على السعودية وحلفائها إدراك فشلهم في المواجهة مع قطر (مترجم)
كتب السفير الأمريكي الأسبق لدى قطر، باتريك ثيروس، مقالا بمجلة “التايم” الأمريكية يوضح فيه أن المواجهة بين قطر وجيرانها قد وصلت إلى حائط صد وعلى السعودية وحلفاؤها إدراك أنهم لن يستطيعوا الفوز في تلك المواجهة.
وأكد ثيروس، الذي يشغل حاليا منصب رئيس مجلس الأعمال الأمريكي القطري أنه في ظل غياب خطوة مفاجأة لواشنطن، فإن التدابير الحالية ضد قطر لن تجبر الدوحة على الانصياع وليس لدى الجيران خيارات كثيرة لتغيير حسابات قطر.
إليكم نص المقال:
المواجهة بين حكومة دولة قطر وجيرانها الثلاثة قد اصطدمت بحائط صد. جهود وزير الخارجية ريكس تيلرسون، المؤيدة من وزير الدفاع جيمس ماتيس ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بوب كوركر وازنت جزئيا الموقف المتحمس للرئيس دونالد ترامب الداعم للسعودية وأصدقائها في وقت مبكر من الأزمة. احتمالية أن الرئيس ترامب يستمر في معارضة وزير خارجيته ووزير دفاعه تبدو بعيدة المنال على نحو متزايد.
وفي ظل غياب أي خطوة مفاجأة من قبل واشنطن، فإن التدابير الحالية ضد قطر لن تجبر الدوحة على الانصياع. إغلاق الوصول الجوي والبحري والبري لقطر لم يتسبب سوى في ألم مؤقت فقط. أكثر من 90٪ من واردات قطر من الدول المجاورة هي بضائع في طريقها لدخول البلاد من موردين آخرين.
فاجأت قطر المراقبين – وربما حتى شعبها – بالتعامل السلس على نحو ما يبدو في إيجاد طرق بديلة ومصادر لكل ما تستورده. الأمر يكلفها أكثر، لكنه ينجح. حتى لو تم حل الأزمة قريبا، فإن معظم الكيانات القطرية سيفضلون جعل التدفقات الجديدة دائمة بدلا من أن يعودوا مرة أخرى يعتمدون على جيرانهم.
وبالمثل، وجد مصرف قطر المركزي حلول لمواجهة محاولات القطاع المالي الإماراتي لعرقلة معاملات الريال القطري. باختصار، كل شيء يجعل قطر قادرة على الحفاظ على الوضع الجديد إلى أجل غير مسمى في المستقبل.
وماذا بعد؟ التوقيع على اتفاق بين حكومة قطر والولايات المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب وضع تلك الكرة المعنية في ملعب الجيران. قطر يمكن أن تصر بشكل معقول أن يقوم الآخرين بالتوقيع على نفس الاتفاقيات مع الولايات المتحدة.
تخفيض قائمة المطالب من 13 لستة مطالب ملتبسة إلى حد ما لا تبدو أنها أقلقت الدوحة، في حين الرأي العام العالمي لا يزال يركز انتباهه على قائمة المطالب الأصلية المستحيلة.
الحقيقة أنه ليس لدى الجيران سوى خيارات قليلة لتغيير حسابات قطر. استخدام القوة العسكرية المباشرة سيؤدي حتما إلى نتائج كارثية على الجميع. كذلك فرض الحصار البحري والجوي سيكون خطرا وقد يؤدي إلى خطر المواجهة المباشرة مع إيران، ناهيك عن تعطيل إمدادات الغاز الطبيعي الحيوية في جميع أنحاء العالم.
هل ستصل الدول المقاطعة إلى مرحلة اليأس الكافية التي قد تؤدي بهم لمحاولة اغتيال القيادة الحالية في قطر؟ بالتأكيد لا؛ حتى لو نجح ذلك، فإن الجيران سيعانون من احتكاك دولي ضخم – دون أي يقين بأن أسرة آل ثاني سوف تجد حاكما جديدا أكثر قابلية للاستسلام.
الجيران أيضا ليس لديهم خيارات اقتصادية كثيرة لتحويل دائرة الفشل. وقف الواردات الحالية من الغاز الطبيعي القطري إلى الإمارات ومصر سوف يضر بتلك البلدان، في حين أن شركة قطر للبترول وشركائها يمكن أن يجدوا أسواقا أخرى بسهولة.
كما أن سحب الودائع الإماراتية والسعودية من البنوك القطرية سوف يضر بالسيولة ولكن لفترة قصيرة فقط. وبفضل احتياطيات البنك المركزي القطري التي تبلغ 40 مليار دولار (دون احتساب الحيازات الذهبية)، يمكن لقطر أن تحتفظ بسهولة بقيمة الريال دون الحاجة للمساس بصندوق الثروة السيادية الاستثماري الذي قيمته 300 مليار دولار إلى جانب أصول أجنبية.
وقد أدت حملة التشويه الكاملة وغير المقنعة والغير متقنة، التي أطلقتها لجنة العلاقات العامة السعودية الجديدة في الولايات المتحدة إلى إلحاق ضرر بسمعة الجيران أكبر من سمعة الضحية المقصودة.
وفي الوقت نفسه، أدركت الإمارات أن حرمان مواطنيها من مشاهدة الألعاب الرياضية الدولية المتلفزة كانت خطوة خطيرة، وقررت بهدوء السماح لقناة “sportBeIN” – وهي القناة الرياضية العالمية التي تملكها شبكة الجزيرة – بالإعفاء من الحظر العام على الشركة الأم.
وبدون تغيير جذري في اللعبة، ستستمر هذه المواجهة إلى أجل غير مسمى. ومع ذلك، الرياض هي من ستحتاج إلى حل. فقد أثارت محاولات القيادة السعودية لإصلاح اقتصاد البلاد الاستياء بين من يستفيدون من النظام القائم. المغامرة العسكرية على اليمن تحولت كارثية. ويواجه النظام السعودي الآن الإحراج المحتمل في الفشل في إخضاع بلد صغير، عادة ما نظرت إليه القيادة السعودية بازدراء متخفي.
وحتى كتابة هذه السطور، لا يزال الطريق الوحيد للخروج من هذا المأزق هو الاقتراح المقدم من قبل وزير الخارجية الأمريكي تيلرسون . ويمكن حل مسألة تمويل الإرهاب من خلال ترتيبات ثنائية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي. وهناك قضايا أخرى تحتاج إلى حل من خلال الوساطة الهادئة والتفاوض ، في حين تجد جميع الأطراف وسيلة لإصدار بيانات طنانة بما فيه الكفاية تسمح لهم بإنهاء المواجهة مع إدعاء النصر.
ترجمة : شيماء محمد
ارسال التعليق