بعد ميدل بيست.. مظاهر احتفالات عيد الميلاد أزمة جديدة في السعودية
بعد أيام قليلة من إثارة مهرجان "ميدل بيست" الموسيقي السنوي انتقادات وجدل واسع في السعودية، بسبب السلوكيات المنافية للآداب والذوق العام لبعض رواده، أثارت مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد (الكريسماس) اعتراضات وانقسامات بين سكان السعودية.
ووفق تقرير نشرته وكالة "بلومبرج" فإن السعودية التي كانت تصادر جماركها أشجار عيد الميلاد في هذا الوقت من كل عام، تشهد عاصمتها اليوم أجواء الاحتفال بعيد الميلاد ويمكنك سماع الأغنية الشهيرة للمغنية الأمريكية "ماريا كيري" (كل ما أريده لعيد الميلاد هو أنت) من أحد أبرز مطاعم منطقة وسط الرياض.
وأضافت الوكالة أنه أصبح الآن بإمكان المتسوقين في السعودية رؤية أشجار عيد الميلاد علنا، وكذلك حيوان الرنة وقبعات سانتا كلوز، كما تقدم المطاعم كعكات عيد الميلاد، فيما تعرض متاجر أخرى هدايا وسلعا ترتبط باحتفالات عيد الميلاد.
وكانت السلطات السعودية تحظر الممارسات العامة لأي دين آخر غير الإسلام، ولا تسمح بدور عبادة باستثناء المساجد، غير أنه منذ صعود الأمير "محمد بن سلمان" لولاية العهد في 2017، تشهد البلاد حالة انفتاح اجتماعي كبيرة بعد عقود من القيود المشددة على مجتمع غالبيته من الشباب.
ونقلت الوكالة عن "نورا"، التي كانت تسير بجوار شجرة عيد الميلاد في نافذة متجر، قولها إنها لا تمانع رؤية رمز للاحتفال المسيحي في الرياض، مضيفة "إنهم يحترموننا، ونحن نحترمهم".
أما البعض الآخر فلم يكن مرحبا، حيث نقلت "بلومبرج" عن مديري بعض المتاجر قولهم إن بعض السعوديين اعترضوا على وجود سلع "محظورة بموجب الإسلام".
وعندما سُئلت بائعة سعودية عما إذا كان متجرها يبيع زينة عيد الميلاد، قالت: "الحمد لله، لا".
لكن ذلك لم يؤثر على المبيعات في المحلات القليلة، وخاصة متاجر الألعاب في الرياض التي تبيع زينة عيد الميلاد، فالمبيعات أفضل مما كانت عليه في السنوات السابقة، ويشعر المالكون والمديرون بتوتر أقل بشأن عرض سلعهم علنا، بحسب "بلومبرج".
وقال أحد المديرين إنه يعرض أشجار عيد الميلاد علانية للمرة الأولى، بعدما اعتاد على الاحتفاظ بها في غرفة منفصلة في السنوات السابقة.
وفي المتجر المجاور له، قال أحد البائعين إنه وضع الأشجار في الجزء الخلفي من المتجر حتى لا يجذب الكثير من الاهتمام.
وعلى بعد أمتار قليلة، قال مدير آخر، كان متجره يتلألأ بالزخارف والنجوم، إنه ليس قلقا وأن السعوديين غير الراضين عن مثل هذا المنظر بحاجة إلى وقت ليعتادوا عليه.
لكن غضب السعوديين من مظاهر الانفتاح التي على غرار "ميدل بيست" و"موسم الرياض".. وغيرها، يبدو أنها تتنفس فى العالم الافتراضي، أكثر من الواقع خوفا من بطش السلطات الموالية بشكل مطلق لولي العهد الحاكم الفعلي للبلاد.
فبعد أن عج "مهرجان "ميدل بيست" بالكثير من الأعمال والسلوكيات المنافية للآداب والذوق العالم وتعاليم كافة الأديان، مثل الشذوذ والتحرش وتعاطي الخمور وكافة أنواع المخدرات، طالب سعوديون بإيقاف "موسم الرياض" الترفيهي.
وبحسب موقع (تويتر تريندز)، بلغ عدد التغريدات المصاحبة لهذا الوسم أكثر من 70 ألف تغريدة في وقت سابق الثلاثاء، وطالت الانتقادات مشاهد اختلاط بين الجنسين، ولشابات يرتدين ملابس تثير حفيظة فئات معينة.
لكن مؤيدين للانفتاح يصمون المعارضين بأنهم بقايا الصحوة وأنهم يعارضون رؤية 2030 التي أطلقها "بن سلمان".
وفي الثمانينيات، ظهر في السعودية ما يعرف بـ"الصحوة"، وهي حركة فكرية إسلامية نشأت بدعم من مجموعة دعاة، إبان حراكهم الدعوي "لإيقاظ الناس من غفوتهم" على حد وصفهم.
ويرى مراقبون أن "بن سلمان" يحاول استبدال العقد الاجتماعي طويل الأجل السابق بين العائلة الحاكمة والشعب في السعودية والذي كان يقضي بالطاعة المطلقة للحاكم والتنازل عن الحقوق السياسية مقابل الرفاهية من المهد إلى اللحد، بعقد اجتماعي آخر يوسع إطار الحقوق الاجتماعية والفرص الاقتصادية ورفاهية مقيدة للسعوديين مقابل الطاعة المطلقة والتنازل عن الحقوق السياسية.
ارسال التعليق