توسيع العلاقات بين السعودية والعراق، سياسة طويلة الأمد أم تكتيكية ومؤقتة
لطالما كانت العلاقات الواسعة المتزنة والمبنية على اساس احترام السيادة في العلاقات بين الدول أمر جيد ومقبول لكن ما نستخلصه من الشواهد التاريخية ان سياسة السعودية تجاه العراق لا تشترك مع هذا المبدأ بشيء بل دائما ما كانت سياسية عدائية تنظر من الاعلى الى الاسفل.
لم تكن العلاقات السعودية - العراقية مبنية على " الثقة " ولم تكن جيدة منذ عام 2003 وحتى الآن وترجع الأسباب لانعدام الثقة بين البلدين إلى سخط الرياض من التغييرات التي حدثت في هيكلية النظام الحاكم، وتجدر الإشارة هنا بأن العلاقات السعودية مع العراق لم تكن أيضا جيدة في عهد نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. لقد سعت الحكومة السعودية بعد فترة من الحيرة والارتباك حول العراق على مدى السنوات أل 8 الماضية بأن يكون لها دوراً أساسياً في الساحة السياسية العراقية.
لم يتمكن الكيان السعودي رغم جهوده الحثيثة في موضوع تمكين وايصال الاطراف والاحزاب السنية الى مواضع القدرة ان يصل الى نتائج جيدة كما ان التنظيم الارهابي الذي دعمته السعودية بات ميت سريريا وهو يلتقط انفاسه الاخيرة, من جانب اخر لم تستطع الاطراف السنية ان تتوحد سواء على الصعيد الجماهيري او على الصعيد العملي والمهني عكس الاطراف الشيعية التي لها القدرة على ذلك بشكل اكبر من الاطراف السنية التي بقيت في اقلية بعد سقوط الطاغية صدام. لذلك تسعى السعودية في سياستها الجديدة الى تقريب وكسب بعض الشخصيات من داخل البيت الشيعي لكي تتمكن من خلال هذا الطريق الى تفتيت وتمزيق هذا التيار.
نقلا عن قناة الحدث التلفزيونية, ذكر سعد الحديثي المحلل العراقي في الشأن الاقليمي, في لقاء له مع هذه القناة عن اللقاءات بين المسؤولين العراقيين والسعوديين وقال: اقولها بثقة واطمئنان ان العلاقات العراقية السعودية تقع حاليا على الطريق الصحيح. العلاقات الثنائية بين البلدين بدأت تأخذ منحى ايجابي وتجمعهم نقاط مشتركة في الجانب الجغرافي, التاريخي والاجتماعي. للبلدين الجارين مصالح مشتركة ويواجهون تحديات امنية صعبة من شأنها ان تشكل خطرا على كلا البلدين. في الزيارة الاخيرة لرئيس الوزراء العراقي السيد حيدر العبادي الى السعودية ولقاءه بالملك وولي العهد السعودي, تم وضع أسس قوية لتعزيز العلاقات بين البلدين حيث ستطون المنطلق الجديد لتوسيع علاقات بغداد والرياض.
في حين ذكرت وكالة الانباء السعودية الرسمية, ان محمد بن سلمان, ولي العهد السعودي في لقائه الاخير مع جبار اللعيبي, وزير النفط العراقي, أكد اهتمام المملكة العربية السعودية باستقرار العراق وسعيهم الى توسيع العلاقات مع العراق في جميع المجالات. وناقش الطرفان في هذا اللقاء العلاقات والأواصر الثنائية خاصة فرص التعاون المشتركة في الجوانب الاقتصادية وفتح المعابر الحدودية وتشجيع التجارة واستثمار القطاع الخاص السعودي في العراق.
لكن هذه الأسس المشتركة وتحسين العلاقات المزعومة هل ستٌطبّق على ارض الواقع؟
السياسة العدائية للسعودية تجاه التيار الشيعي في العراق اثبتت نفسها من خلال دعم التيارات السنية المتطرفة وتقوية الارهابيين طوال سنين متوالية وفشلت السعودية في اختبارها مع العراق لذلك ارتدت قناع التعاون والأخوّة مرة اخرى لتمضي قدما بسياستها لكن هذه المرة عن طريق أخر.
لا يضمن المحللون السياسون الدوام لسياسة توسيع العلاقات هذه بين العراق والسعودية ويعود سبب ذلك الى السياسة الخارجية للسعودية القائمة على اساس الفكر الوهابي ودعم هذا النهج الضال وتضييق الخناق على الشيعة. اتباع هذه السياسة ادى الى غضب الشارع العراقي وكانت ردود افعالهم سلبية حيالها وستسوء العلاقات بين البلدين آجلا ام عاجلا. سياسة السعودية الهادفة الى الحد من قدرة محور المقاومة تتضارب مع سياسة العراق التي تسعى من جانبها الى دعم هذا المحور والقضاء على الارهاب.
كذلك نظرا الى الاغلبية الشيعية في العراق وقدرتهم على التحالف والائتلاف فيما بينهم خاصة في المنعطفات الزمنية الحرجة كالانتخابات, سيكون التيار الغالب هو التيار الشيعي وهذا ما لم يُعجب الادارة السعودية ولا يتناغم مع نياتها, لكن التجربة التاريخية لعراق ما بعد صدام تشير ان الاطراف الشيعية لها اليد العليا في المعادلة العراقية الداخلية.
وفقا للأمور التي ذُكرت يمكن الاستنتاج ان توسيع العلاقات بين البلدين دون تغيير المنهج العدائي للسياسة الخارجة السعودية تجاه العراق وخاصة تجاه المقاومة, سوف لن يُكتب له النجاح ولا يمكن ان تدخل حيز التنفيذ اذا ما استمرت هذه السياسة وسيتم كشف الثغرات المانعة لتعزيز العلاقات. مع توسيع دائرة الحروب في المنطقة من قبل مسؤولي السعودية كحرب اليمن وقمع الشيعة في مدينة الشرقية السعودية, أثبتوا تلك الظنون والمزاعم التي تقول ان تغيير سياسة ومنهجية هكذا كيان قائم على الفكر الوهابي, سوف لن يكون سوى تغيير جزئي وسطحي في ذات الاتجاه والاهداف المخفية والتواطؤ مع امريكا وحلفائها.
ارسال التعليق