ما وراء زيارة الجبير المفاجئة لبغداد
بكل صلافة وعين وقحة وقف وزير خارجية آل سعود في بغداد مهنئاً العراق بانتصاراته على الارهاب الذي رعاه ودعمه وأسسه وسلحه نظامه التكفيري، وفق وثائق استخباراتية أمريكية وغربية التي تؤكد أن عدد السعوديين الإنغماسيين يشكل 65% من المنظوين ضمن تنظيم داعش الارهابي ليفتكوا بالعراقيين ويحصدوا أرواح مئات الآلاف منهم .
الجبير سعى جاهداً بتصريحاته الكاذبة والخاوية بأن الرياض تقف على مسافة واحدة من جميع الأطياف العراقية، التعتيم على الهدف الرئيسي لزيارته هذه، وتضليله بتطاوله على الحشد الشعبي (الحشد الشعبي مؤسسة طائفية يقودها الايرانيون)، العمود الفقري في الانتصارات التي يحققها العراق ضد “داعش” ودحره من غالبية المناطق التي كان يسيطر عليها.
البعض يرى في زيارة الجبير المفاجئة وغير المعلنة مسبقاً وسط تدهور كبير للعلاقات بين بغداد والرياض بلغت حد الإنقطاع لسبب تصريحات سفير آل سعود السابق السبهان ضد غالبية الشعب العراقي ومرجعيته الرشيدة، هو مواصلة العراق دوره الوسيط بين السعودية وايران – حسب وزير الخارجة الجعفري باعتبار بغداد البوابة الأقصر والأمن، لإعادة العلاقات المتوترة بين البلدين السلم والوحيد للخروج بأقل تكلفة من مستنقع اليمن .
فيما البعض الآخر يرى أن الهدف الرئيس من زيارة الجبير لبغداد بهذه الصورة التي كان على الأخيرة أن ترفضها لأسباب كثيرة، هو الخوف الكبير الذي أعتلى السلطات السعودية من التقارب بين العراق ومصر والتوقيع قبل ايام على اتفاقية بين البلدين يتم بموجبه تزويدالأخيرة بنحو مليون برميل من النفط الخام العراقي شهريا، ابتداء من شهر آذار المقبل، كما نقلت صحيفة “الأهرام” المصرية، يوم الخميس 23 فبراير/شباط، عن حبيب محمد هادي، سفير العراق لدى القاهرة .
لكن الحقيقة تكمن في مساعي الجبير مع المسؤولين العراقيين الذين التقاهم لثنيهم على عدم مد مصر بالنفط لمواقفها ضد “الاجماع العربي” – حسب تسميته – خاصة بعد أن قرار “سلمان” في مطلع تشرين الأول 2016 بقطع تزويد مصر بالبترول، وفق بلاغ شفهي من شركة “أرامكو” السعودية للهيئة العامة للبترول المصرية آنذاك، كردة فعل أولى على قرار القضاء الإداري القاضي ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية الخاصة بتبعية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر للمملكة بعد أن أمتنع مجلس النواب المصري عن النظر في الاتفاقية التي تم توقيعها ضمن حزمة من الاتفاقيات بين السيسي وسلمان خلال زيارة الأخير للقاهرة في نيسان 2016؛ ومن ثم موقفها من الأزمة السورية والتقارب بين القاهرة ودمشق وهو ما أغاض آل سعود أكثر من قضية الجزيرتين .
إحتدام التوتر في العلاقة بين مصر والسعودية تكلل بتأييد القاهرة لمشروع القرار الروسي في مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السورية، أعتبرته الرياض مؤشراً على توائم موقف مصر مع مواقف النظام السوري وروسيا وايران، الذين يدعمون بشار الأسد؛ ليعبر مندوب مصر لدى الأمم المتحدة عمرو عبد اللطيف بقوله “تصويتنا للقرار هو تعبير عن موقف مصر التي ضاقت ذرعا من التلاعب بمصير الشعوب العربية بين القوى المؤثرة في الصراعات بالمنطقة”، في إشارة واضحة منه الى السعودية وقطر والامارات التي استنكرت بشدة الموقف وشنت حملات اعلامية واسعة النطاق ضد القاهرة وهددتها بقطع المساعدات المالية .
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رد على التهديدات الخليجية خلال ندوة تثقفية نظمتها الشئون المعنوية للقوات المسلحة في 13 اكتوبر الماضي، بقوله “إن السياسة المصرية مستقلة بشأن سوريا، مؤكدا أن بلاده لن تركع إلا لله”؛ ثم زاد على ذلك في حديثه مع تلفزيون البرتغال خلال زيارته للعاصمة لشبونة في20 نوفمبر 2016، أن «سوريا تعاني من أزمة عميقة منذ 5 سنوات، وموقفنا في مصر منها يتمثل في أننا نحترم إرادة الشعب السوري، وأن إيجاد حل سياسي للأزمة السورية هو الحل الأمثل، ولا بد من التعامل بجدية مع الجماعات الإرهابية ونزع السلاح منها، بالإضافة الى وحدة الأراضي السورية حتى لا يتسبب في تجزئة مشكلة سوريا، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب فى سوريا».
ارسال التعليق