محمد بن زايد ومحمد بن سلمان يعيشان في ظل ترامب
سلطت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في تقرير لها الضوء على انقسام الخريطة الحزبية الأمريكية وارتباط ذلك أيضا بتقسيم الشرق الأوسط حسب تلك الخريطة بين الدول العربية الحمراء والأخرى الزرقاء، في إشارة إلى الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
“ستيفن كوك” الباحث في دراسات الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أشار في مقاله إلى زيادة أثر الإنقسام بين الحزبين على السياسة الخارجية الامريكية والتي زادت بشكل كبير في عهد دونالد ترامب وإدارته.
واستعاد الكاتب في البداية مقولة للسناتور الجمهوري أرثر فاندبرغ، والذي ترأس لجنة العلاقات الخارجية في الأربعينات من القرن الماضي، عندما قال إن السياسة الحزبية “يجب ان تتوقف عند حافة المياه” ولكن أحدا لا يتذكر هذه المقولة أو يهتم بها اليوم كما يقول، ومن هنا فمن السهل اليوم ونتيجة للسياسة الخارجية التي أضعفت التأثير الأمريكي في الخارج، تقسيم الشرق الأوسط بين “دول الحزب الجمهوري” و “قضايا الحزب الديمقراطي”، وهي ظاهرة تعود إلى العقد الماضي لكنها تفاقمت في ظل ترامب.
فالصورة التي تخرج من الشرق الأوسط اليوم هي أن الدول الداعمة للجمهوريين تشمل إسرائيل ومصر والإمارات والسعودية، وهذا من ناحية تعاطف قادة الحزب والناخبين معها أكثر من تعاطف الديمقراطيين.
وفي الوقت نفسه يعرف الديمقراطيون أنفسهم بالاتفاقية النووية والتعاطف مع الفلسطينيين، ومنذ منتصف العقد الأول من القرن الحالي أصبحت إسرائيل في قمة اهتمامات الحزب الجمهوري التي لا يمكن مسها إلى جانب التعديل الثاني في الدستور والضرائب المخفضة ومعارضة الإجهاض وجيش قوي، وكلها عناصر مهمة في عقيدة الجمهوريين.
ويقول هؤلاء إن إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وتدعم أهداف الولايات المتحدة في المنطقة وليست مصدرا للعنف العابر للدول وتشترك مع الولايات المتحدة في قيمها.
ويؤكد الجمهوريون في العادة على الأساس الأيديولوجي للتطرف أما الديمقراطيون ويسار الوسط فيرون أن العنف والقمع يولدان التطرف والعنف. وهناك ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد حيث تتلاقى آراؤه وعدد من سياسيي الحزب ومفكريه وهي أن إيران والإسلاميين هما أكبر تهديدين، وهذا لا يعني عدم موافقة الديمقراطيين على هذا بل يدعون للتفاوض والتغيير الديمقراطي، وهو ما يعتبره الإماراتيون والجمهوريون سذاجة.
ومع اتفاق النظرة بين الإماراتيين والجمهوريين إلا أن المسؤولين في أبو ظبي أصبحوا مرتبطين بإدارة ترامب، وهناك مثالان يلخصان هذا، الأول عندما سافر ولي عهد أبو ظبي بن زايد في كانون الأول/ديسمبر إلى نيويورك بدون أي يهتم بإعلام إدارة أوباما التي كانت لا تزال في السلطة بوصوله- خرق للبروتوكول- وذهب إلى برج ترامب للجلوس مع رموز الإدارة الجديدة.
أما الثاني، فهو اللحظة غير العادية في إدارة ترامب عندما هاجم قطر علنا عبر التويتر وفي نفس الوقت الذي فرضت فيه الإمارات وحلفاءها حصارا لمعاقبتها، وهو ما أثارت شكوك المراقبين من أن أبو ظبي لديها حظوة عند ترامب، وأكثر من هذا فقد قدم الإماراتيون ومحمد بن زايد الانطباع أنهم “جمهوريون” عندما قاموا بتسويق محمد بن سلمان لصناع السياسة الأمريكية وبقية النخبة.
ولو كان هناك بلد في الشرق الأوسط يستحق أن يوصف “ببلد ترامب” فهي السعودية التي كانت أول محطة لزيارته الخارجية، وعمل ترامب ما بجهده لحماية ولي العهد السعودي من الجهود في الكونغرس لمعاقبته على جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي والدمار الذي أحدثه السعوديون على اليمن.
ويقول الكاتب إن الحديث عن اتفاق الحزبين مثلا في الحرب على اليمن ليس عاما كما يبدو من القرارات التي اتخذت، ففي القرار الأخير لمنع بيع السلاح للسعودية لم يصوت لصالحه سوى 7 أعضاء في مجلس الشيوخ و16 في مجلس النواب لوقف الدعم الأمريكي عن الحرب السعودية في اليمن.
وباستثناء مصر، فما يجمع إسرائيل والإمارات والسعودية هو العداء للاتفاقية النووية ولهذا تعتبر “جمهورية” من ناحية الموقف، أما الديمقراطيون فلديهم مجموعة من القضايا، فهم وإن لم يدافعوا عن إيران إلا أنهم يدعمون اتفاقية أوباما التي خرج منها ترامب بدون داع وزاد من حالة عدم الاستقرار وفرص المواجهة الأمريكية- الإيرانية، وهذا يسهم في الفكرة عن السعودية والإمارات وإسرائيل، التي تعد دول جمهورية بناء على الضغط التي تمارسه على إدارة ترامب لزيادة الضغط على الإيرانيين.
ويختتم الكاتب بقوله إنه من الصعب تحقيق أي شيء عندما تبدأ السياسة من فرضية أن السعودية شريرة وأنه لا يمكن شجب إسرائيل. وهناك الكثير من الأخطاء التي ارتكبت في السياسة الخارجية عندما توافق الحزبان ولكن أمريكا ستخسر على أكبر احتمال عندما يتم تقسيم العالم بناء على ولائه للحزب الجمهوري أو الديمقراطي. وكشف ترامب في محاولاته لتفكيك كل سياسة قام بها أوباما عن الثمن عندما يتم الإنحراف السريع في السياسة الخارجية، وأثرها على التجارة أو الاستقرار العالمي. ومن هنا قد يلجأ الرئيس الديمقراطي المقبل لإعادة سياسات أوباما التي ألغاها ترامب، لكن ليست بهذه الطريقة تدار البلاد.
ارسال التعليق