سقوط النظام السوري بأعين الذباب السعودي
فور إعلان وقف إطلاق النار في لبنان، اقتحم الحدث السوري المشهد السياسي من جديد وبكل ثقله. فاجأت ما تُسمى هيئة تحرير الشام الجميع بتنفيذ عملياتها المباغتة بدئا من حلب، وخلال أيام قليلة سيطرت الهيئة على الحكم في دمشق، بدون أي قتال يذكر.
بطبيعة الحال، حدث بهذا الحجم وبالتوقيت المختار لم يكن بريئا ونتيجة الصدفة المحضة، وسيكون له انعكاساته على مستوى المنطقة. واستأثر سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد على اهتمام الرأي العام العربي والإسلامي.
في "السعودية" اتفقت جموع المطبلين والمثقفين المفترضين والساسة والإعلام على اعتبار ما حصل أمرا إيجابيا، سواء من زاوية تحقيق ما يعتبرونه مصلحة للشعب السوري، أو من زاوية طائفية سياسية، حيث مثّل سقوطه -في نظرهم- إضعافاً لإيران ومحور ايران.
يمكن رصد وجود حالة من عدم اليقين العام بشأن المستقبل، وقلق غير قليل، ومساحة من الإنتظار. بعضهم لأنه لا يثق بالجولاني باعتباره قاعدياً سابقاً، واسلاموياً، والنظام السعودي ضد وصول أي قوة لها مسحة إسلامية إلى السلطة، لأن ذلك يُنعش آمالاً لأمثال الجولاني في "السعودية" وغيرها، من ذوي الاتجاهات السلفية وغير السلفية.
ثم هناك قلق من انبعاث الدور التركي، وهو قلق يبدو ملازما للمستقبل السياسي المنظور للمنطقة.
بالإضافة إلى وجود بعضٌ ثالث قلق من فشل التجربة السورية على غرار التجارب الأخرى في ليبيا مثلاً. وهناك قلّة تدرك أن القلق الأكبر هو على مستقبل موقع سوريا الاستراتيجي من خارطة الصراع في المنطقة، خاصة بعد الهجوم الصهيوني غير المسبوق، وتدمير كل البنى التحتية ومخازن الأسلحة والطائرات والسفن الحربية والقواعد الجوية وغيرها، والتقدم برّاً واحتلال مناطق وقرى سورية حتى بلغت قوات الصهاينة على بعد عشرين كيلومتراً من دمشق.
فما يخص الموقف الرسمي السعودي، فقد عبّرت الخارجية السعودية عن "ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري". ودعت في بيان، الأحد الماضي، (لم تذكر فيه الأسد، أو الجولاني، أو تركيا)، الى الوحدة والتلاحم الشعبي السوري صوناً للسيادة ووحدة الأراضي السورية. كما دعت الدول الأخرى الى مساندة سوريا في هذا الظرف، وهاجمت المليشيات الأجنبية الذي قال البيان انها جاءت لفرض أجندات خارجية على الشعب السوري. واخيراً تمنّى البيان ان تعود سوريا الى موقعها الطبيعي في العالمين العربي والإسلامي.
وفي حين كانت صحيفة الشرق الأوسط السعودية تتحدث عن (الأسد الذي يهرب من عرينه). كانت الاندبندنت عربية، الرسمية السعودية، تكتب بأن سقوط الأسد يمثل فرصة لإضعاف محور ايران.
إن الحديث عن تقسيم سوريا لم يتوقف بسقوط النظام السوري. عثمان العمير، ناشر موقع إيلاف، وأحد المقربين من العائلة المالكة، كتب تغريدة قبل أيام قليلة من سقوط الأسد جاء فيها بمعلومات غير موثوقة ومؤسفة في آن تقول بأن سوريا مقبلة على التقسيم.
