تسييس الحج يحرم أهل قطر من الوقوف بعرفة
مع وقوف ضيوف الرحمن اليوم على صعيد عرفات الطاهر يوم الحج الأكبر يسدل الستار على موسم ثالث للحج بلا حجاج دولة قطر الذين لم يستطيعوا إليه سبيلا بسبب الإجراءات العنصرية المعيبة من السعودية، بوضعها العراقيل الكبيرة أمام أدائهم مناسك الحج، حيث يكتفي حجاج دولة قطر بمتابعة هذا المشهد الإيماني المهيب من وراء الشاشات وعلى بعد مئات الكيلومترات وقلوبهم تحن إلى زيارة بيت الله الحرام والطواف فيه وأداء الحج والعمرة، فمنذ اندلاع الأزمة الخليجية وفرض الحصار الظالم على دولة قطر لا يستطيع حجاج دولة قطر الوصول إلى الأراضي المُقدّسة لأداء فريضة الحج للعام الثالث، فالسلطات السعودية تصر على تسييس الحج والعمرة واستخدام المناسك كوسيلة عقاب في خصومتها مع دولة قطر فهي ترفض بشكل قاطع وجود بعثة حج رسمية قطرية أسوة بباقي دول العالم. كما تمنع الخطوط القطرية من دخول أجوائها والهبوط في مطاراتها، إضافة إلى حرمان القطريين من تداول عملتهم (الريال) داخل الأراضي السعودية. فالسعودية التي أعلنت الأربعاء، اكتمال وصول حجاج الخارج، بعدد يصل إلى أكثر من 1.8 مليون، فضلاً عن صدور 235 ألف تصريح لحجاج الداخل حتى الآن، تحرم حجاج دولة قطر من الوصول إلى بيت الله الحرام.
حج غير مأمون
تتمسّك دولة قطر على الصعيدين الرسمي والشعبي بالحق السيادي وترفض الحقوق المنقوصة في ظل الوضع الحالي، حيث لم تستثنِ السعودية الراغبين بالحج والعمرة في قطر من إجراءات الحصار. وتقول لجنة حقوق الإنسان القطرية: إن “القطريين والمقيمين لا يستطيعون أداء فريضة الحج بسبب إغلاق الحدود أمام بعثات الحج والعمرة، ومنع الرحلات الجوية المُباشرة بين البلدين”. كما تشكو كذلك من منع وجود بعثة قطرية للحج تتولى شؤون الحجاج وترعى مصالحهم، حيث أحصت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر 168 انتهاكاً سعودياً لحقوق حجاج قطر في ممارسة الشعائر الدينية ممثلة في الحج والعمرة، وندّدت اللجنة بتسييس الحج واستعمال الشعائر الدينية أداة للضغط السياسي.
مراوغة سعودية مرفوضة
من جانبها، واصلت السعودية مراوغتها بخبث مُحاولة وضع اللوم على الدوحة في منعها حجاج قطر من أداء المناسك، فهي ادعت كذباً ترحيبها بالقطريين الراغبين في أداء مناسك العمرة، وتقديم الخدمات والتسهيلات لهم وذلك في شهر مايو من العام الحالي، وادعت أنها “السعودية” خصّصت رابطاً إلكترونياً لتسجيل بيانات المُعتمرين القطريين، على أن يكون وصولهم إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي بمدينة جدة، أو مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي بالمدينة المنورة. غير أن وزارة الأوقاف القطرية طالبت السلطات السعودية بإزالة كافة “العراقيل” أمام من يرغب في زيارة المشاعر المُقدّسة من مواطنين أو مقيمين بقطر. وأوضحت الوزارة أن “الرحلات الجوية المباشرة من الدوحة إلى جدة لا يزال غير مسموح بها لجميع خطوط الطيران، بالإضافة إلى استمرار إغلاق السعودية المنفذ البري الوحيد أمام ذوي الدخل المحدود أو الذين يتعذّر عليهم السفر جوّاً ممن يريدون زيارة بيت الله الحرام”. ولفتت الوزارة في السياق ذاته، إلى أنّ “السلطات السعودية لا تسمح لحملات العمرة والحجّ القطرية بالدخول وأخذ التصريحات اللازمة أسوة بحملات جميع الدول الأخرى”.
