خلافات بين مسئولي نظام آل سعود حول مصير موسم العمرة
التغيير
علم “التغيير” من مصادر حكومية رفيعة عن وجود خلافات داخل الديوان الملكي، حول بدء موسم العمرة للعام الهجري 1442هجري والذي من المقرر الإعلان عنه خلال الأيام المقبلة.
وكشفت المصادر الرفيعة – التي فضلت عدم الكشف عن هويتها – طبيعة الخلافات النابعة من الأزمة المالية التي تعصف في مملكة آل سعود واقتصادها وفيروس كورونا الذي لا يزال ينتشر في أرجاء المملكة.
وقالت إن هناك فريقا داخل الديوان الملكي يدعم بدء موسم العمرة بشروط؛ في محاولة لاستعادة النشاط الاقتصادي المتردي داخل المملكة، ولتفادي الضغط الشعبي إزاء توقف شركات السياحة والفنادق والعقارات والتجارة وغيرها.
وذكرت أن الفريق الآخر يدعم تأجيل أو إلغاء موسم العمرة، نظرا لخطورة فيروس كورونا وإصابة عدد من أفراد العائلة المالكة وأكثر من ربع مواطن بالفيروس، وتردى أوضاع المستشفيات بمملكة آل سعود وضعف قدراتها على علاج المعتمرين الوافدين.
وأشارت المصادر إلى أن حالة الخلافات مستمدة أيضا من الخطورة الصحية للملك سلمان بن عبد العزيز وغيابه عن الديوان الملكي، وتسلط ولى العهد نجله محمد على مفاصل الحكم داخل المملكة.
وكشف المصادر النقاب عن إصابة عدد من الحجاج الذين أدواء مناسك الحج مؤخرا بفيروس كورونا، رغم الاحتياطات الصحية المشددة، وهو ما دفع للخوف من انتشار الفيروس في الديار المقدسة.
وقوبل القرار المنفرد من المملكة بإلغاء موسم الحج لهذا العام بانتقادات واسعة من أوسط الدول الإسلامية الإفريقية.
وكانت الهيئة الدولية للرقابة على إدارة آل سعود للحرمين أدانت خطط النظام السعودي لإلغاء موسم الحج لهذا العام بدعوى منع تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد في ظل عدم استشارة الرياض أي من الدول الإسلامية في هذا القرار غير المسبوق.
وأكدت الهيئة الدولية التي تتخذ من جاكرتا مقرا لها على أنه لا يجب ترك مصير موسم الحج لسلطات آل سعود لتقرر به بشكل منفرد والحاجة إلى أوسع تشاور إسلامي شامل يخرج برؤية موحدة بشأن إدارة الحرمين في هذه المرحلة.
وقال رئيس مجلس علماء هيئة مراقبة الحرمين في ماليزيا الشيخ عزمي عبد الحامد، إنه من المؤسف إصرار النظام السعودي الاستفراد باتخاذ قرار غير مسبوق وعلى هذه الدرجة من الخطورة بشأن إلغاء موسم الحج دون استشارة أي دولة إسلامية.
وشارك نحو 1000 حاج مقيم داخل المملكة في مناسك الحج التي بدأت يوليو الماضي، مقارنة بنحو 2,5 مليون مسلم حضروا العام الماضي، بعد عملية اختيار قامت بها سلطات آل سعود واعتبرها البعض مبهمة، إذ شهدت قبول طلبات ورفض أعداد كبيرة أخرى.
ويُعد الحج من أكبر التجمعات البشرية السنوية في العالم، وبؤرة رئيسية محتملة لانتشار الأمراض وبينها فيروس كورونا المستجد، ويمثل تنظيمه في العادة تحدّياً لوجستياً كبيراً، إذ يتدفّق ملايين الحجاج من دول عديدة على المواقع الدينية المزدحمة.
وكانت سلطات آل سعود أوجبت إخضاع الحجاج لفحص فيروس كورونا المستجد قبل وصولهم إلى مكة، وسيتعين عليهم أيضاً الحجر الصحي بعد الحج.
لكن معطيات إحصائية، قدرت خسائر المملكة جراء تعطل موسم الحج لهذا العام 2020 جراء أزمة فيروس كورونا، بنحو 10 مليارات دولار.
وأظهرت المعطيات التي أطلعت عليها “التغيير” بأن مجموع الحجاج الذين أدوا فريضة الحج العام الماضي 2019م بلغ 2.37 مليون حاج منهم 1.86 مليون حاج من جميع دول العالم، وقد بلغ إنفاق السياحة في هذا الموسم 9.7 مليارات دولار.