وأضاف العمير في إشارة إلى ابتهاجه، وكأنه انفصل عن زمانه ومكانه "يشعر مَنْ كان في مرحلتنا العمرية، بالفخر والابتهاج وقد عاش عصر الطغاة، بل وشهد نهاياتهم المُذلة، التى أفرحت من ظلموهم، ومن أزهقوا أرواح أحلامهم وآمالهم وتطلعاتهم للعيش الآمن .فضلا عن مساهمتهم في خراب الأمم".
وهلل للموقف السعودي بالقول "موقف الرياض يجسد توجهاتها للاستقرار والتطوير للمنطقة. والمبادرة الآن بيد العهد الجديد في اعتبار هذه الثورة لكل الشعب السوري بكافة اطيافه."
وزعم ناشرا وجود وثيقة تؤكد تضحية" إيران ببشار الأسد كما فعلت مع حماس ثم حزب الله"
الكاتب في صحيفة الشرق الأوسط، ومدير قناتي العربية والحدث سابقاً، كتب مقالاً بعنوان: هل يتخلص السوريون من إرث ستين عاماً سيئة؟ لفتنا فيه مديحاً للجولاني، او أحمد الشرع، حيث قال عنه انه شخصية لا تشبه احداً ممن حكم سوريا منذ نصف قرن، حيث قال كلاماً جامعاً وعادلاً ورحيماً، وأظهر شخصية قيادية حكيمة. (٤٢) وختم مقالته بسؤال مهم: هل سقوط الأسد يعني اننا امام بداية سوريا موحدة، وان ثورتها لا تشبه ثورة ليبيا ولن تلقى مصيرها؟ "
ومن باب التلاطف و"الخبز والملح" قام الراشد بالتأكيد على أهمية ما صرّح به "وزير الخارجية الإسرائيلي: أكدتُ على أهمية حماية الأقليات في سوريا خلال إحاطة صحفية عقدتها صباح اليوم في وزارة الخارجية. وكما شهدنا في منبج أمس، يجب أن تتوقف الهجمات على الأكراد! نحن نناقش هذا الأمر مع الإدارة الأمريكية ودول أخرى. وباعتبارهم (الأكراد) قوة استقرار في سوريا، فإن المجتمع الدولي مدين بالتزام أخلاقي لأولئك الذين قاتلوا بشجاعة ضد داعش"!
وشارك موقف "ألمانيا: معاملة هيئة تحرير الشام للأقليات في سوريا ستحدد موقفنا منها وزارة الخارجية الألمانية اليوم الاثنين: كيفية معاملة هيئة تحرير الشام للأقليات في سوريا ستحدد موقفنا منها."
وفي تغريدة أخرى له كتب "بدلا من إعطاء الشعب السوري فرصته ليقول كلمته ويقرر بنفسه.. ايران تصف الثوار بالجماعات المسلحة وأنهم بداية فتنة اليس هذا ما يحدث في العراق جماعات مسلحة"، هذا ويُشار إلى أن قناة العربية تتبنى توصيف "بالجماعات المسلحة"
تركي القبلان، صاحب مركز دراسات وهمي، ويُعرّف نفسه بانه محلل سياسي مُرخَّصْ يعني لديه إجازة حكومية بأنه يحق له التحليل السياسي ـ القبلان كغيره تغنى ببصيرته وموقفه المبدئي من "الثورة" و"بالمرة" روّج لديوانه "مدينة لا يزورها إلا المطر" فكتب "عايشنا أحداث الثورة السورية منذ بدايتها بكل آلامها وتطورات المشهد السوري بكل تفاعلاته ، واليوم يحتفل الشعب السوري الشقيق بأهم منجزات ثورته ، وهنا اتذكر تفاعلي في وقت مبكر من انطلاقة الثورة وذلك عندما تم قتل حمزة الخطيب_طفل سوري (13 عاماً) من محافظة درعا_ تعرض للتعذيب الجسدي حتى فارق الحياة 2011 ليلتها لم أنم وكتبت قصيدتي الأولى في أحداث سوريا "عارٌ قد جنى" على لسان أطفال سوريا وتم نشرها في حينه على العربية نت.
