حميدتي يستقوي بالرياض لقمع المتظاهرين
قال “فيرجال كين”، محرر الشؤون الأفريقية بشبكة BBC البريطانية، أن نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان، الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” هو”قائد الثورة المضادة في السودان، مشيراً إلى أن نفوذه يستمده من الخارج حيث يلعب ذلك دوراً رئيسياً في إحكامه السيطرة على مستقبل البلاد، وبدا دوره واضحاً بمجزرة فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة بالخرطوم. ورغم أن الفريق أول “عبدالفتاح البرهان” هو رئيس المجلس العسكري الحاكم بالسودان، لكن “حميدتي” هو من يتصدر المفاوضات مع الدبلوماسيين الغربيين، ويحظى بدعم قوى الإقليم المتحالفة؛ السعودية والإمارات ومصر.
ومن غير المرجح أن تفرض هذه القوى عقوبات على السودان بعد مجزرة فض الاعتصام، رغم ضغوط غربية تدفعها بهذا الاتجاه، بحسب “كين”، الذين نوه إلى أن السعودية قالت إنها مهتمة بالتطورات في السودان، وحثت المجلس العسكري والمعارضة على الدخول في حوار لحل الأزمة. وأشار إلى أن “حميدتي” التقى ولي عهد السعودية “محمد بن سلمان” في وقت سابق من مايو الماضي، ووعد بدعم المملكة ضد “كل التهديدات والهجمات من إيران والميليشيات الحوثية”، ومواصلة إرسال القوات السودانية لمساعدة التحالف العربي الذي تقوده في اليمن. ويرى محرر الشبكة البريطانية بأنه سيكون من مصلحة ولي العهد السعودي “رد الجميل” والحفاظ على علاقة قوية مع “حميدتي”.
وسلط “كين” الضوء على الخلفية السياسية لـ”حميدتي” الذي كان مقربًا للرئيس السابق “عمر البشير”، لكنه بدل ولاءه مع تصاعد الاحتجاجات ضد الأخير، نهاية العام الماضي.
وعندما بدأت المظاهرات في الخرطوم، كان “حميدتي” أول مسؤول رفيع المستوى يعبر عن دعمه لها، ويطالب الحكومة “بتوفير الخدمات والعيش الكريم للشعب. ثم تحول “حميدتي” إلى جانب دعم المعارضة عملياً، وساهم في عزل البشير، وعين نائباً لرئيس المجلس بعد يومين. واستند نائب رئيس المجلس العسكري الحالي إلى نفوذه الداخلي آنذاك كقائد لواحدة من أبرز القوات شبه العسكرية (الدعم السريع)، رغم ما تركته هذه القوات من أثر سابق يتعلق بانتهاكات مروعة لحقوق الإنسان في إقليم دارفور. وكان “حميدتي” ساهم بحشد عشائر عربية للقتال إلى جانب القوات النظامية، الأمر الذي أكسبه دعم “البشير الذي عينه قائداً لتشكيلات حرس الحدود التي تدعم الحكومة بالإقليم. وانضمت إلى تلك القوات تشكيلات شبه عسكرية، بينها “الجنجويد” سيئة السمعة، التي اتهمت عناصرها بقتل الرجال واغتصاب النساء وسرقة كل ما يمكن أن يجدوه أمامهم.
كان “جمعة دقلو”، عم “حميدتي”، أحد زعماء هذه التشكيلات التي مثلت فيما بعد نواة قوات الدعم السريع التي قادها نائب رئيس المجلس العسكري الحالي. ففي عام 2013، شكل نظام “البشير” قوات الدعم السريع لمساعدة القوات النظامية في قتال المتمردين بدارفور، وبعد مرور عام، اعترفت الحكومة بها كـ”قوة نظامية”، غير أن منتقديها يقولون إنها مجرد استنساخ لـ “الجنجويد”. ومنذ 2005، تحقق المحكمة الجنائية الدولية باتهامات لقادة الجنجويد ومسؤولين حكوميين، بينهم “البشير” نفسه، ومتمردين بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب في دارفور. ورغم أن المحكمة لم تسند لنائب رئيس المجلس أي اتهامات لكن منظمات حقوقية، بينها “هيومن رايتس ووتش”، تتهم حميدتي بالإشراف على الانتهاكات في دارفور بما في ذلك “التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء والاغتصاب الجماعي”، وكذلك الانتهاكات في نزاعات أخرى بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. وفي مايو 2014، قال “حميدتي” إن قوات الدعم السريع “كانت تحمي شعب دارفور” وحذر من أنها “ستتخذ موقفًا حازمًا ضد أي شخص يحاول تقويض أمن واستقرار المواطنين”. وأخيراً، بات نائب رئيس المجلس العسكري متهماً بالسماح لتلك القوات نفسها بقتل المتظاهرين في الخرطوم، وهو ما قابله بإعلان إطلاق “تحقيق مستقل” باستخدام الجيش للعنف في فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش. ودافع “حميدتي” أيضًا عن العنف وقمع المتظاهرين، مبرراً ذلك بتسلل “عناصر مارقة وتجار مخدرات” لساحة الاعتصام، ما فرض ضرورة “اتخاذ إجراءات صارمة”، حسب تعبيره. وإزاء الاتهامات والانتقادات الموجهة إليه، أبدى “حميدتي” إصراراً على المضي قدماً في نهجه وخريطة تحالفاته، قائلاً: “لن نسمح بالفوضى ولن نتراجع عن قناعاتنا”.
ارسال التعليق