وقالت المنظمة في تقرير لها إنه يتعيّن على الفيفا أن يحرص بصورة صارمة وشفافة على أن توفر عروض استضافة بطولتي كأس العالم للرجال لعامي 2030 و2034 حماية تامة لحقوق الإنسان، وأن يرفض أي عرض قد تُلطخ الانتهاكات فيه مرة أخرى صورة أكبر حدث رياضي في العالم.
وقيِّم التقرير المعنون ممارسة لعبة خطرة؟ مخاطر حقوق الإنسان المرتبطة ببطولتيْ الفيفا لكأس العالم 2030 و2034 المخاطر على حقوق الإنسان المرتبطة بالعرضَيْن – عرض مشترك من إسبانيا، والبرتغال، والمغرب، مع مباريات إضافية ستقام في الأرجنتين، والأورغواي، والبارغواي لنهائيات بطولة كأس العالم لعام 2030 – وعرض آخر من السعودية لاستضافة بطولة عام 2034.
ومن المتوقع تقديم العروض التفصيلية – من ضمنها استراتيجيات حقوق الإنسان – إلى الفيفا لتقييمها في غضون أسبوعين، حيث من المقرر أن تؤكد الهيئة الحاكمة عالميًا لمجتمع كرة القدم البلدان المضيفة في ديسمبر/كانون الأول.
وأبرزت العفو الدولية أنه لدى السعودية سجل مروع على صعيد حقوق الإنسان، ويحمل عرضها في طياته مجموعة واسعة من المخاطر الجسيمة جدًا.
فقد أنفقت المملكة المليارات في السنوات الأخيرة على حملة لتلميع صورتها، معتمدة اعتمادًا شديدًا على الاستثمار في رياضات من بينها كرة القدم لصرف الانتباه عن سجلها المزري من الانتهاكات. ويبدو أن مشروع نظام العقوبات جاهزٌ لزيادة ترسيخ العديد من انتهاكات حقوق الإنسان في القانون.
وتتطلب استضافة البطولة برنامج بناء ضخمًا، ما يزيد من حدة المخاطر المحيطة بالإخلاءات القسرية التي حدثت في مشروعات البناء الحالية، ومن ضمنها أنباء حول استخدام القوة المميتة لإزالة المجمّعات المتعلقة بـ ذا لاين، وهو جزء من مشروع بناء مدينة نيوم.
ومن المرجح أن تدعو الحاجة إلى مئات الآلاف من العمال لبناء منشآت البطولة وإقامتها، من المحتمل أن تكون أغلبيتهم من الأجانب الذين يشكلون أصلًا معظم القوى العاملة في القطاع الخاص، وهم معرّضون لخطر انتهاكات جسيم لحقوقهم كعمال.
وإن نظام الكفالة، الذي يربط قانونيًا وضع العامل الأجنبي المتعلق بالهجرة بصاحب عمل أو كفيل، لا يترك للعمال إلا ملاذًا قانونيًا محدودًا عند تعرّضهم لسرقة الأجور، أو العنف، أو غيرهما من الانتهاكات.
إن التمييز متجذر بعمق في التشريعات والممارسات، ويمكن أن يؤثر على المشجعين، والعمال، واللاعبين، والصحفيين.
وتواجه المشجعات خطر المقاضاة الجائرة وغير المتناسبة بموجب القوانين التي تُجرّم الجنس خارج إطار الزواج، والتي غالبًا ما تُستخدَم لإسكات ضحايا العنف الجنسي، ومن ضمنه الاغتصاب، والتي يمكن أن تفضي إلى احتجازهن لأجل غير مسمى. وتنطوي منظومة ولاية الرجل على التمييز ضد النساء والفتيات.
وتغيب الحماية القانونية لأفراد مجتمع الميم برغم تأكيد الهيئة السعودية للسياحة بأن ’الكل مرحب به‘. وغالبًا ما تتم الملاحقات القضائية بموجب أحكام النظام العام ولائحة المحافظة على الذوق العام المبهمة النافذة في البلاد، علاوة على نظام مكافحة جرائم المعلوماتية.
