صلبان في سماء الحرمين.. ابن سلمان ينتهك مقدسات السعوديين وعاداتهم
صلبان وفتيات غير محتشمات يتمايلن ويرقصن بخلاعة في أحضان الرجال، واختلاط وتحرش وظهور شواذ جنسيا في وصلات مجون غير مسبوقة في عاصمة بلاد الحرمين الرياض.
هذه أحدث مظاهر الترفيه في مهرجان الموسيقى الأضخم على مستوى منطقة الشرق الأوسط، “ميدل بيست ساوند ستورم 2022″، الذي تواصلت فعالياته الماجنة بين 1- 4 ديسمبر/ كانون الأول 2022.
“Soundstorm” أو العاصفة، كان شعار المهرجان الذي نظم ضمن موسم الرياض الترفيهي، وشهد على مدى أيامه الأربعة حضور عدد واسع لسهراته التي امتدت حتى اختلط صخبها مع أذان الفجر في منطقة “بنبان” بالضواحي الشمالية لمدينة الرياض.
وأعلنت هيئة الترفيه السعودية، المسؤولة عن تنظيم الفعالية، بعد انقضاء اليوم الرابع، أن أكثر من 732 ألف شخص حضروا مهرجان “ميدل بيست” السنوي، غالبيتهم من الشباب السعودي.
مجون غير مسبوق:
سعوديون انتقدوا بشدة ظهور صلبان في سماء المهرجان الذي ظهر فيه أيضا فتيات بملابس مقززة خادشة للحياء وشباب يرقصون مرتديين ملابس نسائية، ومفتخرين بشذوذهم الجنسي.
وعربيا ودوليا جرى على نطاق واسع تداول مثل هذه الفيديوهات التي تبين المدى الذي وصل إليه العري والانحلال والفساد الأخلاقي في مسقط رأس الإسلام.
وتحت قبضة ولي العهد محمد بن سلمان، تشهد السعودية “انفتاحا اجتماعيا” مزعوما، بعد عقود من المحافظة فرضتها هيئة “الأمر بالمعروف” الحكومية.
ويهدف ابن سلمان من وراء هذه الحملة، وفق وسائل إعلام دولية، إلى إلهاء الشباب السعودي عن فساده وإجرامه، ويجري ذلك بالتزامن مع اعتقال مئات المعارضين لهذا الإفساد الأخلاقي.
وقبل بدء المهرجان بيوم تساءلت شبكة “سي إن إن” الأميركية في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022: “لماذا تستضيف الحكومة السعودية أحد أكبر مهرجانات الموسيقى في العالم في مسقط رأس الإسلام؟”.
ورأت الشبكة أن “هذه الحفلات أصبحت جزءًا من مبادرة التحرر التي يقودها ابن سلمان، حيث شهدت الدولة التي اشتهرت بأنها مهد الإسلام تحولا هائلا منذ تولى السيطرة على شؤون المملكة عام 2017”.
وأشارت إلى أنه رغم أن المملكة رفعت الحظر على مهرجانات الموسيقى منذ خمس سنوات فقط، أصبح ما يجرى في هذه الحفلات بالمملكة (من مظاهر انحلالية) يتفوق حتى على ما يجرى في دبي، المركز الترفيهي الأول في منطقة الخليج.
وأكدت الشبكة الأميركية أن حدث مثل “ميدل بيست” كان لا يمكن تصور وجوده في السعودية، لا لأن المملكة تضم أقدس أماكن الإسلام فقط، بل لأن هذه الحفلات تنتهك الأعراف الاجتماعية أيضا، وتسمح بالاختلاط بين الجنسين بحرية تامة.
نقلت عن كبيرة المحللين في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية “آنا جاكوبس” وصفها المهرجان بأنه “نموذج قوي على محاولة (السلطة) الجمع بين الشباب والنساء من جميع أنحاء السعودية والعالم، لـ”زيادة وتضخيم حجم تغييب الوعي لديهم، بدعوى دعم الموسيقى”.
