مترو الرياض: عقدٌ على الإعلان ولا نهاية قريبة
بقلم: ناصر البقشي...
منذ نهاية العام 2013، أعلن عن البدء بمشروع مترو الرياض الذي كان من المفترض أن يغطي مسافة 176 كم من الرياض، وتصل سرعته إلى 80 كم بالساعة، بطاقة استيعابية تصل إلى 1.16 مليون راكب يوميا، وترتفع بعد 10 سنوات من التشغيل بتصل إلى 3.6 مليون راكب، بحسب ما كان معلنا.
يضم المشروع المنتظر منذ 10 سنوات، 85 محطة، بتكلفة 22.5 مليار دولار، ويشمل تنفيذ ستة خطوط للسكك الحديدية وتعمل عليها قطارات كهربائية بدون سائقين، بالإضافة إلى أن 40% من خط سير القطار" سيكون من تحت الأرض.
أعلن عن المشروع بوصفه الأكبر على مستوى تشييد شبكات النقل العام في العالم، وذلك منذ عهد الملك عبدالله عبدالعزيز آل سعود ضمن سلة مشاريع للنقل العام أطلقت حينها.
إلى اليوم، مرّت 10 سنوات توفى خلالها عبد عبدالله واستلم سلمان الحكم، وانقلب محمد ابنه على ابن عمه محمد بن نايف. وتحوّلت "السعودية" من ضفة الفسق المخفي إلى الإجهار به، وما زال المشروع المعلن عنه عام 2013، حبرا على ورق.
يذكر أن آخر تصريح رسمي تناول المشروع كان في يناير/كانون الثاني 2023، حيث قال فهد بن عبدالمحسن الرشيد، "لرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، عن الانتهاء مما أسماها "استراتيجية الرياض".
وقال الرشيد لقناة العربية: "سنعلن إستراتيجية الرياض في عام 23، وأخذنا وقتًا لأنها إستراتيجية عميقة وفيها مشاريع عدة، وبعد إعلانها ستعلن أيضًا عن وسائل النقل التي سوف نقدمها في مدينة الرياض".
ووصف الرشيد مشروع مترو الرياض والنقل العام في الرياض بالمشروع الجبار والضخم على مستوى العالم، مشيرًا إلى أن إطلاق المشروع تأخر بسبب ظروف جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19).
وادعى افتتاح المشروع ابتداءً من شهر مارس/آذار 2023، والبداية بـ"الباصات" ثم الخطوط المختلفة في المترو. مشيرا إلى توسعة خطوط المترو مع النمو السكاني في العاصمة، حيث إن عدد سكان مدينة الرياض زاد إلى 8 ملايين نسمة في العام الماضي .
بطبيعة الحال لا شيء من الوعود والاستراتيجيات تحقق، بل إن الرشيد تحجج بجائحة كورونا لتبرير التأخر. في حين أنه ومنذ إعلان المشروع حدد سنة 2018 موعدا لتشغيل "مترو الرياض".
هذا وكان قد توقع وزير المقل والخدمات اللوجستية صالح الجاسر، في مارس/ آذار 2022، تشغيل أول خطوط مشروع "مترو الرياض" مع نهاية العام نفسه.
يبدو جليّا أن الحقيقة ضائعة، وإن وجدت فلا مصلحة للنظام السعودي بتقديمها للجمهور، كما هي حال الأعم الأغلب من المشاريع، التي تهدر أموالها المخصصة من جيوب الشعب لصالح قلة من حاشية "الملك" وفاسديه، معولين دائما على ضعف الذاكرة وقوة الدعاية والترويج كل فترة لمشاريع طنانة أخرى وكذا ورقة القمع.
يُعدّ مشروع المترو ضروريا لكيان بمساحة الجزيرة العربية، والمساحات الطويلة نسبيا بين منطقة وأخرى، في ظل قلت وسائل النقل المشتركة، بالرغم من وجود حافلات الرياض الفارغة من الركاب فعليا، وتكدس الشوارع بالسيارات الخاصة طوال فترة النهار تقريبا. لكن يبدو أن محمد بن سلمان لا ينوي الإبقاء على "إرث" من خلفوه، ويسعى إلى تخصيص "الإنجازات" باسمه.
بالإضافة إلى ما ورد، يحشد محمد ابن سلمان كل ما في خزينة الدولة لأجل مشاريعه الخيالية في "مدينة نيوم". مرتبا بذلك الأولويات خاصته من زاوية الإبهار بعيدا عن الفعل على أرض الواقع.
كلّف مشروع مترو الرياض حوالي 22 مليار دولار، دون أن يقترب خطوة نحو الإنجاز، بالرغم من أن المردود المتوقع من انجازه يتجاوز 3 أضعاف تكاليفه.
وفي هذا الإطالر، طالعنا عبدالله الحريري في صحيفة الرياض، أمس، بمقالة عن المشروع، وحملت عنوان "مترو الرياض القصة التي لم تحكَ".
لا ندري كيف يطيب لهم وصف الأمر فيما لو أنجز بأنه مطلوب علينا الكتابة عنه مطوّلات. للحظة يفكر المرأ هل "السعودية" الأولى في العالم في تشييد مترو؟
اعتبر الكاتب في سطوره القليلة والتي لم يعرف كيف يملأها مديحا و"صف حكي"، أن " اليوم كل مبادرة ومشروع عبارة عن قصة لوحدها ابتداء من الفكرة والهدف والعنوان وسيناريو التنفيذ إلى الافتتاح والتشغيل والقيمة المضافة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا .. وقد نظلم أنفسنا إذا لم نحك أدق تفاصيل هذه القصة من البداية إلى مالا نهاية .. فمثل تلك القصص تبدأ ولا تنتهي ."
ويضيف "اليوم المبادرات والمشاريع والإنجازات يجب ألا نختزلها وننظر إليها من زاوية ضيقة ومحصورة في التدشين وسرد مراحل المشروع والافتتاح بل الموضوع أعمق من ذلك .. ولا أعتقد أننا نبلي بلاء حسنا إذا حصرنا تلك الجهود الجبارة من العزم والحزم والكفاح والعمل التاريخي والمجهود البشري المميز في أخبار وتقارير صحفية وصور بل هناك قصص خلف تلك الإنجازات لم تحك بعد ويجب أن تحكى لكل جيل وللعالم."
ويختم متفلسفا " اليوم نحتاج أن نسوق قصصنا لأنفسنا أولا لنعزز جودة الحياة ثم نسوقها للعالم كفلسفة حضارية في قصص فالزمن الذي نرسل فيه مصورا يحمل كاميرا ليلتقط مجموعة من الصور للمشروع ثم بث مقاطع عن هذا المشروع مع موسيقى انتهى منذ فترة، وباتت الجهات المعنية ملزمة بصناعة محتويات قصيرة ومباشرة وجذابة وتوزيعها على الجميع وفي المدارس والجامعات والقنوات الفضائية ومواقع التواصل، بتنا ملزمين بابتكار وسائل وطرق جديدة وحديثة لإيصال صوتنا ومنجزاتنا للداخل والخارج بما يوازي تطلعات قيادتنا ومجتمعنا ورؤية 2030 ذات الطموح والفلسفة العميقة."
ارسال التعليق