رغم رفضه عرض الهلال.. #ميسي لن يوقف مهمة غسل سمعة النظام #السعودي
محاولات السعودية للغسيل الرياضي لإضفاء الشرعية على نظامها وصرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد لاعب كرة قدم واحدعندما تمّ التأكيد في وقت سابق من هذا الشهر على أن ليونيل ميسي سيغادر ناديه الفرنسي باريس سان جيرمان في نهاية الموسم، كانت هناك تكهنات كثيرة حول المكان الذي سيتوجه إليه بعد ذلك.
وانتشر على نطاق واسع أن العرض الأول جاء من السعودية لميسي للانضمام إلى الهلال في عقد مربح للغاية في المنطقة بموسم 400 مليون دولار.
لكن كما اتضح، فضّل نجم كرة القدم الأرجنتيني الانتقال إلى الولايات المتحدة للعب في إنتر ميامي.
هذا الأمر يجعل ميسي استثناءً في رفض الثروات المعروضة في صيف يعِد بأن يكون أحد عمليات الاستحواذ باهظة الثمن للاعبين لأندية كرة القدم السعودية، وفق تقرير لموقع ميدل إيست آي.
وانتقل المهاجم الفرنسي كريم بنزيما إلى الاتحاد في وقت سابق من هذا الشهر، ومن المقرر أن ينضمّ إليه مواطنه نجولو كانتي، وانضم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر أواخر العام الماضي. وسيصل المزيد من اللاعبين تباعاً.
في سن 35 عامًا، لم يعد ميسي نفس القوة الطبيعية التي كانت تثير الخوف لدى المدافعين مع كل لمسة للكرة.
ومع ذلك، فقد وصل ميسي إلى ذروته في مسيرته المهنية قبل أشهر قليلة فقط، حيث قاد بلاده إلى المجد في كأس العالم في قطر في ديسمبر 2022، ويعتبره العديد من المشجعين والمعلقين أحد أعظم لاعبي كرة القدم على الإطلاق.
وعلى الرغم من أنه ليس عودة إلى نادي برشلونة، الذي حقق معه كثيراً، أو حتى نادي طفولته Newell’s Old Boys، فإنه سيكون هناك ارتياح من المشجعين على النجم الذي كان يأمل في فصل أخير أكثر رومانسية في مسيرته الكروية.
على الرغم من رفض العطاءات الأكثر ربحًا التي قدمها الهلال، يقال إن الانتقال إلى ميامي يشمل التعاون التجاري مع علامات تجارية مثل Adidas وApple.
ولم يكن هذا مفاجئًا لأولئك الذين أولَوا اهتمامًا وثيقًا بمصالح ميسي التجارية، وهو يعلن عن كل شيء من بدويايزر إلى العملات المشفرة.
وكان رجل باريس سان جيرمان السابق بالفعل ثاني أعلى رياضي ربحًا، حيث بلغ إجمالي الدخل من راتبه وصفقات الرعاية 130 مليون دولار، أي فقط بضعة ملايين أقل من رونالدو صاحب الدخل الأعلى.
وجادل العديد من المعلقين والصحفيين بأن دخل ميسي الكبير من صفقات التأييد المختلفة، بالإضافة إلى عقد اللعب، يجب أن يعني أنه قادر على حماية إرثه دون الحاجة إلى مطاردة الحوافز المالية التي قد تلوث سمعته.
ومع ذلك، على الرغم من حقيقة أنه -في الوقت الحالي- لن يلعب في السعودية، فإن علاقته بالمملكة ستستمر. بعد أن زار ولعب هناك مع كلٍّ من النادي والبلد عدة مرات، مثل ميسي أيضًا فيزيت السعودية كسفير للسياحة منذ مايو 2022.
وكان وزير السياحة السعودي، أحمد الخطيب، قد رحّب به في ذلك الوقت برسالة: “نحن متحمسون لك لاستكشاف كنز البحر الأحمر، وموسم جدة 2022، وتاريخنا العريق. هذه ليست زيارته الأولى للمملكة ولن تكون الأخيرة”.
