كتاب مرتقب لغادة عويس يوثق فضائح النظام السعودي وتفاصيل تجسسه
قالت غادة عويس الإعلامية اللبنانية والمذيعة البارزة بقناة “الجزيرة”، إنها ستوثّق قريباً في كتاب خاص بها تفاصيل الأزمة التي مرت بها مؤخراً والتجسس عليها من قبل النظام السعودي واختراق هاتفها، وتجنيد مرتزقة لتشويه صورتها بهدف اغتيالها معنوياً، لكتم صوتها ووقف انتقاداتها لانتهاكات النظام السعودي.
ويأتي هذا بالتزامن مع كشف تقرير مُعمق لشبكة “Forbidden Stories” المتخصصة في التحقيقات الاستقصائية، عن خبايا علاقة مشبوهة تربط الأمير السعودي سطام آل سعود بـ “مرتزقة التأثير الرقمي”، عملوا جميعاً قبل سنوات على تشويه صورة الإعلامية اللبنانية بقناة الجزيرة “غادة عويس”.
ويشرح التحقيق المشار إليه العلاقة التي تربط الأمير سطام آل سعود، بمن يوصفون بالمرتزقة وهم: اللبنانية ماريا معلوف، اللبناني جيري ماهر، الأمريكية شارون فان رايدر، والأمريكية الإسرائيلية ايرينا تسوكرمان، لكي يعتدوا على غادة عويس، بعد اجتماع بحضور ممثلين عن سعود القحطاني مستشار ابن سلمان، ووكالة تجسس إماراتية بفندق بدبي برفقة متعرّيتين روسيتين.
وفي تغريدة لها بتويتر، وتعليقاً على هذا التحقيق، قالت غادة عويس، إن التحقيقات التي أجراها الصحافيون لـ”FbdnStories” والدراسة التي أعدّها فريق خبراء “ICFJ”، وأوراق الدعوى التي رفعتها هي على شخصيات مسؤولة عن التجسس عليها وعلى اغتيال شخصيتها بالإضافة لعملها في الجزيرة، وكل تجربتها الصحافية بالعالم العربي المنهك بالاستبداد والفساد، ستوثقها في كتاب.
وتحت عنوان: “من داعمين لترامب إلى مدافعين عن حقوق الإنسان: المؤثرين الرقميين الذين استهدفوا صحفية”، كشف التحقيق الذي صدر الأسبوع الماضي، عن أن عملية استهداف “غادة عويس” بدأت مع منتصف عام 2020، أي في خضم فترة الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات ومصر والبحرين، على قطر وفرضوا شروطهم لرفعه وكان أهمها “إغلاق قناة الجزيرة”.
يقول التقرير إن كل شيء بدأ بتاريخ 9 يونيو 2020، عندما نشرت صانعة المحتوى الأمريكية “شارون فان رايدر” عبر حسابها على توتير “صورة لإمرأة في حوض استحمام” (في إشارة إلى الصورة التي زُعم أنها تخص غادة عويس).
وانتشرت الصورة المسربة، التي تم الحصول عليها غالباً عبر اختراق هاتف غادة عويس، ومن المرجح أنه تم التلاعب بها بشكل مخادع لجعلها تبدو عارية، بطريقة كبيرة.
في ذلك المنشور، وصفت فان رايدر عويس بـ “الكاذبة”، وادعت أنها “باعت [نفسها] للإرهابيين للحصول على حكاية صحفية”، وأنها تعمل في “شبكة تبث معاداة السامية” (تقصد الجزيرة). لكنها في المقابل أشادت علنًا بولي السعودي محمد بن سلمان. وفي الأثناء، وجهت آلاف الحسابات من الذباب الإلكتروني التابع للسعودية إهانات كراهية للإعلامية اللبنانية.
غادة عويس، الإعلامية في قناة الجزيرة، قالت لـ Forbidden Stories في تعليقها على الهجوم الذي تعرضت له: “كان من الغريب أن يكون المواطن الأمريكي الذي لا يتحدث العربية … ولا يعرفني …أن يكتب تغريدات عني ليل نهار”.
تلقت فان رايدر، وفقًا لتحقيق أجرته Die Zeit الألمانية، أجرًا مقابل تغريداتها المؤيدة للسعودية التي هاجمت فيها عويس، وذلك بعد لقاء جمعها مع الأمير سطام بن خالد آل سعود في دبي، بتاريخ أبريل 2019.
اللافت أن ذلك اللقاء، جمع أيضاً، على غرار الأمير سطام وفان رايدر، ممثلاً عن “سعود القحطاني”، وهو مساعد محمد بن سلمان الذي أكدت التقارير إشرافه على مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي، والذي يقود في ذات السياق جيش الذباب الأزرق التابع للنظام السعودي؛ واثنين من ممثلي شركة دارك ماتر للأمن السيبراني (شركة إماراتية) و”مُتعريتين روسيتين”.
