كيف يمر العيد على معتقلي الرأي وأهاليهم
ها هو عيد الأضحى المبارك قد هلّ علينا، ملايينٌ من المسلمين ينطلقون للاحتفال مع ذويهم بأجواءٍ من البهجة، فيما ينزوي معتقلو الرأي في السعودية وعائلاتهم بعيداً عن أي فرح. يحلّ عليهم عيدٌ حزين آخر يحمل معه كل معاني الحسرةِ والشّوق، عيدٌ جديد يحرم فيه المعتقلون من معايدة أهاليهم، ويحرم فيه الأهل من احتضان أبنائهم.
رغم قرب المسافة بات الطواف حول الكعبة لمعتقلي الرأي حلماً صعب المنال، في كل عام تمر أيام الله عليهم والقضبان تفصلهم عن بيت الرحمن وحجاجه. يحرم المعتقلون من حقهم في الحج وممارسة شعائرهم الدينية وبعدها تمنعهم قيودهم من العيد ومناسكه وبركاته. غربةٌ يعايشها السجناء في كل عيد، يحتفلون وحدهم في غرفٍ موحشة غريبة حيث لا أنس ولا أحباء ولا اجتماع لأداء صلاة العيد. معهم تحرم عائلاتهم من التماس بهجة العيد واكتماله، ورغم البعد والمسافات يعيشون سويةً حنيناً قاتلاً إلى ذكرياتٍ لم تعد موجودة، ويساورهم الشوق إلى دفء الحياة ما قبل الاعتقال.
حتى اليوم يعاني معتقلو الرأي من أوضاعٍ مزريةٍ داخل السّجون السعودية، يقبعون خلف جدران الزنازين المظلمة بلا أي مسببات قانونية أو تهمٍ واضحة، تتكتم السّلطات عن أخبارهم وظروف احتجازهم ولا توضح شيئاً عن محاكماتهم إن كانت ستقام أم لا فتحاكمهم وحدهم أخيراً، أما أعيادهم فتتحوّل كل سنةٍ إلى مساحة من اللّوعة والقهر والظلم.
منذ زمن، تشن السلطات السعودية حملات اعتقالات ضد دعاة ومفكرين وعلماء بارزين وكل من يُعتقد أنه يخالف آراء العائلة الحاكمة أو يرفض توجيهات الديوان “الملكي”، وحتى يومنا هذا ما زال كثيرٌ من الأبرياء دون تهمٍ واضحة. بن سلمان كان يرغب بإسكات أي معارضة داخلية تمس إجراءاته داخل البلاد. عشرات المنظمات الحقوقية الدّولية طالبت ومازالت تطالب بالإفراج الفوري عن المعتقلين ظلماً في السجون السعودية والكشف عن مكان احتجازهم والسّماح لهم بالاتصال بعائلاتهم.
ها هي السّنوات تمضي، ما زال معتقلو الرأي خلف القضبان، يزداد عددهم ويتضاعف حرمانهم يوماً بعد يوم من أدنى حقوقهم الإنسانية. السلطات السعودية تستمر بضرب بنود حقوق الإنسان عرض الحائط ، وعندما يطل العيد لا تتردد ابداً عن منع أهالي معتقلي الرأي من زيارة أبنائهم أو الاتصال بهم كطقسٍ سنوي من طقوس الأعياد الذي بات يلاقيهم في كل سنة بوجهٍ غير سعيد.
اليوم..يأتي عيدٌ جديد لا تشرق فيه شمس الحرية على معتقلي الرأي.. عيدٌ يقضونه داخل بقعة مظلمةٍ موحشة بعيداً عن دفء العائلة ومحبتها.أما نحن فلا يسعنا سوى رفع الصّوت ضد الظلم الممارس بحقهم لنجدد مطالبتنا بالإفراج عنهم وتحريرهم من قيودٍ آلمتهم سنين طويلة دون ذنبٍ أو تهمٍ واضحة، ونطالب العالم أجمع بالنظر بعين الرأفة والرحمة لهم والمطالبة برفع الظلم عنهم وإعطائهم الحق في التعبير عن آرائهم دون خوف من الاعتقال أو تهديد بالموت.
ارسال التعليق