تحرير الحجاز مرادفٌ لزوال آل سعود
في الأول من فبراير/ شباط 2023، وبالتوازي مع صعود نجم "التطبيع السعودي" والتحولات الهدّامة التي ضربت مفاصل البُنى الاجتماعية والقيميّة والإسلامية في الجزيرة العربية، وتحت عنوان "الحجاز في خطر" ومن أمام سفارة آل سعود في العاصمة البرطانية لندن، أُعلن عن تأسيس البرلمان الحجازي بحضور عدد كبير من وجوه المعارضة في الجزيرة العربية.
في الذكرى السنوية الأولى لتأسيس البرلمان، تحدث رئيس البرلمان الحجازي سلطان العبدلي لـ "مرآة الجزيرة" عن أهمية التجربة التي خيضت، واصفاً إياها بـ "الثرية والمهمة والمفصلية"، ونفى أن تنحصر أهمية البرلمان الحجازي بالمعارضة السعودية، حيث أنها تتوسع لتشمل المعارضات العربية الأخرى.
وقال الباحث أن " البرلمان الحجازي بمؤسسيه وأعضاء الشرف المنضوين داخله شكلوا تجربة فريدة. إذ أنه من المتعارف عليه في المعارضات تشكيلها تنظيمات وأحزاب وحركات لكن لم تشهد أي معارضة أن شكلت برلمانا لمنطقة جغرافية بعينها. هذا لا يكون إلا للحجاز، لأن الأخير ليس لأهله فقط، وليس لعرق ولا لنسب ولا لكل من ولد فيه فقط، بل هو مهم لكل مسلم و عربي".
وأضاف الناشط الحقوقي أن "التجربة جديدة في تشكلّها ونوعها، وواجهت العديد من المصاعب. لكن جرى دعمها من قبل أطراف عديدة سواء المعارضة في الحجاز أو القطيف والأحساء وحتى المعارضة في نجد، تلك الجهات التي لا ترى في مشروعنا منافسا مشاريعهم".
ولفت إلى أنه "بعد مرور مئة عام، الناس في الحجاز فقدوا القدرة على تناول هموم الحجاز بصراحة، والقضية الحجازية ومن ورائها الآثار النبوية والمقدسات والمخاوف من محاولات اغتصابها من قبل الشركات الصهيونية. الناس في الحجاز لم تكن قد اعتادت على طرح هذه القضايا ومناقشتها، والبرلمان هو سبيل للدفاع عن الأمة".
وتابع "الحجاز ليس لفرد، ولا عرق، ولا للون، بل يهم ملياري مسلم لاحتضانه الكعبة ومكة المكرمة والبلد الحرام، ومنى والمزدلفة وجبل عرفات، وغيرها من المعالم الإسلامية وكل من يُعنى باللغة العربية وموئلها. الحجاز يجمع ولا يفّرق ويلُم ولا يشتت. هو البوصلة لأمة غفت كثيرا لاسيما بعد حدود سايكس بيكو وتأطيرها بالوطنيّات والدول القطرية".
ورأى العبدلي أن التنوع سمة البرلمان الحجازي، " سبعة من المؤسسين للبرلمان في الخارج .بالإضافة إلى، عدد من القبائل الحجازية وعدد من المنتمين إلى الأقاليم العربية كبلاد الشام واليمن. إن هذا التنوع يعكس طبيعة الحجاز وتعدديته وثقافته الفريدة". مؤكدا أن أبناء الحجاز من أكثر الناس تعرفا وتعاطيا مع باقي الشعوب والأعراق ما أكسبهم سمة القابلية على الاختلاط والانفتاح على الآخر . مشيرا إلى أنه "عندما نقول للمسلمين أنتم حجازيون هذا لأنهم يتوجهون إلى الحجاز 5 مرات في صولتهم يوميا ".
أما عن المعوقات التي واجهها المشروع الوليد، اعتبر رئيس البرلمان الحجازي أن " كل عمل جديد، لا بدّ أن يتعرض لبعض الملاحظات سواء من الدائرة الضيقة، أي مؤسسيه، أو الدائرة الأوسع. وواجبنا أن نتدارك هذه الأخطاء ونقوّمها".
ولفت إلى تعرضهم "إلى خطاب يتهمنا بالمشروع الانفصالي، وأننا نسعى إلى تشظية البلد، كما اتهمنا بالتبعية لجهات معينة ودول معينة. ولم نرد على كل تلك الادعاءات وعرضنا على كل من لديه أسئلة أو اتهامات ملاقاتنا في الجلسة البرلمانية المحددة كل أسبوع".
وتابع " من العراقيل أيضا، عدم وضوح ماهيّة ماهية البرلمان الحجازي بالنسبة لفئة من الناس، باعتباره أمرا غير مدركا هل هو دعوة للانفصال؟ أو شكل من أشكال العنصرية. وأمام هذا الأمر حاولنا من خلال استضافاتنا لشخصيات مختلفة المشارب من شبه الجزيرة العربية مثل الدكتور محمد المسعري أو الدكتور حمزة الحسن حيث دأبنا على بث الوعي حول القضية".
"شكلّ موضوع إقناع الناس بأهمية الموضوع الحجازي أحد العقبات التي واجهت المشروع، لجهة الدفاع عن كونه أمرا خاصا أو ذاتيا أو إقليميا، وبالتالي، كان علينا التأكيد على إشراكهم بالمشروع وخلق الانتماء لديهم من بوابة أممية الحجاز واحتضانه لمسجد النبي (ص) ومهد الوحي"، وفقا للعبدلي. وأشار إلى التعاطف العربي مع المشروع.