وتبين أيضا أن عدد الذين أدوا الحج عام 2018 نحو 2.49 مليون حاج، بينهما 1.76 مليون حاج من جميع دول العالم، وقد بلغ إنفاق السياحة في هذا الموسم 8.8 مليارات دولار.
وبحسب مراقبون فإن خسائر المملكة ستبلغ هذا العام نحو 10 مليارات دولار جراء تعطل موسم الحج لهذا العام.
ويواجه الاقتصاد السعودي أزمة مزدوجة تتمثل في تفشي فيروس كورونا بالتزامن مع هبوط حاد في أسعار النفط، وهو ما دفع المملكة لسلسلة إجراءات قاسية تعكس مدى الخطر الذي يهدد أسس دولة الرفاهية.
وقررت المملكة في مايو/ أيار المنصرم إيقاف بدل غلاء المعيشة بدءا من شهر يونيو/حزيران ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من الأول من شهر يوليو/تموز لعام 2020، عدا عن السماح بتخفيض رواتب آلاف الموظفين في القطاع الخاص إلى 40% مع إمكانية إنهاء عقود الموظفين.
وكشفت أرقام وبيانات جديدة نشرها البنك الدولي مؤخراً عن ارتفاع صاروخي في مديونية آل سعود خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزير المالية محمد الجدعان أن حكومته ستقترض 220 مليار ريال (58 مليار دولار) خلال العام الحالي، وهو ما يعني أن المديونية العامة للمملكة تتجه لتسجيل أرقام قياسية غير مسبوقة.
وفي حال نفذت المملكة خططها لاقتراض 58 مليار دولار جديدة خلال العام الحالي فهذا يعني أن المديونية العامة للمملكة ستكون قد بلغت ربع تريليون دولار أمريكي مع نهاية 2020.
والرقم السابق يضاف إليه المديونيات الداخلية التي تقوم بتنفيذها الحكومة عبر طرح سندات محلية أو من خلال البنوك العاملة داخل المملكة.
وقالت مجلة أسبوعية فرنسية: إن فشل مشاريع ولى العهد محمد بن سلمان داخل المملكة وخارجها، يحتم على المواطنين السعوديين التعايش مع التقشف والأزمة الاقتصادية الحادة.
واعتبرت أسبوعية “جون أفريك” الفرنسية، أن الأزمة الصحية والاقتصادية الناجمة عن فيروس كورونا، وانهيار أسعار النفط، بالإضافة إلى انغماس المملكة في المستنقع اليمني، بمثابة ملفات أضعفت الطموحات الفرعونية لابن سلمان وأدخلتها في نفق مظلم.
ورأت “جون أفريك” أنه بات على السعوديين اليوم التعايش مع التقشف، بعد أن فُرضت عليهم حزمة من التدابير الصارمة والإجراءات الحكومية القاسية.
وداخل المملكة، قالت “جون أفريك” إن الضغط المالي المتزايد على العائلات بمملكة آل سعود من شأنه أن يطفئ نجم ابن سلمان- الذي وعد بالكثير – غير أنه من الواضح أنه لا يمكنه الوفاء بالتزاماته.
ولتلاشي هذا الأمر، أكدت المجلة الفرنسية أن ابن سلمان حرص على فرض دولة بوليسية على نطاق غير مسبوق في المملكة مع جهاز مراقبة شاملة وجهاز دعاية، خاصة على الإنترنت.
ومؤخرا، فرضت الهيئة العامة للجمارك في المملكة، رسوم جمركية على نحو 3 آلاف سلعة مختلفة، تراوحت نسبة الرفع الجمركي عليها بين 3 و25 بالمائة.
كما أعلنت وزارة الإسكان بمملكة آل سعود، لجمهورها العسكريين والمواطنين، وقف مدفوعات اثنين من برامجها لدعم الرهن العقاري في الوقت الذي تتطلع فيه إلى خفض التكاليف.
وقالت وزارة الإسكان على موقعها الإلكتروني إنه سيتم تعليق برنامج القروض بدون فائدة للعسكريين الذي يغطي 20% من العقار، أو ما يصل إلى 140 ألف ريال سعودي (37 ألف دولار). كما تم إيقاف خطة أخرى تقدم للمواطنين مساعدة تصل إلى 95 ألف ريال أو 10% من الممتلكات.
ارسال التعليق