مونديال 2022: من يقف خلف الهجوم على قطر؟
منذ فوزها عام 2010 بحق تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم نسخة 2022، تتعرض البلد الغني لهجمات إعلامية شرسة من قبل دول ومسؤولين أصحاب نفوذ من أجل تشويه سمعتها والعمل على سحب حق التنظيم منها.
السعودية والإمارات كانتا في مقدمة الدول التي عارضت استضافة قطر لكأس العالم، حيث وقف كلا البلدين وراء وسائل الإعلام، وقاموا بتمويل إعلامية من أجل صناعة دعاية سلبية تؤثر على جهود قطر في تنظيم للمونديال العالمي الذي يحدث كل أربع أعوام.
في مرحلة ما، كشفت صحيفة الغارديان أن الإمارات والسعودية دفعتا 5.5 مليون جنيه إسترليني للينتون كروسبي لتقويض أي جهود تنظيمية لكأس العالم قطر 2022، وعلى الرغم من الإصلاحات الجذرية التي أدخلتها الدولة الخليجية الصغيرة على نظام العمل وإلغاء نظام الكفالة الذي كان يستعبد العمال المهاجرين، واعتماد حد أدنى للأجور، إلا أن محور الشر الذي يحارب قطر استمر في التركيز على السلبيات، وأحياناً تلفيق بعض الأخبار ذات المصادر المشبوهة التي من شأنها الإضرار بسمعة البلاد وبالتالي التأثير على تنظيم البطولة.
من خلال البحث والتقصي اتضح أن مصدر هذه البروباجندا السلبية كان واحداً تقريباً: منظمة غامضة مقرها في الولايات المتحدة بالشراكة مع الغارديان.
خلال أزمة عام 2017 بين دول الخليج، حين أعلنت الإمارات والسعودية والبحرين بجانب مصر عن مقاطعة قطر دبلوماسياً وفرض حصار جوي واقتصادي عليها، اشتدت الحملة المناهضة لقطر حيث قامت كل من الإمارات والسعودية بتوجيه ملايين الدولارات إلى جماعات الضغط في جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة بهدف واحد؛ تشويه سمعة قطر وربطها بالإرهاب الدولي والإضرار ببطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 بحجة انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في قطر -على حد زعمهم- وبشكل نسبي، تمكنت جماعات الضغط والجهات الإعلامية الموجهة من توجيه خطاب معاد لقطر أثر بشكل خطير على الصورة.
منذ فوزها بحق استضافة كأس العالم 2022، عملت قطر بسرعة على تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان، وخاصة فيما يتعلق بملف العمال المهاجرين، ألغت نظام الكفالة، وقيود السفر المفروضة على حركة العمال، واعتمدت الحد الأدنى للأجور، وضمنت الالتزام بمعايير الصحة والسلامة الدولية.
هذه الإصلاحات أشادت بها في مناسبات عديدة منظمة العمل الدولية، وكذلك هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، مع ذلك، لم يتم الاحتفاء بها أو التركيز عليها، فيما يتعلق بنقل الجانب الإيجابي من قطر، لا يُقال إلا القليل عن ظروف العمل مثل نظام السداد الشامل، وآليات التظلم وحق الوصول إلى العلاج، وبرنامج التغذية، والصحة العقلية، والتدريب وصقل المهارات.
في هذا السياق، قالت الحكومة القطرية إنها عززت قدرتها على تحديد ومعاقبة الشركات التي تحاول انتهاك قوانين العمل، وبالفعل تم توقيع أكثر من 7000 عقوبة على الشركات بسبب جرائم العمل في الربع الأخير من عام 2020.
بالإضافة إلى ذلك، ندد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني – خلال كلمته في يوم افتتاح الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس- بالهجمة الموجهة ضد قطر على خلفية استضافتها لمونديال كأس العالم 2022، والمقرر عقده من 21 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 18 ديسمبر/كانون الأول هذا العام.
