ميدل إيست آي.. ما هو مصير 106 مليارات صادرتها السعودية؟!
تساءل موقع “ميدل إيست آي” البريطاني في تحقيق صحفي نشره، عن مصير 106 مليارات دولار صادرتها السلطات السعودية من381 مواطنا سعوديا، بينهم أمراء ووزراء ورجال أعمال، الشهر الماضي.
وتقدم “عربي21” ترجمة خاصة كاملة لتحقيق “ميدل إيست آي” البريطاني، بينما تعود غرف فندق “ريتز كارلتون” الرياض إلى زبائنها الذين يدفعون 650 دولارا لليلة الواحدة، يثير التحقيق تساؤلات حول المدى الذي ذهبت إليه السعودية في النيل من الفساد والفاسدين.
ويكشف التحقيق عن أن أسئلة أساسية ما تزال تحوم حول الأحداث التي بدأت في الرابع من نوفمبر عندما استدعيت مجموعة من الأمراء ورجال الأعمال إلى الفندق من فئة الخمسة نجوم لما ظنوا أنه اجتماع في الساعات المتأخرة من الليل مع ولي العهد، إلا أنهم بدلا من ذلك ألقي القبض عليهم واحتجزوا في داخل الفندق الفاره. بل وتعرض بعض كبار الأمراء للضرب والتعذيب حتى يكشفوا عن تفاصيل حساباتهم البنكية، لدرجة أنهم احتاجوا إلى العناية الطبية داخل المستشفى.
وبعد أن أفرج عن معظم الأمراء ورجال الأعمال وأطلق سراحهم، صرح النائب العام في السعودية سعود المعجب في الثلاثين من يناير بأن ما يزيد عن 106 مليارات دولار تمت مصادرتها من 381 مواطنا سعوديا، إلا أن تحقيقا أجراه موقع “ميدل إيست آي” يكشف عن أن النذر اليسير فقط معلوم عن غالبية من كانوا محبوسين هناك، وعن نوع الممتلكات التي أجبروا على تسليمها أو التخلي عنها وعن كيفية الوصول إلى الرقم المعلن عنه فيما لو كان صحيحا فعلا.
وقال مستشار مالي يعمل في منطقة الخليج، ولديه معرفة واسعة ومعلومات تفصيلية حول العديد من الشخصيات التي كانت رهن الاحتجاز: “لا يبدو أن الحسبة صحيحة”.
وفي مقابلة مع “سي إن بي سي” حول حملة التطهير، قال علي الشهابي، مدير مؤسسة الجزيرة العربية التي تتخذ من واشنطن العاصمة مقرا لها: “لقد شابتها حالة من الفوضى العارمة، وتسببت في تعطيل كثير من الأعمال، وربما كانت لها على المدى القصير بعض التداعيات السلبية، ولكنها تمثل على المدى البعيد تطوراً إيجابيا جدا”، إلا أن انعدام الشفافية في الإجراءات المحيطة بحملة التطهير تبعث على الاستنتاج بأن نفس الأشخاص ونفس الممارسات التي استخدمت قبل الحملة ستظل موجودة فيما بعدها.
ويقول بروس ريدل، المحلل السابق في المخابرات الأمريكية (سي آي إيه)، والذي يشغل حاليا منصب مدير مشروع “بروكنغز إنتلجنس”: “لو كان ذلك إجراء حقيقيا لمكافحة الفساد لكان لدى الحكومة مصلحة في ضمان أن يعرف جميع الناس هوية من ألقي القبض عليهم وطبيعة التهم الموجهة إليهم. ولكن، إذا لم تكن مثل هذه المعلومات متاحة، فهذا يعني أن الحكومة السعودية تتستر على شيء ما، وأن ما تم من إجراءات لا علاقة له في حقيقة الأمر بمكافحة الفساد على الإطلاق، وإنما يتعلق بجمع الأموال لإنقاذ بلد يعاني من أزمة اقتصادية شديدة جدا”.
وتم توثيق هويات ما يقرب من ثلاثين من الشخصيات السعودية التي ألقي القبض عليها في شهر نوفمبر. كان أشهر هذه الشخصيات وأكثرها ثراء الأمير الوليد بن طلال، والذي أطلق سراحه الشهر الماضي.
وكان الوليد قد صرح في مقابلة أجريت معه أثناء احتجازه داخل “الريتز” أن الأمر برمته لا يتعدى كونه “سوء فهم”. وكان من ضمن المحتجزين أيضا عدد من مشاهير رجال الأعمال من مختلف القطاعات وعدد من كبار الأمراء، بما في ذلك الأمير متعب بن عبدالله، والذي كان في وقت من الأوقات مرشحا للجلوس على عرش المملكة السعودية، وكذلك عدد من كبار المسؤولين السابقين والحاليين في الحكومة. بل إن أحد المعتقلين، وهو إبراهيم العساف، والذي يشغل حاليا منصب وزير دولة ويعمل كذلك مستشارا لدى الملك سلمان، احتفظ بمنصبه بعد إطلاق سراحه وترأس وفد المملكة العربية السعودية إلى المنتدى الاقتصادي العالمي في “دافوس” في شهر يناير.
وقد تمكن موقع “ميدل إيست آي” من التعرف على هويات أربعة وثلاثين من الشخصيات التي اعتقلت، ولكن إذا كان الرقم الإجمالي لعدد من ألقي القبض عليهم، كما يقول المعجب، هو 381، فمن هي الشخصيات الأخرى يا ترى؟. قبل أسابيع من حملة التطهير التي شنت في نوفمبر، جرى اعتقال ما يزيد عن ستين من رجال الدين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والشعراء، وعلى الرغم من أن هذه الوجبة من المعتقلين حظيت باهتمام إعلامي أقل بكثير، إلا أن هويات المعتقلين كانت معروفة إلى حد كبير لدى منظمات حقوق الإنسان، وأصدرت منظمة القسط الحقوقية السعودية، التي تنشط من بريطانيا، قائمة كاملة بأسمائهم.
لكن الأمر نفسه لم ينطبق على المجموعة التي احتجزت في نوفمبر فقد تواصل موقع “ميدل إيست آي” مع أربع من المنظمات الحقوقية الرئيسية التي ترصد أوضاع حقوق العربية السعودية وهي “هيومان رايتس واتش”، والعفو الدولية، ومؤسسة الكرامة، ومنظمة القسط، وذلك لمعرفة ما إذا كانت أي منها تملك تزويد الموقع بقائمة بأسماء المعتقلين.
وبعد أيام من بدء الاعتقالات في نوفمبر، قال المسؤولون السعوديون إنهم صادروا ما قيمته 800 مليار دولار على شكل سيولة نقدية وممتلكات أخرى. ثم نزل هذا المبلغ إلى النصف بعد عشرة أيام ليتراوح ما بين 300 و 400 مليار دولار. وها قد وصل الآن إلى 106 مليارات دولار. يقول ريدل تعليقا على ذلك: “ما يكشف عنه ذلك هو أن الأمر لم يكن مخططاً له بشكل جيد، وهذا لا يدهشني”. تراجعت تقديرات الأرقام لأسباب قد يكون منها المصاعب التي تواجه المسؤولين السعوديين في مصادرة الممتلكات الموجودة خارج المملكة. وذلك أن بعض هذه الممتلكات مقيد باتفاقيات قانونية يصعب معها نقل الملكية، كما أن بعضها مودع في البنوك السويسرية التي ما فتئت تصد محاولات لوضع اليد عليها، بحسب ما ورد في تقرير لصحيفة “الفاينانشال تايمز”.
14/2/2018
ارسال التعليق