مع وقف التنفيذ: عنوان تعاطي #السعودية في #سوريا و #اليمن
بقلم: ناصر البقشي...
عزم النظام السعودي على اجترار حزمة من الملفات الإقليمية معا، بُعيد الإعلان عن اتفاقه مع إيران برعاية صينية. لكن يبدو أن الأمر ليس بالسهولة المفترضة، أو أنه من الأصل تعمّد المراوغة للإيحاء بأن “الأفضل آت للشعوب”.
في المشهد السوري، أبلغ النظام السعودي وزارة الخارجية السورية عن إيقاف فتح السفارة السعودية في دمشق و أنه غير مرحب بالسفارة السورية في الرياض لـ”عدم التزام الرئيس السوري بشار الأسد بمخرجات القمة العربية ومشروع خطوة بخطوة “، وخطورة أن ينعكس القرار على العلاقات السورية العربية ومن ضمنها الإمارات والبحرين وسلطنة عمان والأردن. حيث أكدت مصادر، توقف عمليات ترميم السفارة السعودية في منطقة أبو رمانة.
وبيّنت المصادر أن عمليات ترميم مقر السفارة التي بدأت في آذار/مارس 2023 توقفت، من دون أن توضح إن كانت عمليات الترميم متوقفة مؤقتاً أو بشكل نهائي.
وسبق هذه الأنباء عدم تسمية الرياض سفيراً لها في دمشق، رغم تعيين سفراء جدد لها في عدد من الدول حول العالم، لتخالف الرياض بذلك الموعد الذي حددته مصادر مقربة من النظام لتبادل افتتاح السفارات وتعيين دبلوماسيين، في مطلع حزيران/يونيو 2023.
أتى ذلك بعد استعادة سوريا مقعدها في الجامعة العربية، وحضور الرئيس السوري إلى جانب “القادة” العرب للقمة الأخيرة في جدة.
يتروى ابن سلمان في اندفاعه في “حلحلة” الملفات الإقليمية، بعد أن انهالت عليه العروض الأميركية، بما فيها من مكاسب، من أجل التطبيع مع “إسرائيل”.
بالإضافة إلى ذلك، رشحت أخبار عن وجود قرار أميركي بدأ العمل على تنفيذه بإغلاق جميع المعابر البرية بين سوريا والعراق، بالتعاون بين “قسد”، او ما يعرف بـ”قوات سوريا الديمقراطيه”، والقوات الاميركية المتواجدة على طرفي الحدود العراقية السورية- خصوصا في منطقة “البوكمال”- وتلك المنتشرة والمتمركزة داخل الاراضي السورية، وزعماء العشائر على طرفي الحدود.
ومن شأن هكذا خطوة أن تسعّر نار الخلاف بين واشنطن وطهران، لما للطريق الواصل بين العواصم العربية الثلاث (بغداد، دمشق وبيروت)، من أهمية استراتيجية لمحور المقاومة، وبالتالي ضرب العصب الحيوي للإمداد العسكري لفصائل المقاومة.
ابن سلمان يجمّد المفاوضات في اليمن:
على المقلب اليمني، ومنذ انتهاء الهدنة الإنسانية، من دون تجديد مطلع تشرين الأول الفائت، شهد الملف اليمني محاولات لبسط السلام الدائم من بوابة الوساطة العمانية وما تلاها من زيارة لوفد سعودي إلى صنعاء. وعدا عن انتظار صنعاء لوفد عماني خلال الأيام القادمة، فإن حالة من الجمود المستمر منذ عدة أشهر تسيطر على المفاوضات بين صنعاء والرياض.
واستباقاً لزيارة الوفد العُماني، استبعد المبعوث الأميركي لدى اليمن، تيم ليندركينغ، نجاح أيّ مساع جديدة في إحداث اختراق في هذا الملفّ. وخلال لقاء أجراه معه موقع “المونتيور”، أواخر الأسبوع الماضي، أعاد المبعوث طرح شرط بلاده المتمثّل في ربط صرف المرتّبات بموافقة جماعة الحوثي على عقد مفاوضات يمنية – يمنية. وقبل ذلك، سرّبت حكومة عدن معلومات عن تلقّي الوسيط العُماني إشارات إيجابية من صنعاء بشأن قبولها ببعض المقترحات المتّصلة بإنهاء معاناة الموظفين، وهو ما قوبل بردّ على لسان وزير الدفاع في حكومة صنعاء اللواء محمد ناصر العاطفي، الذي أكد أن حكومته “لا يمكن أن تقبل أيّ مراوغة أو تلكؤ في تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه”، مشيراً إلى “التدخّل الأميركي والبريطاني بشكل فاضح وواضح لإعاقة الجهود المبذولة لتحقيق السلام”، مؤكداً أن اليمن “لا يزال قادراً على فرض قواعد اشتباك جديدة”. كما جدّد دعوته «دول العدوان إلى سرعة الانحراط في سلام عادل وشامل”، محذّراً الرياض وأبو ظبي من تداعيات “الاتكاء على جدار أميركا وبريطانيا كون ذلك مصيره الانهيار”.