وقارنت جاكوبس بين حضور مهرجان الرقص السعودي الذي يقدر عددهم بين 600 و700 ألف، وبين من حضروا مهرجان Electric Daisy Carnival في لاس فيغاس، أكبر مهرجان للموسيقى الراقصة في أميركا، وكانوا 400 ألف فقط هذا العام.
وجرى دعوة 200 مغنٍّ ومغنية للمهرجان السعودي بمبالغ خيالية، وكانت تذاكر الدخول للفرد العادي ليوم واحد قرابة 40 دولارا، وبلغت 1800 دولار لكبار الزوار شاملة المشروبات.
شذوذ لافت:
و”خلال حفلات ميدل بيست ظهرت ألوان علم الشواذ جنسيا وتراقصت تحته حشود الشباب والفتيات”، حسبما أكد مراسل موقع “Urgente24” الإسباني في 10 ديسمبر.
وقال الموقع: “ببطء، مثل قطرات الماء على الحجر يقوم نظام ابن سلمان بإعادة تشكيل مجتمع السعودية بشكل تدريجي، تاركاً وراءه التعاليم الإسلامية”.
وأكد أنه “يجرى تجريد النساء في السعودية من الحجاب لتتطاير شعورهن في الهواء، ويتخلصن من الرؤية الرجعية الخاطئة بتغطية رؤوسهن، وهن على يقين أن هذا عمل بطولي!”.
واحتفي الموقع الإسباني بهذا التغيير في مجتمع المملكة، واصفا أحد المشاهد بالقول: “تقترب مجموعة من الفتيات من مدخل مهرجان ميدل بيست ثم يخلعن الحجاب والعباءة، ويختلطن ويرقصن بين الحشود، وهن محاطات بالرجال.. الرجال الذين عادة ما كانوا يتجمعون (في السابق) في المساجد”.
وأوضح أن ذلك تم بفضل “تخفيف القوانين الإسلامية” في المملكة العربية السعودية تدريجيا ضمن الانفتاح الأكثر انفتاحا لولي العهد السعودي ابن سلمان، الذي يروج لـ “رؤية” للمملكة تقوم على “تخفيف قيود الإسلام”.
ونوه الموقع الإسباني إلى أنه خلال حفلات ميدل بيست “مرت إشارات دون أن يلاحظها أحد، في فقرة غناء المغني الأميركي برونو مارس حيث أظهرت إحدى الشاشات العملاقة ألوان علم المثلية الجنسية.
كما ظهرت النساء “يرقصن كتفا إلى كتف مع الرجال، ويستمتعن بحرية الاستغناء عن الحجاب في المهرجان ولم يكن ذلك ليحدث لولا قيام ابن سلمان بتخفيف القوانين الإسلامية تدريجيا في السعودية”.
وأشار إلى أن ابن سلمان يسعى بهذه المهرجانات لإظهار أن هناك تقدمًا سياسيًا اجتماعيًا معينًا فيما يتعلق بحقوق الإنسان في السعودية.
لكنه أكد أن ما يفعله ابن سلمان ليس سوى “قناع وهمي” لتصوير الأمر أمام الغرب على أنه انفتاح سياحي لو تمت مقارنته بالنموذج القطري في تنظيم كأس العالم 2022، إذ لم يجر تنازل عن أخلاق المجتمع القطري الإسلامية.
صحيفة “الموندو” الإسبانية أكدت أيضا في 5 ديسمبر، أن مهرجان ميدل بيست “قدم فرصة للفتيات في السعودية للرقص بلا حجاب وشعورهن تتطاير بدون حجاب، والشخص الوحيد الذي حقق هذا الأمر هو ابن سلمان”.
ووصفت ما يجري بأنه “ثورة جديدة في وسط الصحراء” تقوم بها فتيات يحضرن المهرجانات وهن محجبات أحيانا ثم يخلعن الحجاب وترتدي بعضهن قبعة بيسبول، وأخريات يسدلن شعورهن ثم يبدأن الرقص والتمايل”.