كما تُحظَّر أي ممارسة علنية للأديان بخلاف الإسلام، وتواجه الأقلية المسلمة الشيعية تمييزًا ملموسًا. وقد صدرت على 12 من أنصار نادي الصفا لكرة القدم مؤخرًا أحكام بالسجن تراوحت مدتها من ستة أشهر إلى سنة واحدة على خلفية ترديد هتافات دينية فولكلورية في إحدى المباريات.
لا يوجد قدر يُذكر من حرية التعبير، أو حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، أو حرية التجمع. ولا يُسمح بإنشاء أي منظمات مستقلة لحقوق الإنسان، أو أحزاب سياسية، أو نقابات عمالية، وقد حدثت اعتقالات شاملة للصحفيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والنشطاء السياسيين، والكتّاب، ورجال الدين، ونشطاء حقوق المرأة، وزُج بهم في السجون.
ويخضع الآن معظم المدافعين عن حقوق الإنسان إما للمحاكمة، أو يقضون أحكامًا بالسجن، أو يمنعون من السفر، أو يقيمون في المنفى.
وقد استُخدم نظام مكافحة الإرهاب وتمويله المعرّف تعريفًا فضفاضًا لمقاضاة النشطاء، ففرض عقوبات بالسجن وصلت لغاية 45 عامًا وحتى عقوبة الإعدام على خلفية الإساءة إلى الملك أو ولي العهد “بصورة مباشرة أو غير مباشرة”.
وما من وسائل إعلام مستقلة، ويواجه الصحفيون الذين ينتقدون الحكومة الرقابة، والسجن، والقمع. وقد قُتل الصحافي جمال خاشقجي في تركيا عام 2018 في جريمة قتل بمباركة من الدولة السعودية.
وتحجب السلطات مجموعة من المواقع الإلكترونية، وتعرض أشخاصًا على الإنترنت للقمع.
واحتُجزت سلمى الشهاب – وهي طالبة دكتوراه سعودية في جامعة ليدز بالمملكة المتحدة، وحُكم عليها بالسجن مدة 27 سنة بسبب نشاطها على تويتر، وحُكم على مناهل العتيبي – وهي مدرّبة لياقة بدنية – بالسجن مدة 11 عامًا بسبب تغريدات تدعم حقوق المرأة.
ويجري اختراق حسابات النقاد على الإنترنت وتُستخدم برمجية التجسس بيغاسوس لاستهداف هواتف نشطاء حقوق المرأة، والمعارضين السياسيين، والصحفيين، وأفراد أسرهم.
وربما يعتقد مشجعو كرة القدم القادمين لحضور البطولة، والعمال الأجانب أنهم معفيون من عقوبة الإعدام، لكن المواطنين الأجانب شكلوا نسبة 39% من الأشخاص الذين أُعدموا في المملكة بين عامي 2010 و2021، بما في ذلك على جرائم غير عنيفة مثل تهم تتعلق بالمخدرات.
وقد سجلت منظمة العفو الدولية إعدام 172 شخصًا من جانب السعودية في عام 2023، ينتمون على الأقل إلى 13 دولة مختلفة، ومن بينهم ست نساء.
أطلقت منظمة العفو الدولية حملات وعرائض للإفراج عن النشطاء وغيرهم من المحتجزين لأنهم جهروا بتأييدهم للتغيير.
وأكدت العفو الدولية على وجوب ضمان منع الانتهاكات المتصلة بعرض السعودية لاستضافة بطولة الفيفا لكأس العالم في عام 2034 إلى أن تكون أكثر جوهرية، ويتضمن ذلك إجراء تغييرات شاملة في قوانين العمل لحماية العمال، والإفراج عن النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان الذي سُجنوا ظلمًا.
كذلك يجب على الفيفا أن يحرص على مشاركة حقيقية لمنظمات المجتمع المدني، والنقابات العمالية، وممثلي المشجعين، ونقابات اللاعبين، والمجموعات التي تواجه التمييز، طيلة عملية تقديم العروض والتحضير للبطولة.
ويضيف التقرير أنه يتعين على الفيفا ألا يُرسي بطولة كأس العالم على أي عرض يُقصّر في ضمان حقوق الإنسان – وأن يلغي أي اتفاقية لاستضافة البطولة إذا تعرّضت حقوق الإنسان للخطر أو الانتهاك.
ارسال التعليق