محتجون يغلقون السفارة السعودية ويحرقون صور بن سلمان
أغلق محتجون مناهضون للحرب على اليمن سفارة السعودية في باريس وأحرقوا صور محمد بن سلمان بالتزامن مع زيارته العاصمة الفرنسية.
واقتحم المحتجون مقر السفارة السعودية وعمدوا إلى إغلاقها بالشمع الأحمر والسلاسل الحديدية ومن ثم حرقوا العلم السعودي تنديدا بحربها الإجرامية على اليمن المستمرة منذ سنوات.
كما أحرق المحتجون ومزقوا صور محمد بن سلمان، ورددوا هتافات مناهضة له مؤكدين أنه شخصا غير مرحب فيه في فرنسا بوصفه مجرم قاتل.
وتسبب المحتجون بإغلاق السفارة لفترة من الوقت وتعطل دخول المراجعين والدبلوماسيين خلال تفرة الاحتجاج الذي يعد غير مسبوق.
وحسب شهود عيان فقد حاول أمن السفارة مهاجمة المحتجين لكن المارة حالوا دون ذلك.
ووزع المحتجون بيانا مكتوبا على المارة على هامش فعالياتهم، أكدوا فيه على رفض زيارة محمد بن سلمان إلى فرنسا ووصفوها بأنها وصمة عار في جبين البلاد في ظل سجله الأسود في حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب في اليمن.
كما أبرز المحتجون تورط محمد بن سلمان في تعذيب وقتل الصحفي السعودي المغدور جمال خاشقجي عام 2018.
وشدد المحتجون على أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باستضافته محمد بن سلمان لا يكترث بحقوق الإنسان وإنما اتمام الصفقات الاقتصادية لفرنسا.
كما أكدوا أن السفارة السعودية في فرنسا تقوم بعمليات تجسس ضد نشطاء حقوق الإنسان وتضييق عليهم وهددوا بإغلاقها بشكل دائم.
وأبرزت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) الاحتجاجات الحقوقية الواسعة على زيارة محمد بن سلمان إلى فرنسا وقبل ذلك اليونان ضمن حملة أخرى لتبييض سمعته القذرة.
وذكرت الوكالة أنه في أول زيارة له لأوروبا منذ اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، يتناول محمد بن سلمان العشاء الخميس مع الرئيس الفرنسي مع إيمانويل ماكرون، ما يثير غضب المدافعين عن حقوق الإنسان.
وتشكل هذه الزيارة خطوة جديدة “لرد الاعتبار” لولي العهد بعد أقل من أسبوعين على زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية التي كرست بشكل قاطع عودة “محمد بن سلمان” إلى الساحة الدولية، في أجواء الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة.
ووصل محمد بن سلمان الذي بدأ جولته الأوروبية الصغيرة في اليونان، مساء الأربعاء إلى مطار أورلي في باريس حيث كان في استقباله وزير الاقتصاد والمال الفرنسي برونو لومير، كما ذكر مصدر حكومي.
أما ماكرون الموجود في إفريقيا، فذكرت الرئاسة الفرنسية في بيان أنه سيعود بعد ظهر الخميس وسيستقبل محمد بن سلمان بعد ساعات على عشاء عمل في الإليزيه.
وكانت الدول الغربية نبذت محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للمملكة، بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي ينتقد السلطات، عام 2018 في قنصلية بلده في اسطنبول.
وقال كانتان دي بيمودان الخبير في شؤون المملكة السنية في معهد أبحاث الدراسات الأوروبية والأميركية، إن “ماكرون قام بالجزء الأكبر من أعمال رد الاعتبار بزيارته شخصيا محمد بن سلمان” في الرياض في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
تابع الخبير نفسه “لكن هنا وصلنا إلى مستوى آخر. يصل (ولي العهد) إلى فرنسا وماكرون غير موجود. لم يعد محمد بن سلمان مضطرا للتحرك بحذر كما كان الوضع قبل سنة أو سنتين، بل يتنقل كما يشاء”.
وأضاف أن “ماكرون بدأ رد الاعتبار وبايدن استكمله وبينهما (بوريس) جونسون” الذي زار الرياض أيضا في آذار/مارس الماضي.
وكانت أجهزة الاستخبارات الأميركية أشارت إلى مسؤولية محمد بن سلمان في اغتيال جمال خاشقجي ما أدى إلى تسميم العلاقات بين الرياض وواشنطن.
وكرست التحية بقبضة اليد التي تبادلها ولي العهد وبايدن في جدة تراجع الرئيس الأميركي عن وعده في حملته الانتخابية بمعاملة المملكة على أنها “منبوذة”، لكن الخطوة الأولى لمحمد بن سلمان داخل الاتحاد الأوروبي تثير استياء المدافعين عن حقوق الإنسان.
وقالت أنييس كالامار التي قادت تحقيقا في اغتيال خاشقجي عندما كانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لحالات الإعدام خارج إطار، لوكالة فرانس برس إن “زيارة محمد بن سلمان لفرنسا وجو بايدن للسعودية لا تغير من واقع أن محمد بن سلمان ليس سوى قاتل”.
من جهتها، كتبت مديرة منظمة هيومن رايتس ووتش في فرنسا بينيديكت جانرود على تويتر “يبدو أن محمد بن سلمان يمكن أن يعتمد على إيمانويل ماكرون لرد اعتباره على الساحة الدولية رغم القتل الوحشي للصحافي جمال خاشقجي والقمع القاسي للسلطات السعودية ضد أي انتقاد وجرائم حرب في اليمن”.
وأضافت أن عودة حظوته لدى رؤساء الدول الغربية “يثير صدمة أكبر لأن العديد منهم في ذلك الوقت عبروا عن اشمئزازهم (من عملية القتل) والتزامهم عدم إعادة محمد بن سلمان إلى المجتمع الدولي”، مدينة سياسة “الكيل بمكيالين”.
وبعد أقل من أربع سنوات على قضية خاشقجي، تسبب غزو روسيا لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير بارتفاع جنوني في أسعار الطاقة.
وسعت الدول الغربية منذ ذلك الحين إلى إقناع السعودية المصدر الرئيسي للخام، بزيادة الإنتاج من أجل التخفيف عن الأسواق والحد من التضخم.
لكن الرياض تقاوم ضغوط حلفائها مشيرة إلى التزاماتها حيال منظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها في “أوبك+”، تحالف الدول النفطية الذي تشارك في قيادته مع موسكو.
وفي أيار/مايو، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود إن المملكة فعلت ما في وسعها لسوق النفط.
وقالت كاميل لونز الباحثة المشاركة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن “الحرب في أوكرانيا أعادت البلدان المنتجة للطاقة إلى الواجهة وهذه الدول تستفيد من ذلك”. وأضافت أن ذلك “يؤمن لها رافعة سياسية ستستخدمها لإعادة تأكيد أهميتها على المسرح الدولي”.
أما بالنسبة إلى الدول الغربية، فهي تتنافس في “البراغماتية”، وفقا لها.
وتابعت أنه في مواجهة “انفجار أسعار الطاقة (…) من الواضح أن حقوق الإنسان في السعودية لم تعد فعلا الأولوية على جدول الأعمال”.
ارسال التعليق