مؤتمر المعارضة يستعرض توظيف السلطات السعودية للدين لتبرير القمع
نظم “ديوان لندن” مؤتمر المهجر الخامس للمعارضة السعودية والذي استضاف فيه نخبةً من شخصيات المعارضة السعودية استعرضوا في جلسته الأولى توظيف السلطات الدين لتبرير القمع والآليات الممكنة لمقاومة ذلك من أبناء المهجر.
وقال الأمين العام لحزب التجمع الوطني السعودي عبد الله العودة عبد الله العودة إن الأمير محمد بن سلمان يُحاول أن يُضفي على نفسه الطابع الديني، لكن بخلاف الطابع الذي صبغت فيه شرعية الدولة الحديثة.
وأضاف العودة أن بن سلمان فشل في تسخير الآليات والمفردات الدينية في الجزيرة العربية لتكون أرضية لتُضفي شرعية على وجوده الحالي، وهو ما خلق أزمة دستورية وشرعية.
وأضاف العودة أن فهم النظام السعودي وخصوصًا الملك وولي عهده لمصطلح “ولي الأمر” هو أنه لهذا الولي الحرية المطلقة في التصرف وقيادة الشعب إلى المجهول مهما كلف الأمر، وهو أمر لا يحقّ لولي الأمر التصرف بالحرية المطلقة، باعتبار أنها ليست “توكيلاً عامًا وحرّ التصرف”.
وأشار إلى أن النظام السعودي يعتقد أن دوره يتمثل في أنه وكيل عام عن الشعب، في حين أن الانتخابات هو البديل لفكر الوكالة العامة التي يؤمن بها النظام.
وقال إن الدولة السعودية بنسختها الحالة فضلت أن تكون على المحك في أنها لم تستطع التفاعل مع المعطيات الشعبية في فهم الدين أو حتى المحافظة على الأسس التي قامت عليها الدولة، باعتباره غير منطقي بالعصر الحديث.
وأشار إلى أن النظام في ورطة شرعية ولذلك يريد رجالاته أن يستخدموا الدين في حدود ضيقة لإعطاء شرعية للاستبداد.
وذكر العودة أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يتم إلغاؤها تمامًا، بل تم تطويعها لولي العهد وممارساته القمعية.
وقال إن ما يحدث حاليًا هي طريقة انتقائية للاستفادة من الدين في لحظة معينة لإضفاء الشرعية على طريقة السلوك السياسي، فمثلاً وظفت الدولة السعودية مصطلح “الجهاد” مثلاً وتطبيقها في حرب اليمن وأن السعودية تحارب “المجوس”، وأن قتلى الطرف السعودي أنهم “شهداء”.
وأشار إلى أن المفاهيم الدينية لدى النظام في متناول اليد ومتواجدة على الرفّ، ويمكن اللجوء إليها وقتما أٌريد أن تظهر أو وفق الحاجة.
ولفت العودة إلى أن النظام الحاكم يعتمد ما يُسمى بـ”الشرعية الرمزية” وهي ليست حقيقية ولا تقوم على أرضية فعلية تقوم على دستور، وتتميز بأنها نوعٌ من المسكنات كاعتماد مصطلح “خادم الحرمين الشريفين” و”هيئة كبار العلماء” بخلاف الشرعية الحقيقية.
وقال إن النظام السياسي في المملكة اصطدم مع الموروث الديني والاجتماعي والثقافي وحاول تأسيس فكرته الدينية الخاصة به والمنتقاة من أفق ضيق في التاريخ الإسلامي.
وأكد أن النظام قد يكون نجح في تأسيس دولة لمجرد كسلان سياسي فقط؛ لكن تأسيسها قد قام على خصام الشعب والمجتمع ولم يأخذ في الاعتبار المعطيات الموجودة وعدم معادات الواقع على الأرض.
وأشار إلى أن فكرة تأسيس دولة ديمقراطية في دولة في مكان مثل الجزيرة العربية يتطلب المشي فيما يُشبه “حقل ألغام”، الأمر الذي يستوجب عدم المجاملة بخصوص الأمور التي تحمل تجاوزات أو معاداة للكيانات، بل استفادة من المعطى الموجود لأجل تأسيس مدني متسامح متعلق بالشعب وليس بالطُغمة الفاسدة ومتعلق بالحقوق والحريات والانتخابات ومؤسسات المجتمع المدني وهو أكثر أمانًا من إلغاء كافة النظيرات والمفردات الموجودة والاستعاضة عنها ببدائل جديدة تحتاج قرونًا من التثبيت.
واختتم العودة بالقول إن ما يُسمى بـ”الشرعية السياسية” يتبين أهميتها في اللحظات الحرجة، مثل طلب إعدام الشيخ الداعية سلمان العودة وأن إعدامه ينطبق عليه حالة الخوارج في وجوب إعدامه.
وقال إن المفاهيم الدينية المتشددة سهلة المنال ويُمكن أن يستدعيها النظام وقتما شاء دون مراعاة الظروف والالتباسات الاجتماعية أو غيرها، وسيعود بالوبال على العالم كله بالوبال.
أما الجلسة الثانية للمؤتمر فكانت بعنوان: القمع الداخلي وكيفية عمل المعارضة وتعاونها لإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان وإنقاذ الشعب والتخفيف عنه.
وقال الناشط الحقوقي علي الدبيسي إن مهمة المعارضة هي دفع الناس ليكونوا في خانة الأمل والتفاؤل باعتبارها الخلية الأولى للشعب الباحث عن الحرية.
