ميزانية المملكة بين 2017 و2020 والقادم أنكى بالكاد
أعلنت وزارة المالية السعودية الأرقام الرسمية لميزانية المملكة للعام المقبل 2017، والتي تضمنت إجراءات جديدة من التقشف الذي يستهدف بالدرجة الأولى والأخيرة المواطن لا غير بذريعة تعزيز الاستدامة المالية وتنويع مصادر الدخل، وترشيد الإنفاق الحكومي، ودعم القطاع الخاص بما يعزز مستويات النمو.
ويبلغ الإنفاق المقدر في العام المقبل 890 مليار ريال، بزيادة بنسبة 6%، عن الإنفاق المحقق في عام 2016. وتصل قيمة الإيرادات المتوقعة في 2017، الى 692 مليار ريال (الدولار = 3.75 ريال سعودي)، بارتفاع 31%، عن الإيرادات المحققة في 2016. وكشفت الأرقام المعلنة أن ميزانية 2017، ستسجل عجزا بنحو 198 مليار ريال أي أقل من 2016 بنسبة 33% ، توقعات قائمة على أن يكون متوسط سعر برميل النفط عند 55 دولاراً وهو ما يراه المراقبون بعيدة جداً .
وقدرت وزارة المالية السعودية أن تشهد ميزانية المملكة للعام الجاري 2016 عجزاً لقيمة 297 مليار ريال أي بأقل حوالي 9% عن المقدر سابقاً فيما تقارير مراكز المال العالمية ومنها صندوق النقد الدولي يؤكد أكذوبة هذه التوقعات مقدراً تجاوز عجز موازنة المملكة للعام الجاري الـ 100 مليار دولار، وذلك إستناداً لما أفادته وكالة الأنباء السعودية في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي والذي كشف خلاله حجم الديون المحلية والدولية المتراكمة على المملكة حيث بلغ أكثر من 63 مليار دولار .
يحكى عن احد الحكام انه شاهد حماراً دخل الى بستانه، فامر باحضار الحمار الذي لم يكن له صاحب واعدامه... فهمس الوزير انه حمار يا مولاي!!، فامر الحاكم على الحمار ان يتعلم الأصول ويراعي الأوامر الملكية... وأذن مؤذن في المدينة بدعوة من يملك القدرة على تعليم الحمار وله من المال ما يشاء؛ حتى تقدم رجل وقرر انه سيعلم الحمار ، بشرط ان يمنحه السلطان قصرا يعيش فيه ومالا وفيرا وبستانا كبيرا ومدة عشر سنوات لتعليم الحمار ...فوافق الحاكم، واخبر الحاكم الرجل انه سيقطع رقبته ان لم يفلح في تعليم الحمار ...انطلق الرجل لزوجته يخبرها ان تحزم امتعتهم لانهم سينطلقون للقصر الجديد ولكن سالته زوجته عن مصيره المحتوم بعد انتهاء المده لان الحمار لن يتعلم... فرد عليها : ((بعد عشر سنين اما يموت السلطان او اموت انا ..او يموت الحمار )) وموت يا حمار .
هي قصة القائمين على السلطة في مملكة الذهب الأسود الساعين بخططهم الفاشلة زيادة المتابع والدين على كاهل المواطن المغلوب على أمره وتزايد الإضرار به وتضييق الخناق عليه في البحث عن لقمة العيش الكريم، شعب يعد من أكثر شعوب العالم ثراءاً، فيما الحد من الفساد الاقتصادي المتفشي وبشكل واسع النطاق في الدوائر الملكية وكف الأمراء عن سرقة بيت المال من كل صوب وحدب هو الطريق الوحيد لخروج المملكة من الأزمة الاقتصادية المتفاقمة والتي رفعت من معدلات الفقر والبطالة والجرائم الاجتماعية في الشارع السعودي بصورة لا يتصورها الكثير منا .
المعنيون بالأمر خططوا لمستقبل المملكة حتى العام 2020 بما يتلائم ويتناسب مع خطة ولي ولي العهد محمد بن سلمان والتي اعلنها قبل أشهر للعام 2030 التي ولدت ميتة حسب تقديرات وتأكيدات المراقبين الدولين والاقليمين لما يرونه من تدهور في الوضع الاقتصادي والسوق المالي في المملكة؛ مشددين على نمو الاقتصاد وتعافيه خلال السنوات الثلاث القادمة على أمل أن يرتفع سعر النفط الى 66 دولاراً فيما المؤشرات تشير الى أن ذلك لن يتحقق وأن سعر النفط سوف لن يتجاوز الـ42 دولاراً للبرميل الواحد ما سيؤدي الى ارتفاع شديد في عجز الميزانية العامة للبلاد - حسب بلومبرغ .
