خاشقجي: السياسات القمعية تورط السعودية بمعارك مع المجتمع الدولي
انتقد الإعلامي السعودي الشهير، "جمال خاشقجي"، تعامل المملكة خلال أزمتها الأخيرة من كندا، معتبرا أن سياسات المملكة هي من جلبت لها الانتقادات الدولية المتتالية.
وناصحا السلطات السعودية، عبر مقال له نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، اعتبر "خاشقجي" أن أفضل طريقة أمام المملكة لوقف الانتقادات الموجهة لها هي إنهاء السياسات غير الضرورية التي أساءت لصورتها، والاهتمام بقضايا حقوق الإنسان.
وقال خاشقجي: يبدو أن السعودية أخطأت في التعامل مع كندا، وهي عضو في مجموعة الدول السبع وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وحليف بارز للعديد من الدول الأوروبية، ولدولة قطر، التي تشارك السعودية في حصارها منذ يونيو/حزيران الماضي.
وفي الأسبوع الماضي، اعتقلت المملكة "سمر بدوي"، شقيقة المدون المسجون "رائف بدوي"؛ ما دفع وزارة الخارجية الكندية لإصدار بيان باللغة العربية عبر حسابها على موقع "تويتر" حث "السلطات السعودية على الإفراج فورا" عنها، إلى جانب زميلتها الناشطة "نسيمة السادة".
البيان الكندي أثار غضب السلطات السعودية ودفعها إلى اتخاذ إجراءات ضد كندا؛ حيث ردت المملكة باستدعاء سفيرها في أوتاوا، وتجميد العلاقات التجارية مع كندا، وسحب الطلاب السعوديين من جامعاتها، وحتى إلغاء الرحلات الجوية بين البلدين.
وعندما دعمت سفارة كندا في الرياض بيان حكومتها باللغة العربية، اعتبر المسؤولون السعوديون ذلك تحديا للسيادة الوطنية، وذلك على وسائل التواصل الاجتماعي المحلية، التي أصبحت على نحو متزايد ساحة معركة للسيطرة على الرأي العام الوطني وتعزيز النزعة الوطنية.
ويرى ولي العهد السعودي، الأمير "محمد بن سلمان"، أن أي معارضة علنية للسياسات المحلية السعودية، حتى تلك الفاضحة منها مثل الاعتقالات العقابية للنساء السعوديات الراغبات في الإصلاح، أمر غير مقبول.
ولا ينبغي للغرب أن يتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي، لكن عدم اكتراثه بقسوة الأنظمة العربية في سوريا ومصر، حيث تم قتل مئات الآلاف أو سجنهم، شجع على انتشار الحكم الاستبدادي في البلدان التي كان لديها تقييد إلى حد ما لاتباع مثل هذه السياسات.
وفي الوقت الحاضر، لم يعد المواطنون السعوديون يفهمون الأساس المنطقي وراء موجة الاعتقالات التي لا هوادة فيها.
فهذه الاعتقالات التعسفية تجبر الكثيرين على الصمت، والبعض الآخر غادر البلاد بهدوء.
وبالنسبة للرياض، فإن الدفاع بقوة عن سيادة المملكة يعني استخدام تدابير عقابية ضد جماعات المجتمع المدني والبلدان التي تدعمها.
وبالطبع، هناك طريقة أفضل للمملكة لتجنب الانتقادات الغربية؛ حيث يمكنها ببساطة الاعتناء بملف حقوق الإنسان، ووقف الاعتقالات غير الضرورية التي أساءت للصورة السعودية.
وسيؤدي ذلك إلى إنقاذ ما تبقى من السمعة التي كسبها ولي العهد خلال جولاته المتعددة في أوروبا والولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام.
ولا تستطيع المملكة ببساطة أن تعادي أي أجزاء أخرى من المجتمع الدولي في خضم انخراطها العسكري غير الشعبي في اليمن، ومواجهتها غير المباشرة مع إيران.
والأهم من ذلك، يتطلب التحول الاقتصادي في المملكة أصدقاء أكثر من الأعداء.
ولكي يحقق "بن سلمان" رؤيته الاقتصادية والتحويلية التي تبناها في جولته الخارجية، فإنه يحتاج إلى استخدام الطرق والوسائل التي اعتادها المستثمرون.
وإذا خشي رجال الأعمال من تأثير ردود الفعل العنيفة بشأن أي انتقاد محتمل على استثماراتهم، فإن الرؤية الجديدة للمملكة تصبح في خطر شديد.
وبدلا من أن نهاجم كندا، ألا يدفعنا ما حدث للتساؤل لماذا تحولت كندا المحبة للسلام ضدنا؟
نحن -السعوديين- بحاجة لرؤية الصورة الأكبر.
فقد أبرزت كندا وقوفها ضد انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية.
ومن المؤكد أننا لا نستطيع القبض على الناشطات من النساء بشكل تعسفي، ثم نتوقع من العالم أن يغض الطرف عن ذلك.
ولا ينبغي توجيه النقد في إلى السعودية بشأن المعتقلين فقط؛ فهناك انتهاكات لحقوق الإنسان كثيرة اقترفتها الحكومة السعودية.
وينبغي أيضا تسليط الضوء على ذبح وتجويع المدنيين الأبرياء في اليمن ومحصارة قطر؛ لأن الإخفاق في انتقاد هؤلاء يخلق جوا من شأنه تمكين حكام السعوديين من إنكار الحقوق المدنية لشعوبهم.
ويشعر العديد من العرب -الذين كانوا يسعون إلى الحرية والمساواة والديمقراطية- بالهزيمة الآن؛ حيث يتم تصويرهم كخونة من قبل وسائل الإعلام الموالية للحكومات، وتخلى عنهم المجتمع الدولي.
ولذلك، فإن موقف كندا يعيد الأمل في أن هناك جهة ما لا تزال تهتم.
ارسال التعليق