قال الأمير تميم إن قطر هي “ضحية تمييز وعنصرية واضحة.. لأن البعض ببساطة لا يقبل أن دولة عربية وإسلامية تنظم مثل هذا الحدث الضخم”، مضيفاً في كلمته أثناء افتتاح الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في سويسرا: “على مدى عقود، يعاني الشرق الأوسط من التمييز… وإلى اليوم، لا يزال هناك أناس لا يستطيعون قبول فكرة أن دولة عربية وإسلامية يمكنها تنظيم حدث مثل كأس العالم”.
أمير الدولة الخليجية رفض الاتهامات الموجهة لدولته بأنها تسيء معاملة العمال الأجانب وتنتهك حقوقهم، بل أكد أن الدولة سعت بكل الطرق إلى الالتزام بالمعايير الدولية، وتم إدخال إصلاحات جذرية على نظام العمل والكفالة الذي كان يحول الموظفين والعمال إلى عبيد، وأشار “رداً على الهجمات المكثفة وغير المسبوقة من الأشخاص أصحاب النفوذ والمناصب المؤثرة -عالمياً-، قمنا بإلغاء نظام الكفالة عام 2016، واعتماد حد أدنى للأجور عام 2020”.
وتابع الشيخ تميم “قطر مثل أي دولة في العالم، بالطبع ليست مثالية، لكننا نحاول باستمرار تحسين الأوضاع والسعي لحل المشكلات”، مضيفاً “نحن فخورون جدًا بالتطور والإصلاحات والتقدم الذي أحرزناه، ونحن ممتنون لبطولة كأس العالم التي سلطت الأضواء على بعض المجالات، وألهمتنا القيام بإجراء هذه التغييرات بسرعة البرق”.
هجمات الغارديان ومنظمة Humanity United الممولة من الإمارات:
تتبعت فرق DCT المقالات المنشورة ضد تنظيم بطولة كأس العالم في قطر على مدار العامين الماضيين، وقامت بتحليل مصادرها والادعاءات التي قدموها وكذلك المصادر التي يدعون أنهم اعتمدوا عليها، التقصي خلف إلى أن المعلومات التي نشرتها صحيفة الغارديان تضمنت أخباراً مزيفة ومضللة تم تغذيتها جميعًا من قبل شركة علاقات عامة ومنظمة حقوقية لها روابط بالإمارات العربية المتحدة.
يمكن لفريقهم البحثي أن يؤكد أن جميع التقارير السلبية عن كأس العالم في صحيفة الغارديان مقدمة من مجموعة هيومانيتي يونايتد ومقرها الولايات المتحدة ولها صلات مع الإمارات العربية المتحدة.
الغارديان وهيومنتي يونايتد لم يتطرقا أبداً إلى أن قطر نفذت بالفعل جميع المتطلبات التي حددتها منظمة العمل الدولية والفيفا، والذين بدورهما أشادتا بالتحسينات التي شهدتها دولة قطر ورعايتهما للعمال الأجانب.
هيومانيتي يونايتد والهجوم على قطر:
لا يتم تمويل الحملة المناهضة لقطر من قبل التبرعات الفردية أو التمويل الجماعي، بل إن مصادر التمويل مشبوهة كعمل الحملة، وببساطة تحدثنا عن المنظمة الراعية للحملة التي يديرها الأغنياء.
منظمة هيومانيتي يونايتد هي منظمة غير ربحية مقرها في سان فرانسيسكو في الولايات المتحدة وتملكها مجموعة أوميديار التابعة لرجل الأعمال الأمريكي الإيراني بيير أوميديار، وهو الذي أنشأ منظمة هيومانيتي يونايتد عام 2008 مدعياً أن الهدف الأساسي للمنظمة هو العمل على جعل الإنسانية أجمع متحدة، والسعي بكل جهد من أجل الحفاظ على كرامة الإنسان ومحاربة أي استغلال قد يتعرض له الإنسان.
لكن وبالرغم من هذه الشعارات الجوفاء، لم تناقش منظمة هيومنتي يونايتد “العبودية الحديثة” المنتشرة في الإمارات العربية المتحدة أو المملكة العربية السعودية أو دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، ولكنها ركزت فقط على كأس العالم في قطر مع الترويج لصورة سلبية حول معاملة العمال وخطورة مواقع البناء.