وفي طريقها لتحقيق الاستدامة المالية اتخذت المملكة عدداً من الإجراءات ستبدأ في 2017، برفع أسعار الكهرباء والوقود، وفي 2018، سيتم تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وفي 2019، سيتم رفع أسعار المياه، على أن يتم ربط كافة هذه الأسعار بالأسعار العالمية في عام 2020؛ الى جانب استمرار الرياض إصدار المزيد من السندات الحكومية لتمويل العجز في ميزانيتها، كما ستستمر بسحب مزيداً من المليارات من صندوقها السيادي الاحتياطي الذي تشكلت أمواله من فوائض الطفرات النفطية.
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أعادة قبل فترة وجيزة نشر تقرير سابق مفزع لها، كان قد أعده مراسلها في الرياض، يحكي عن تزايد معدلات البطالة والفقر في المملكة العربية السعودية، حيث تجاوز عدد السعودين الذين يعيشون تحت خط الفقر الستة مليون شخص وهم يكافحون على هامش واحدة من أقوى الاقتصادات في العالم؛ كاشفة عن القبض على عدد من المدونين السعوديين وايداعهم السجون لنشرهم حقائق المعاناة التي يعانيها ابناء المملكة وتنامي الفقر في المملكة على شبكات التواصل الاجتماعي، مشددة أن مواطني السعودية يعيشون في فقر مدقع بعد اعتقادنا أن ثراءهم فاحش، و"إن الدولة تخفي الفقر بشكل جيد"، و"النخبة (أي الأمراء وأصحاب المال والمقام) لا ترى معاناة الفقراء، والناس جوعى".
التقارير تؤكد أن معدل الفقر بين السعوديين في ارتفاع مستمر كما هو الحال مع نسبة البطالة بين الشباب، علما أن أكثر من ثلثي السعوديين هم تحت سن 30، وحوالي ثلاثة أرباع السعوديين العاطلين عن العمل هم في العشرينيات من عمرهم، وفقا لإحصاءات الحكومة، خاصة بين الاناث حيث تؤكد الدراسات أن "الفقر المؤنث" في السعودية تجاوز الـ 42 % وأن 75% يعشن "بلا عائل حقيقي" – حسب دراسة للكاتبة السعودية الشيماء عبد العزيز وأصدرتها مؤسسة الملك خالد الخيرية؛ فيما اشار طراد الاسمري- (أنحاء) في دراسة حديثة أن ما نسبته 90.2% من النساء السعوديات الفقيرات لا يعملن، رغم تراوح أعمارهم ما بين 18 سنة وأقل من 50 سنة ، وهو ما يؤكد إهمال المرأة وحرمانها من الانخراط في سوق العمل، وأن هذا سبب رئيسي لجعلها تعاني من الفقر وأن تكون ضحية .
ربما لايصدق البعض أنه هناك الكثير والكثير من مناطق المملكة لا تزال تعيش الحرمان المدقع من الخدمات الاجتماعية وأبسطها فقدان أهلنا هناك للكهرباء وهم لا يزالون يستخدمون "المواطير"، كما جاء في أحدى حلقات برنامج "الثامنة" التي يقدمها داوود الشريان، ومن تلك المناطق قرية "الرقبة" قرب محافظة "فيفا" جنوبي المملكة حيث أكد سكانها أنهم يفتقرون إلى وجود الكهرباء منذ وقت طويل أكثر من سبعة عقود، وأنهم يعيشون على المولدات البدائية "المواطير" !! .
العجز في ميزانية المملكة متواصل منذ أربعة سنوات وتعثرها المالي الكبير دفعها الى اعتماد محاولات لتقليص العجز في ميزانيتها الأكبر بين 20 اقتصاداً عالمياً، والناجم عن انخفاض أسعار النفط نتيجة سياستها في رفع مستوى الانتاج الذي كانت قد حددته "أوبك" من قبل، وكذلك نفقات الحروب التي اشعلتها وتديرها في المنطقة والتسلح المتطور الماضية فيه للمجموعات الارهابية؛ فكثفت المملكة النفطية جهودها لإلغاء مشاريع تقدر بـ20 مليار دولار، وخفّضت ميزانيات وزاراتها بمقدار الربع، ورفعا تدريجيا لأسعار الطاقة لتخفيف الضغوط على الحكومة، بحسب تقرير لوكالة "بلومبرغ" الأميركية قبل أيام.
بقلم : حسن العمري
ارسال التعليق