وقال لاعب كرة القدم السعودي السابق سامي الجابر: “إنها خطوة مميزة وفريدة من نوعها أن يصبح ميسي سفيراً للسياحة السعودية نظراً لتأثير اللاعب الذي سينعكس إيجاباً على مكانة جدة كوجهة سياحية”.
لكن قرار ميسي بأن يصبح وجه موقع Visit Saudi دفع أيضًا أسر سجناء الرأي السعوديين إلى كتابة خطاب مفتوح للاعب، قالوا فيها: “أنت بطل للملايين، يرجى استخدام هذا الوضع للأبد”.
وأضافت الأسر: “دافعوا عن حقوق الإنسان وقولوا لا لسفاحي جمال خاشقجي ولوحشية النشطاء السلميين في المملكة العربية السعودية”.
الرسالة، التي بعثت بها منظمة جرانت ليبرتي المدافعة عن حقوق الإنسان، زعمت أيضًا أن النظام السعودي كان يستخدم صورة ميسي “لغسل سمعته”، وأن قبوله في مقدمة الحملة السياحية سيكون في الواقع قول نعم لجميع انتهاكات حقوق الإنسان التي تجري اليوم في المملكة العربية السعودية الحديثة.
ولم تلقَ المناشدات آذانًا صاغية، ويستمر ميسي في أداء دور السفير الذي تبلغ قيمته 6 ملايين دولار في برنامج Visit Saudi.
لكن محاولات السعودية للغسيل الرياضي -وهي ممارسة تستخدمها الحكومات القمعية لإضفاء الشرعية على أنظمتها وصرف الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان- تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد لاعب كرة قدم واحد.
وأكمل صندوق الثروة السيادية السعودي، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، صفقة شراء نادي نيوكاسل يونايتد في أكتوبر 2021. وفي الأسبوع الماضي، أكمل الصندوق أيضًا الاستحواذ على أربعة أندية في السعودية، بما في ذلك الهلال والاتحاد.
المليارات المستثمرة في هذه المشاريع وغيرها لا تتعلق فقط بالرغبة في تحويل المملكة إلى مركز رياضي عالمي جذاب.
إعادة صياغة، أو غسل -كما يراه بعض النقاد- السمعة العالمية للبلاد هي جزء من الإستراتيجية السعودية. نهجها في الاستثمار التكنولوجي هو موازٍ مثير للاهتمام، حيث استحوذ صندوق الثروة السيادية السعودي مؤخرًا على حصص في أمازون وجوجل ومايكروسوفت وأوبر وزوم.
من المؤكد أن هناك حسابات مفادها أنه كلما أصبحت السعودية أكثر انخراطًا في النسيج الثقافي والترفيهي العالمي، أصبح من الصعب انتقاد المملكة، ناهيك عن نبذها، بشأن القضايا السياسية، مثل الحرب في اليمن.
على الرغم من أن المشجعين في السعودية لن يحظوا بفرصة مشاهدة ميسي يلعب في دوري الدرجة الأولى المحلي على أساس أسبوعي، فإن هناك منعطفًا مثيرًا للجدل يقترب بسرعة.
في سبتمبر 2024، من المتوقّع أن يقرر الفيفا من سيستضيف كأس العالم في عام 2030. وتقود السعودية عرضًا مشتركًا، إلى جانب مصر واليونان، لاستضافة البطولة. يمكن للمرء أن يفترض بأمان أن استثمار النظام السعودي الثقيل والمفاجئ نسبيًا في كرة القدم على مستوى العالم هو أيضًا جزء من طموحه لإحضار الحدث الدولي الرائع إلى الشواطئ السعودية.
بينما قاوم ميسي المزيد من المكاسب المالية من رعاياه السعوديين في الوقت الحالي، فإن عملية المزايدة تضعه في موقف صعب. كما ستقدم الأرجنتين موطنه عرضًا، إلى جانب أوروغواي وتشيلي وباراغواي، مما يضعهم في منافسة مع البلد الذي يمثله كسفير للسياحة.
على الرغم من مقاومة الانتقال إلى دوري المحترفين السعودي، فلا يزال ميسي موجودًا بشكل غير مريح في فلك التأثير الذي تركته المملكة على الرياضة بأكملها.
ارسال التعليق