وتفاعلا مع الحدث، كتب موقع “آر تي إل” الفرنسي في 8 ديسمبر، “يُشرف ابن سلمان على تخفيف قواعد الإسلام، إذ سمح بدور السينما، والحفلات الموسيقية المختلطة بين الجنسين، بالإضافة إلى حملات القمع المتصاعدة ضد المعارضة السياسية”.
وأكد التصاعد الكبير لمشاهد الحفلات الموسيقية في السعودية، حيث تمتلئ مهرجانات الرقص في الرياض بالشباب والشابات، مشيرا إلى أن “ميدل بيست” هو أحدث مهرجانات التحولات التي يدفع إليها ابن سلمان، السعودية.
عربيا، كتب حساب “نحو الحرية” الذي يتابعه أكثر من 625 ألف شخص: “هل تصدق أن هذه المشاهد في بلد الحرمين؟”، مرفقا صورا تظهر شبابا وشابات يرقصون في الحفل على أنغام الموسيقى.
وأكد أن “هناك رفضا مجتمعيا واضحا لفعاليات الانفلات هذه، لكن الإعلام لا يسلط الضوء عليها ويضخم من الإقبال على الميدل بيست لأن ذلك يخدم مشروعه!”.
تبرير الانحلال:
ولتبرير هذا الانحلال، نقلت شبكة “سي إن إن” عن الكاتب والمحلل السعودي علي الشهابي زعمه أن “الفكرة الأساسية من السماح بهذه المهرجانات هي تزويد الشباب بالترفيه والمتعة والسياحة داخل المملكة، حتى لا يضطروا للسفر إلى الخارج بحثًا عن هذه المتعة”.
وعقبت الشبكة الأميركية على قوله مؤكدة أن “المحللين يرون أن محمد بن سلمان قلق أكثر من الشباب لا المحافظين، ويحتاج إلى تهدئتهم” بهذه المهرجانات الانحلالية، أي “تغييبهم” كما قالت آنا جاكوبس.
وقال الشهابي إن “بعض المحافظين قد يجدون المهرجان غير مقبول، لكن بالنظر إلى أن الشباب يشكلون غالبية سكان البلاد، فإنهم يظلون المستفيدين الأساسيين”.
وحوالي ثلثي سكان السعودية من الشباب في سن 34 عامًا أو أقل، وفقًا للهيئة العامة للإحصاء السعودية.
وأشارت “سي إن إن” إلى أن رؤية ابن سلمان لعام 2030 تفتخر بتقديم 3800 أحداث ترفيهية ومهرجانات في السعودية، بكلفة بلغت أكثر من 64 مليار دولار والهدف الحقيقي من ذلك هو تهدئة وتغييب فئة شباب المملكة بالترفيه المحلي.
ورغم هذا الترفيه الانحلالي يهدف أيضا إلى إرضاء الغرب، تعرضت السعودية مع ذلك لحملات انتقاد واسعة على خلفية سجلها الحقوقي السيئ.
ورأت منظمات حقوقية أن الحفلات ودعوة فنانين عالميين تهدف إلى تلميع صورة ولي العهد أمام الغرب كضمان لقبولهم له ملكا مستقبليا.
ولم يخل مهرجان الموسيقى من اتهامات دولية بتبييض سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان، كما تقول “سي إن إن”، مشيرة لانتقاد منظمة هيومن رايتس ووتش حضور مطربين وفنانين عالميين للسعودية دون التحدث عن الانتهاكات.
ونقلت عن الباحث في هيومن رايتس ووتش “جوي شيا” قوله: “أنفقت السعودية مليارات الدولارات على استضافة فعاليات ترفيهية وثقافية ضخمة في محاولة متعمدة لتبييض سجل حقوق الإنسان السيئ للبلاد”.
وأضاف شيا أنه “رافق مهرجانات الترفيه موجات من الاعتقالات التعسفية للمعارضين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والمواطنين السعوديين العاديين”.
ارسال التعليق