وبناء على طلب الأمير سطام آل سعود، قامت شركة دارك ماتر، باختراق هاتف الإعلامية غادة عويس.
تكشف الوثائق الرسمية التي تم الوصول إليها من قبل “Forbidden Stories” وشركائها، عن أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) فتح تحقيقًا في أنشطة فان رايدر، بهدف الكشف عمن قام بتمويلها وما إذا كانت قد انتهكت القانون الأمريكي.
في إفادة عام 2022 أمام مجموعة من المحامين الألمان (وقع استدعاؤها للتحقيق بعد تحقيق Die Zeit)، قالت فان رايدر إنها حصلت على أموال من وسيط نيابة عن “آل سعود” للتحايل على قانون تسجيل الوكلاء الأجانب (FARA). وتم تأكيد ادعاءات فان رايدر مع شخص حاضر في الإيداع. ولم يستجب مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل لطلبات التعليق.
وتمكنت “Forbidden Stories” من الوصول إلى فان رايدر عن طريق وسيط لبناني له علاقات مع المملكة العربية السعودية.
“بالنسبة لي، لم تكن [فان رايدر] هي المشكلة الحقيقية. كانت المشكلة الحقيقية هي الأشخاص الذين سيدفعون لها مقابل ذلك، لأنه لو لم تكن هي، لكان أي شخص آخر . إذا توقفت هي سيبدأ شخص آخر”، تقول عويس في حديثها إلى محرري التقرير.
وقال (الوسيط الللناني) إن الأمير سطام بن خالد آل سعود، وفان رايدر ناقشا في اليوم التالي للقاء دبي “مشروع إعلامي”.
قام “آل سعود” بتمويل المشروع، وأخبر “فان رايدر” أن رجلاً يدعى جيري ماهر سيتحدث عن الخطوات التالية.
بين نوفمبر 2019 ومارس 2020، قام ماهر بتحويل أربعة أقساط على الأقل بقيمة 2500 دولار أمريكي إلى فان رايدر، وهو ما أنكره ماهر وآل سعود في حديثهم إلى مُعدّي التقرير.
اللبنانية ماريا معلوف:
الوسيط اللبناني الذي تحدث عنه التقرير هي “ماريا معلوف“، وهي صحفية من أصل لبناني مقيمة في واشنطن، وهي الرئيس المشارك لشركة Prolific Solutions، الاستشارية، مقرها الولايات المتحدة وتعمل مع حكومات أجنبية.
ذكرت فان رايدر خلال جلسات التحقيق معها من قبل FBI أن “معلوف” جزء من “المشروع الإعلامي”، الذي هاجم غادة عويس وزعمت أنها مُوّلت من الأمير السعودي سطام بن خالد آل سعود.
لم تظهر معلوف ولا Prolific Solutions في سجل FARA التابع للحكومة الأمريكية، مما يشير إلى حدوث انتهاك محتمل للقوانين الفيدرالية. كما أنها لم تستجب وProlific Solutions ووزارة العدل لطلبات التعليق، في حين نفى الأمير السعودي تقديمه أي أموال لمعلوف.
مؤثرة أخرى محترفة هاجمت غادة عويس على الإنترنت هي إيرينا تسوكرمان، وهي محامية تتخذ من نيويورك مقراً لها وتردد روايات قريبة من تلك الخاصة بالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمغرب وأذربيجان وإسرائيل، في مقاطع فيديو ومقالات رأي وظهور تلفزيوني.
تُعرف “تسوكرمان” وظيفتها أنها تُقدم خدمات “حرب المعلومات” “الهجومية” و“الدفاعية” من خلال شركتها التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، سكاراب رايزينج، وتعمل كذلك مدافعةً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مع منظمة غير حكومية يمنية مشبوهة، وهي التحالف اليمني للمرأة المستقلة.
بالإضافة إلى استهداف عويس، قامت تسوكرمان أيضاً بإهانة العديد من منتقدي النظام السعودي على موقع تويتر. بعد مقتل خاشقجي، شككت تسوكرمان علنًا في عمل المحققين المستقلين للدفاع عن محمد بن سلمان.
ختاماً، تقول غادة عويس عما تعرضت له من هجمات: “إنها طريقة جديدة لقتل الصحفيين فعليًا، وإسكاتهم. بدلاً من أن تدفع لشخص لاغتيالك جسديًا، فأنت تدفع لشخص لاغتيالك فعليًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
وتابعت الإعلامية بقناة الجزيرة: “أنت تقتل الشخصية. بدلاً من قتل الجسد، تقتل الكلمات، تقتل الأسئلة”.
ارسال التعليق