روابط هيومانيتي يونايتد مع الإمارات:
من خلال مصادر خاصة، يمكننا الكشف عن أن مجموعة أوميديار لديها روابط قوية بدولة الإمارات، حيث أنشأت مجموعة أوميديار شركة Legatum ، وهي شركة تدعي أن استثماراتها تهدف إلى خدمة الإنسان وتوفير التعليم ومكافحة العبودية، لكن الواقع يؤكد أنها شركات موجهة لا تعمل إلا على ملف ذو وجهين: تشويه قطر، وتلميع صورة الإمارات والتغطية على جرائمها وانتهاكاتها ضد الإنسانية.
عام 2008، تعاونت Legatum و Omidyar Network ، وهي شركة استثمار خيرية أسسها بيير أوميديار ، في استثمار ما مجموعه 40 مليون دولار في صندوق يونيتوس للأسهم (المعروف الآن باسم Elevar Equity ) والصندوق عبارة عن مشروع تجاري يدعي أنه يوفر رأس المال للشركات التي تستهدف خدمة الفقراء في العالم النامي، لكن من غير المستبعد أن كثير من هذه الشركات تستخدم في غسيل الأموال كما هو مشهور عن دبي التي تستقطب الفاسدين من رجال الأعمال حول العالم.
في عام 2021، استثمرت Legatum في GB News ، وهي قناة تلفزيونية بريطانية جديدة، وفي عام 2021 أيضًا، استثمرت Legatum في Mobile Premier League ، وهي منصة للرياضات الإلكترونية والألعاب.
بيت باتيسون: فاعل خير أم محراب شر؟
ما يقرب من 90٪ من المقالات والتحقيقات المعادية لقطر في وسائل الإعلام البريطانية والعالمية كتبها الصحفي بيت باتيسون، الصحفي البارز في صحيفة الغارديان.
بيت باتيسون هو مستشار محلي سابق في لويشام بلندن أصبح فجأة صحفيًا استقصائيًا، وإلى جانب عمله الصحفي، يعمل في مجال الأعمال الخيرية في الدول الفقيرة، لكن اهتماماته الأخيرة تركزت حول معاداة قطر بصورة ملحوظة.
ظهر بيت باتيسون في مقابلة مع المرصد الدولي لحقوق الإنسان -منظمة حقوقية ممولة من الإمارات وأسسها الصحفي المصري محمد فهمي.
تشتهر المنظمة الدولية لحقوق الإنسان بالدعاية المناهضة لقطر وقد أرسلت عددًا من الصحفيين السريين إلى قطر من أجل رصد الانتهاكات -أو هكذا يزعمون.
تمت الآن إزالة مقابلات المرصد مع بيت باتيسون من صفحات Facebook الخاصة بهم، وفي تقييمنا، فإن إزالة تلك المقابلات هو لتجنب إظهار الروابط بين المنظمات الإماراتية وباتيسون، على وجه الخصوص، خاصة مع وجود تاريخ المثير للجدل للمرصد الذي خرجت تقارير سابقاً تقول إنه يروج للنظام الإماراتي بالكذب والخداع.
لا يزال من غير الواضح كيف ولماذا تخلى مستشار محلي من حي لويشام الفقير في لندن عن حياته المهنية ونشاطه في تلك المدينة وفجأة أصبح صحفيًا “استقصائيًا” منتشرًا في آسيا حيث 75٪ من عمله مخصص فقط لمهاجمة قطر بشكل غير موضوعي، إذ لم يشر ولو مرة واحدة إلى أي إصلاح قامت به البلاد في ملف العمالة.
كما أنه لم يتطرق من قريب أو من بعيد إلى أي انتهاكات ضد العمال المهاجرين في دول الخليج الأخرى مثل الإمارات، أو السعودية أو البحرين.
صعود باتيسون المفاجئ وتغيير اهتماماته بهذه الصورة يثير تساؤلات أيضاً حول الأعمال الخيرية التي يعكف عليها وعن السر ورائها؟ هل يمكن أن يكون هناك رابط بين شبكة المدارس التعاونية التي يشرف عليها باتيسون وبين منظمة هيومانيتي يونايتد؟ هل ترعى المنظمة ومن ورائها شبكة المدارس التعاونية بالطريقة التي يتم بها رعاية مقالات باتيسون في صحيفة الغارديان؟
ارسال التعليق