وأشار إلى أن الاستعداد النفسي يجب أن يكون متوفرًا لدى إرادة الشعب، وليس بالضرورة الإيمان أن إسقاط النظام سيكون قريبًا من الناحية الزمنية.
وقال الدبيسي إن القمع الذي تمارسه السلطات السعودية والذي يطفو إلى السطح لا يُشكل سوى 5% مما يُمارس على أرض الواقع.
ولفت إلى أن جهاز أمن الدولة أداة قمعية على تواصل مباشر مع الملك أو ولي العهد دون أن تمرّ عبر أي هيئة حكومية او وزارية وبلا أي ممارسة شفافية.
وقال الدبيسي إن سبل مجابهة قمع النظام السعودي يتطلب زيادة عدد المصلحين في الخارج والمهجر، وهو لا يقلل من شأن التأثير المباشر لما يبذله المصلحون، وإنما في الحقيقية أن الدولة لها قابلية لممارسة المزيد من القمع.
وأوضح أن عمل المعارضة في المهجر والخارج يمكنه وضع نوع من الحد أمام ممارسات النظام القمعية، كما حدث في الإفراج عن ناشطات نسويات في الفترة السابقة.
ولفت إلى أن المعارضة في الخارج يتعاظم دورها عامًا بعد الآخر؛ فإن جدوى الإصلاح ومجابهة القمع يعتبر أمرًا محسومًا وأن ما يتوجب الآن هو تحديد الأدوات والأساليب الفاعلة.
وذكر الدبيسي أن مجابهة القمع يستوجب تأسيس القيم وتسيدها على الحالة الثقافية والفكرية، باعتبارها أن تستخدم المسافات والكثير من الجهد.
ولاحظ أن الحكومة السعودية تقرأ عقلية المجتمع وتتردد في هدم الأسوار المتينة التي بناها الشعب باعتبارها محل إجماع.
وأشار الناشط السعودي المعارض إلى أن حرمة المرأة على سبيل المثال هي قيمة متشكلة تاريخيًا في ثقافة وعقيدة البلاد، إلا أن التعدي على المرأة باعتقالها سياسيًا وإهانتها من الدولة يمثل خطًا أحمرًا بالنسبة لثوابت الشعب السعودي، إلا أن النظام لجأ للإعلام الرسمي لتفتيت تلك القيمة المجتمعية.
ودعا الدبيسي إلى مناصرة الفئات المنسية والمهمشة في المجتمع؛ باعتبار أن الحكومات تراها “عتبات منخفضة” وتستعلي عليها الحكومة وتدوس عليها، لذا هم بحاجة إلى حماية.
وقال إن دعم تلك الفئات المهمشة يمنح حالةً من ردّ الجميل، ويرى أنه يريد العطاء كنوعٍ من ردّ المكافأة.
كما طالب بتأسيس مؤسسات في الخارج قوية وفاعلة ومؤثرة يقود الدولة إلى استجابات غير محسوسة تحمل أثرًا إيجابيًا على المجتمع في الداخل، كتأسيس مؤسسات اقتصادية تكشف الحقائق والأرقام بشكل شفاف قد يدفع الدولة للإصلاح الاقتصادي ولو جزئيًا.
ودعا الدبيسي إلى استضافة المزيد من ورش العمل هذا العام لتأسيس مؤسسات متنوعة لتبادل الخبرات لمقاومة القمع الذي يتعرض له السعوديون.
من جهتها، قالت المتحدث الرسمي لحزب التجمع الوطني مضاوي الرشيد إن مقولة الأمن والأمان استفاد منها النظام السعودي خاصة بعد أن تدخل في ثورات الربيع العربي وقضى على ثورات كانت ستؤدي إلى أنظمة ديمقراطية.
وأشارت الرشيد إلى أن النظام السعودي تدخل في الثورة السورية لصالح جهات ضد الديمقراطية وتفرّج على الجرائم التي ترتكب باسم الثورات في بعض الدول حتى يرسل رسالة للشعب السعودي مفادها أن على الشعب السعودي مشاهدة دول الجوار التي طالبت بالديمقراطية التي أصبحت ثورات مسلحة وانه لا أمن ولا أمان مع محاولات الديمقراطية، وأن الشعب سيستفيد من حالة الأمن والأمان بخلاف تلك الدول التي شهدت ثورات.
كما أن رسالة النظام السعودي هي ان على الشعب أن يرضى بما عليه الواقع وإلا ستصبح البلاد كما سوريا أو مصر أو تونس.
وقالت الرشيد النظام السعودي لم يتعلم درس من اليمن، فاليمن حاول أن يخترق السعودية مذ 250 عامًا، وذلك عندما خرجت الدعوة الوهابية حينما كانت جبال اليمن سدًا منيعًا أمام اختراقها؛ لم تستطع القوات الوهابية اختراق اليمن، والذي لحقها اتفاق على ترسيم الحدود.
ولفتت إلى أن أكذوبة الامن والأمان لم تحقق الأمان للشعب بعد أن وصلت الصواريخ من اليمن إلى العمق السعودي، في الوقت الذي استجدت فيه الحكومة السعودية تزويدها بالصواريخ بعد أن استنفدت منظومتها الصاروخية غالبية ذخيرتها.
وقالت الرشيد إن الأمير محمد بن سلمان أخفق في إكساب نفسه صفة “فارس الصحراء” في محاولته الانتصار في حربه في اليمن، وأن ما حققه الآن لا يتجاوز حصار موانئ بعد 7 سنوات من الحرب الطاحنة.
ارسال التعليق