خفايا التصعيد السعودي ضد لبنان وسوريا
بيروت ـ “راي اليوم” ـ كمال خلف:
تحدث أوساط لبنانية مقربة من السعودية في بيروت لـ”راي اليوم” عن تصعيد سعودي قادم اتجاه لبنان، واستشهدت تلك الأوساط بخطاب الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الحاد تجاه حزب الله ووصفه بالحزب الإرهابي، وتلفت المصادر ان الملك سلمان لم يذكر لبنان في خطاباته منذ اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري العام 2005، وبما انه ذكر لبنان وهدد حزب الله بعد كل هذه السنوات في خطابه الأخير، فان هذه الأوساط تذهب الى اعتقاد جازم بان الرياض وضع في حسبانها مرحلة مقبلة من التصعيد والمواجهة مع حزب الله في لبنان، وتشير تلك الأوساط الى قناعة سعودية بان الحزب في لبنان يلعب دورا كبيرا في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وهو ما نفاه الحزب مرارا.ويأتي الفيديو المفبرك الذي عرضه المتحدث باسم القوات السعودية، وقناة العربية السعودية كدليل على تورط قادة حزب الله في قيادة المعارك في اليمن والذي يتضمن حديث لشخص واضح انه غير لبناني من لهجته التي يتحدث بها بالفيديو والأقرب للهجة سكان مناطق شمال شرق سورية، كتبرير للهجمة السعودية المقبلة على لبنان، رغم ان الفيديو اثار سخرية على نطاق واسع بسبب ركاكة وهشاشة تركيبته، الا ان السياق العام الذي وضع من اجله هذا الفيديو في التداول الإعلامي وبغض النظر عن سذاجته، يؤكد الاتجاهات المقبلة للتعاطي السعودي مع لبنان.وكان قضية تصريحات وزير الاعلام اللبناني “جورج قرداحي” مدخلا للتصعيد، الذي كان سوف يتصاعد على شكل خطوات غير مسبوقة، الا ان التدخل الفرنسي ونجاحه بالحصول على ورقة استقالة القرداحي قبل زيارة الرئيس ماكرون للرياض أوقف المسار مؤقتا . ولم يحصل لبنان ورئيس حكومته نجيب ميقاتي على أي من الانفراجات المنتظرة والموعودة جراء تقديم القرداحي ضحية في سبيل اصلاح العلاقات.ومع تكرار الهجمات والمواقف من الرياض ضد حزب الله ،بالتوازي مع العمل المحموم في داخل لبنان إعلاميا وسياسيا على شيطنة الحزب ، فان الأوساط في لبنان تنتظر خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الاثنين المقبل، وتخشى أوساط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ان يقوم نصر الله برد عنيف على المواقف السعودية ، يضع حكومة ميقاتي في وضع صعب، ويفتح باب المواجهة على مصاريعه في لبنان . ولا يستطيع احد في لبنان توقع ما سيقوله نصر الله، الا انه من الصعب تصور ان يقوم السيد نصر الله بتجاهل هذه الحملة وهذا السيل من الاتهامات والتصريحات ضده من قبل القيادة السعودية.يأتي كل ذلك باجواء الخطاب الصادم لمندوب السعودية في الأمم المتحدة” عبد الله المعلمي” الذي صعد المواقف ضد دمشق، وعاد الى لغة العام 2011 أي بداية الحرب في سورية، بعد خطوات من التقارب مع دمشق، وارسال عدة مبعوثين سعوديين الى سورية، واستقبال اخرين في الرياض. وهو ما ثار تساؤلات حول سبب هذا النكوص السعودي . وتشير اغلب التوقعات ان سياق ذلك لا يبتعد عن سياق التصعيد السعودي في لبنان، وان موقف دمشق من استقالة الوزير جورج قرداحي، وعدم وجود رغبة سورية في التضحية بالوزير كانت وراء رد الفعل السعودي حيال دمشق، ولم تقابل سورية التصعيد السعودي بحملة تصعيد، واكتفت بالقول ان سورية تترفع عن الرد على موظف صغير حسب كلام نائب وزير الخارجية السورية بشار الجعفري في لقاء مع قناة الميادين.ويبدو ان دمشق غير راغبة بتأزيم الموقف مع الرياض، الا ان مثار التساؤل الأكبر جرى بعد ان قامت البحرين امس بتعيين سفير فوق العادة في دمشق، بعد أيام من المواقف السعودية الحادة تجاه سورية والرئيس بشار الأسد، واذا كانت البحرين كما هو معروف لا تخرج عن اطار السياسة السعودية في كل شؤونها الداخلية والخارجية، فماذا تعني خطوة البحرين في هذا الظرف؟ وهل تحركت البحرين بشكل مستقل عن السعودية في التقارب وتعيين سفيرا فوق العادة في دمشق؟ ولماذا لم تنتظر المنامة لوقت وظرف اخر، على الأقل مرور زمن على المواقف السعودية المتشددة تجاه سورية، تلك تساؤلات ملحة لمعرفة ما يجري في كواليس السياسة، وما سوف تفضي اليه هذه المستجدات.
ارسال التعليق