الجزيرة وهي ضمن ديواني "مدينة لايزورها المطر" . تلاها بعد ذلك قصيدة بعنوان"لهفي على الشام" ونشرتها في ذات الديوان أيضاً . اسأل الله أن يحفظ سوريا وشعبها الغالي ويهديهم طريق الرشاد"
وباعتباره من خبراء الحضارة والقيم نظّر القبلان مبادرا بتعريق شعب حضارة "هندسة سقوط النظام السوري كان بأقل كلفة بشرية من كلفة تشبثه بالحكم . يحسب لرئيس مجلس الوزراء السوري في نظام الأسد شعوره بالمسئولية وعدم انهياره والتزامه تجاه إعلانه المحافظة على أجهزة ومؤسسات الدولة أمام الشعب السوري . تصرف قيادة العمليات العسكرية بإبقاء المؤسسات الرسمية تحت مسئولية رئيس مجلس الوزراء السابق لحين تسليمها يترجم التحلي بالحكمة وبعد النظر وعدم التصرف بعقلية المنتصر في هذه المرحلة الحساسة" .
وأكمل باستحضاره التاريخ مشخصا المشطلة بأنها "تتعلق بصميم عقيدة حزب البعث بشقيه السوري والعراقي قائمة على التكتم والتعتيم وهذه لها شواهد كثيرة عبر تاريخه وقد أضرت الحزب فيما بعد بشكل مباشر وتحولت إلى دليل إدانة في مواقف عدة ، نتذكر نفى الصحاف قبل سقوط بغداد 2003 بساعات معدودة واذا بالنتيجة المدوية بعدها ، الحال كذلك في سوريا بدءاً من سقوط حلب ومن ثم المحافظات التي تلتها وصولاً إلى أسوار دمشق المنهجية الإعلامية واحدة ."
وبنفس لا يخلو من الطائفية كتب ما يعتقده شعرا "دمشق تبكي معاوية الذي ما بينه والناس شعرة لا تستثار"
عضوان الأحمري، رئيس هيئة الصحفيين، ومدير موقع اندبندنت عربية السعودي الرسمي، سأل بعد سقوط الأسد: أين داعش؟ لم يظهر ويفسد فرحة السوريين ويقوم بحماية بشار الأسد والدفاع عنه. أحداث سوريا غريبة، سقوط بشار السريع غريب، تخلي إيران وروسيا أغرب. فرحة السوريين هي الأجمل وما قامت به الجماعات المسلحة من الإبقاء على مؤسسات الدولة خطوة ذكية والمهم الاستمرار واللا انتقام"
وفيما كتب قصد واضح بالدلالة على أن داعش أداة في يد النظام وصنيعته، وهي على العكس من ذلك أداة أميركية بتمويل ودعم دول الخليج، سيما "السعودية".
عضوان الأحمري المُبتهج كتب "انتهى بشار الأسد، وانتهت فترة حكم الاغتيالات الدموي وما تبقى من البعث وبوابة الكبتاجون. سقوط نظام الأسد يعني لا عودة لحزب الله في التحكم بلبنان وقطع طريق الإمداد والتموين. فتح العرب أبوابهم وصدورهم له فجاء في القمة العربية نافخاً صدره بزهو المنتصر. عام واحد ثم سقط."
مع قادم الأيام، ومع ما ستكشفه الساحة السورية من تطورات على المستوى السياسي والأمني والعسكري وحتى يأذن الله، يمكن الجزم بأن الاحتلال الإسرائيلي تمكن من القضاء على كل السلاح الاستراتيجي التي امتلكته سوريا على مدى سنوات، بالإضافة إلى ضرب المصانع والمطارات العسكرية ومنظومات الدفاع الجوي.
قد نكون أمام سوريا جديدة، سوريا ضعيفة عسكريا، مقسمة طائفيا، منزوعة القوة، وبلا قرار سيادي.
ارسال التعليق