وجاءت تصريحات العاطفي خلال مناورة عسكرية نظّمتها قيادة المنطقة العسكرية المركزية التابعة لصنعاء، بالقرب من مدينة مأرب شرقي العاصمة، حملت رسائل متعدّدة، وأظهرت استعداداً قتالياً عالياً. وفي خلال المناورة العسكرية التي خرّجت أيضاً دفعات قتالية جديدة، كشفت قوات صنعاء عن امتلاكها عدداً من وحدات الإنزال المظلّي، لأوّل مرّة منذ بدء العدوان مطلع عام 2015. ووفقاً لمراقبين عسكريّين، فإنّ التطوّر في إمكانات تلك القوات، والذي أظهرته الأشهر الماضية، ينبئ بأنها استغلّت فترة الهدنة في بناء قدرات كفيلة بفرض واقع عسكري أكثر تقدّماً لمصلحتها في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار.
حرب الناقلات الجديدة في الخليج:
كل ذلك يجري، بالتوازي مع التصعيد الأميركي في منطقة الخليج، حيث قال المسؤول السابق، في “الـ CIA” ، بول آر بيلار : “إنّ وضع قوات أميركيّة على متن سفن تجارية يتناقض مع الهدف المعلن لدى إدارات أميركيّة عدة، وهو خفض تورط الولايات المتحّدة في الشرق الأوسط، وتخصيص الموارد لأماكن أخرى، خاصة شرق آسيا والمحيط الهادئ“.
ففي مقالة، نُشرت على موقع “Responsible Statecraft”، حذّر الكاتب من أن تكثيف التورط العسكري الأميركي، في الشرق الأوسط، يتسبب باستدامة نقاط الضعف الأميركيّة. إذ إنّ القوات على متن السفن قد تصبح أهدافًا للنيران المعادية، كما هو الوضع مع القوات الأميركيّة الموجودة في العراق وسورية. وأضاف : أنّ وجود هذه القوات يزيد من خطر جرّ الولايات المتّحدة إلى نزاعات مسلحة أكبر”.
أشار الكاتب، أيضًا، إلى أنّ الهدف المعلن لوضع القوات الأميركيّة على متن السفن، وكذلك الخطوات الأميركيّة الأخرى بإرسال تعزيزات عسكريّة إلى المنطقة مؤخرًا، يتعلّق بالاستيلاء على بعض ناقلات النفط الإيرانيّة التي تمرّ عبر مضيق هرمز، أو مضايقتها؛ بحسب تعبيره. ورأى أنّه: “كان بالإمكان تجنّب هذا المشهد لو تبنت الولايات المتّحدة سياسات مختلفة”، مدعيًا أنّ “إيران تقوم باعتراض السفن في سياق ردّ الفعل”.
كما تابع الكاتب أنّ: “الولايات المتحدة هي من بدأت في ملاحقة الناقلات والاستيلاء على نفطها، وليس إيران”، مؤكدًا أنّ ما قامت به بلاده يعكس سياسة أحاديّة بهدف منع تصدير النفط الإيراني، مشددًا على أنّ هذه السياسات لا تستند إلى القانون الدولي، وتوصيف إيران لما قامت به واشنطن من احتجاز ناقلات بالقرصنة لم يكن مفاجئًا. وأردف الكاتب: “إنّ ما يحصل يذكر بحرب الناقلات، خلال حقبة الثمانينّات، حين بادر نظام الرئيس العراقي صدّام حسين باستهداف الناقلات ومنشآت نفطية تجارية أخرى”.
كما رأى بيلار: “إنّ تكثيف الوجود العسكري الأميركي، إلى جانب تكثيف العمليات العسكريّة في الخليج، يتناقض والتوجه نحو خفض التصعيد الذي ساد خلال المرحلة الأخيرة”. وذكر في هذا السياق عودة العلاقات بين إيران والسعوديّة برعاية صينيّة، وتحسين العلاقات بين إيران ودولة الإمارات، مشددًا على ضرورة أن يتأمل صنّاع السّياسة الأميركيّة جيدًا في البصمة التي يريدون تركها في المنطقة كونهم طرفًا خارجيًا.
ارسال التعليق