رؤية محمد بن سلمان سراب (مترجم)
تولي الأمير محمد بن سلمان، منصب ولي العهد في يونيو الماضي، كان بمثابة اختبار لمراقبي المملكة الصحراوية، فيعتبره بعض السياسيين بمثابة المنقذ لمملكته التي تتبع نظاما قمعيا، حيث دفع الكثير من المال إلى الشعب على هيئة رعاية اجتماعية، لكن صعوده إلى السلطة قد يزعزع استقرار المنطقة.
يهيمن الأمير البالغ من العمر 31 عاما على السياسة والاقتصاد والدبلوماسية السعودية، ويعد صاحب فكرة حرب اليمن والمقاطعة الخليجية لدولة قطر، والده العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، البالغ من العمر 81 عاما، لا يتمتع بصحة جيدة، يمشي على عصا، لكنه دفع بابنه السابع ليصبح أصغر وريث للعرش في تاريخ المملكة.
أثبتت الأشهر الأولى لبن سلمان أنه شخص غير موثوق به، وبالتالي فإن المستقبل ليس جيدا معه، وكان انقلاب بن سلمان داخل القصر الملكي غير دموي، فهو مجرد لعبة العروش، وقد وضع أعمامه الأقوياء ومنافسيه تحت الإقامة الجبرية.
يمكن استخلاص الصراع داخل القصر الملكي عبر التقارير الصادرة من داخله، حيث هناك ادعاء بأن المنافس الرئيسي على العرش لبن سلمان لديه مشكلة في إدمان المخدرات، كما شنت السلطات السعودية في الأسبوع الماضي حملة على المعارضة، واستهدفت المفكرين الإسلاميين والنقاد والمنافسين السياسيين.
وأمرت السلطات بنقل اثنين من رجال الدين البارزين؛ لعدم إعلان ولائهما وتأيديهما لموقف ولي العهد تجاه قطر، وكلا الرجلين معروفين لدى الجمهور السعودي ولهما متابعين على موقع تويتر.
وقررت السلطات أيضا منع صحفي آخر من كتابة أعمدة الرأي، في حين صدرت أحكام في حق نشطاء حقوق الإنسان بالسجن لمدة تصل إلى ثماني سنوات.
يعد هذا التعصب والتشدد للمعارضة والنقاد بمثابة جنون العظمة، وإذا كان هناك وقت للمجتمع السعودي للنقاش حول كيفية المضي قدما في المستقبل وسط هذه التطورات، فمن المحتمل أن الوقت قد حان الآن.
كانت السعودية مهد فكرة الجهادية، التي أصبحت مصدرا للقلق العالمي، لكن فيما يخص الشأن الداخلي، تعاني المملكة من الفوضى، فرغم أنها أكبر مصدر للنفط في العالم، تعرضت لخدعة كبيرة بعد انخفاض أسعار النفط عالميا في عام 2014، ما أجبر الرياض على إنفاق نحو 200 مليار دولار من احتياطات النقد الأجنبي لتغطية العجز، وردا على ذلك، أطلق ولي العهد خطته الإصلاحية والتي تتضمن خصخصة الشركات الحكومية وتخفيض الإعانات، ولكن هذه التحركات هددت الرعاية الاجتماعية التي تتبناها الأسرة الحاكمة.
اضطرت السعودية على الصعيد العالمي مواجهة العديد من الصعوبات والتي أثبتت عدم كفاءتها، خاصة في حرب اليمن، والحصار على قطر، وكان الهدف منهما، الحد من نفوذ إيران في العالم العربي، لكن كليهما لم ينجح وتسببا في إحراج بن سلمان.
تحاول الرياض الآن جذب القيادة العراقية نحوها، وانسحبت من سوريا تاركة مستقبل دمشق بين أيدي موسكو وأنقرة وطهران، والآن تواجه خيارا صعبا في أفغانستان بين حليفتها باكستان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
قد يكون لولي العهد رؤية، لكن فقدانه الكبير للحكمة سيقود إلى تحويل هذه الرؤية إلى سراب.
بقلم : ريهام التهامي
ارسال التعليق