وأضافت أن “هذا يعني عدم قدرتها على تأمين سلامة وأمن وصحة المُعتمرين والحجاج، الأمر الذي يُشكّل تحدياً كبيراً، خاصةً في حالة النساء وكبار السن والمرضى”. وحذّرت الوزارة القطرية من “التحريض الإعلامي الممنهج ضد القطريين وما قد يترتب على ذلك من مخاطر”.
منع الحملات القطرية
وقال المتحدّث باسم حملات الحج القطرية يوسف أحمد الكواري: “إن السلطات السعودية لا تتجاوب مع أي تواصل أو طلبات من قِبل حملات الحج القطرية، رغم زعمها أنها لا تمنع القطريين من الحج والعمرة”. وأضاف، في تصريحات إعلامية: إن “السعودية هي نفسها التي تشترط على الحاج أن يتبع حملة رسمية تنظيمية من قِبل دولته”. وأشار الكواري إلى أن لجنة شؤون الحج القطرية هي المسؤولة عن تنسيق رحلات الحج والعمرة والحصول على التأشيرات والموافقات المطلوبة والتصاريح وتيسير جميع خدمات الحجاج والمعتمرين، ودون كل ذلك يستحيل أداء الحج. وأوضح الكواري أن المواطن القطري يتم استغلاله من قبل السعودية في موضوع الحج استغلالاً سياسياً.
إجراءات حقوقية
وأعلنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر، قبل أشهر، أنها ستشرع قريباً في طرح مسألة منع القطريين والمقيمين من الحج والعمرة على طاولة اللجان والاجتماعات الدستورية لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو). كما خاطبت اللجنة، رئيس مجلس حقوق الإنسان في دورته 13، كولي سيك، والمفوّضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة ميشيل باشيليه، بشأن الأزمة.
وكذلك خاطبت المُقرّر الخاص المعنيّ بحريّة الدين والمُعتقد بالأمم المتحدة أحمد شهيد، والمبعوث الخاص لحريّة الدين أو المُعتقد خارج الاتحاد الأوروبي جان فيغل.
السعودية تستخدم صوراً مُفبركة لحجاج قطريين
من جهتها اتهمت الهيئة الدولية لمُراقبة إدارة السعودية للحرمين النظام والإعلام السعودي وبعض الشخصيات المشهورة الناطقة باسم النظام في السعودية بنشر بيانات تحريضية وتهكّمية ضد القطريين وتنشر صوراً قديمة لحجّاج قطريين كمثال على وصول دفعة من الحجاج القطريين إلى الحج هذا العام. حيث نشر حساب يُدعى صاحبه منذر آل الشيخ مبارك صوراً قديمة لحجّاج قطريين تعود لعام 2015 مع تعليق عليها بـ ”وصلت الدفعة الأولى من حجاج قطر” مع العلم بأن السعودية تسيّس الحج وتحرم حجاج قطر من الحج للعام الثالث على التوالي.
وأضافت الهيئة بأن الإدارة السعودية تعمل على تشويه رسالة الحج السامية القائمة على العدل والمساواة بين جميع المسلمين في العالم ولم تكتف بحرمان دول إسلامية من الحج مثل قطر بل ذهبت لأبعد من ذلك بحرمانها للمقيمين الأجانب من المسلمين في دولة قطر من الحج، وطالبت الهيئة الدولية مؤسسات حقوق الإنسان الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة بالتدخل الفوري لدى الجانب السعودي لوقفه عن الاستمرار في ممارسة العنصرية ضد المقيمين الأجانب في الخليج وحرمانهم حقهم في ممارسة عبادتهم بحريّة والذي كفلته لهم جميع الأعراف والقوانين الدولية. وقالت الهيئة: إن السعودية قد ارتكبت العديد من الانتهاكات لحقوق المسلمين في ممارسة عبادتهم، وفشلت في إدارة الحج في الأعوام السابقة.
ووعدت الهيئة بأنها ستقوم بمتابعة هذا الملف وستنقله للمجتمع الدولي لفضح الممارسات السعودية التي لا تراعي ديناً أو أخلاقاً أو أي مبادئ إنسانية.
ارسال التعليق