في سياق متصل، لفت المحامي الحجازي إلى أهمية تحرير المصطلحات، منبّها إلى أن إطلاق وصف بلاد الحرمين الشريفين للدلالة على "السعودية"، "أمر غير دقيق. لأن بلاد الحرمين تنحصر بمكة والمدينة المنورة، وعكس ذلك هو إقرار غير مرغوب بالنسبة لنا ولا ينسجم مع الرؤية الإسلامية".
فكرة "تحرير الحجاز" وارتباطها بقيام البرلمان:
وتطرق الحقوقي سلطان العبدلي إلى مطلب تحرير الحجاز، الذي شكل الركيزة الأساس لفكرة البرلمان، باعتباره " مطلب جديد، غابت عنه كل أطر المعارضة، فتركز عملها على المطالبة بالإصلاحات والمشاركة السياسية وتحرير معتقلي الرأي وذلك بناء على الإيمان بالدولة الوطنية التي هي إحدى آثار سايكس بيكو". ولفت أن "قضية تحرير الحجاز ساقها البرلمان الحجازي كفكرة ذكية لا تدعو للانفصال، لأنها لا تريد تشتيت الأمة. وفي نفس الوقت، الفكرة لا تدعو للانخراط في حدود سايكس بيكو ولا تؤمن بالسعودية بإطارها الحالي".
البرلمان الحجازي "فتح المجال ليدعو الناس للقبول بإنشاء فكرا آخر يعتمد على الأقاليم، التي يجب أن تأخذ حقها وأن يكون لها أخوة إيمانية وإسلامية مع باقي الأقاليم في نجد والقطيف والأحساء وحائل وغيرها".
وبيّن الناشط الحقوقي أن الحجاز الكبير يمتدّ من تبوك إلى جيزان. وأضاف "إن أهل اليمن والأغوار أقرب إلينا من نجد".
وأوضح ما سبق بالقول أنه يرتكز" على المنطلق الإسلامي، عندما أرسل النبي محمد (ص) علي ابن ابي طالب ليعلمهم أن الله افترض عليهم الزكاة تؤخذ من اغنيائهم وتردّ في فقرائهم. كما يُستدل عليه بالمنهج القائل أن الجهاد يفرض على الأقرب فالأقرب ومنهج "أنذر عشيرتك الأقريبن" "والأقربون أولى بالعروف" .
وأكد أنهم في البرلمان الحجازي "لا يؤمنون بحدود سايكس بيكو التي تقرّب بموجب المعاهدات الدولية وتبعّد من هم أقرب إلينا بالمنهج الإسلامي. وهذا ما بدأنا ببثه بالدعوة إلى تحرير الحجاز. الأمر الذي يدل على وجود ذكاء سياسي، لأن من كانت له عداوة مع آل سعود ليعلم يقينا أن ابن سعود لم يعتدِ على بلده ولم يسهم في أي انقلاب وتسليح الناس إلّا باسم الحجاز، وإلا لو كانت فقط من أجل الثروة فهذه القطر والجزائر وليبيا والإمارات وغيرها من الدول الغنية". وأردف بالقول "النظام السعودي يستخدم اسم الحجاز بكل أفعاله، وبالتالي إن تحرير الحجاز من آل سعود يعني زوال تلقائي لهم، باعتبار أن شرعيتهم شرعيتهم التي يزعمون أنها قائمة على الإسلام بالفهم الوهابي ستزول من جهة، ومن جهة أخرى سيرتاح المسلمون العرب من هذا الكيان".
أما عن وجود علاقة تربط البرلمان الحجازي والمعارضة للنظام السعودي، أكد العبدلي على وجود تعاون مع مجموعة من الجهات المعارضة الوازنة كحزب التجديد الإسلامي وشخصيات قيادية في "لقاء" المعارضة. مؤكدا على كون "البرلمان علامة من العلامات التي تقدمها المعارضة، إذ أنه جاء بفكرة جديدة لم يسبق أن تم طرحها فهو ليس حزبا بل برلمانا. كما أنه بثّ أفكارا جديدة كفكرة حق تقرير المصير الذي نصّ عليها الدين الإسلامي بعيدا عن التشتت والتشرذم".
النظام السعودي بوجهيه.. ليس مع فلسطين:
وفي تناوله للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المستمرة منذ السابع من أكتوبر، شدّد العبدلي على موقف البرلمان المتضامن مع الشعب الفلسطيني وكل من يتضامن معهم ويدافع عنهم ويؤازرهم. منوها إلى البيانات التي صدرت عن البرلمان بهذا الصدد .
أما في تعليقه على موقف النظام السعودي من الحرب، لفت العبدلي أن الأخير يتعامل مع القضية بوجهان، "الوجه الأول، يدّعي نصرته للمظلومين، لكنه، في الوقت نفسه، ضد ما يجري من غير السلطة الفلسطينية، أي أنه يجرم حماس ويقف على الضفة الأخرى من المقاومة الفلسطينية. أما الوجه الثاني، فإن أي مراقب للصحف السعودية وكتاب النظام يتمكن من تبيان بعدهم عن القضية، وسعيّهم الدأوب من خلال الكتابة والمشاركة في المساحات على منصة "إكس" والحوارات التلفزيونية لترويج وتأييد التطبيع، ودفع فلسطين الثمن". مؤكدا أن النظام السعودي يريد باسم القضية الفلسطينية أن ينتزع القضية بغرض تصفيتها.
ارسال التعليق