نحن والشوارع الداخلية للمدن
في أحيان كثيرة قد لا تحتاج الوقائع والحقائق إلى براهين لإثباتها، فالجميع يراها، ويعلمها ويعانيها، ويشتكي هنا وهناك دون جدوى. وخير مثال الحالة "المزرية" التي تعيشها معظم شبكة شوارع وطرقات أحيائنا الداخلية والفرعية التي تعاني الحفر الصغيرة والكبيرة، والتشققات، والانكسارات والارتفاعات، و"الهبوطات" الأرضية، وسوء إعادة الرصف، و"الميلان" والتأخر في العمل، وكثرة الكشط والترقيع، وأصبح ينفق من المال العام على نفس الشوارع لصيانتها كل سنة عدة مرات دون نتيجة.
معضلة خدميةوفي ظل التمدد العمراني التي تشهده بلادنا، هل أصبحنا نتعامل مع معضلة "خدمية" مزمنة لا تستطيع "البلديات" وأمانات المدن الكبيرة معالجتها؟ ولا يمكنها وضع آلية لتنسيق أعمال الصيانة والحفر بين الجهات المعنية؟ ولم تستطع توظيف الاعتمادات المالية السخية التي تقدمها الدولة لتنفيذ أعمال الصيانة بشكل مثالي؟ أم أنها لا تملك الإمكانات لمراقبة العيوب الواضحة وتضطر إلى تسلُّم الشوارع بعد إصلاحها دون تدقيق في جودة التنفيذ؟ ولا تملك القدرة على إلزام ومحاسبة المقاولين والمتعهدين وشركات التنفيذ على تصليح وترميم الطرق حسب المواصفات المثالية المطلوبة؟
حالة مزريةإن الحالة المزرية التي تشهدها أغلب الطرق الداخلية في الأحياء، والاهتمام الواضح بالطرق الرئيسة فقط، تسببت في كثير من المعاناة، وألحقت أضراراً كبيرة بشكل شبه يومي بسيارات المواطنين والمقيمين، وشوّهت المنظر الحضاري العام في أغلب مناطق المملكة ومحافظاتها.. فالتنفيذ السيئ في عملية الترميم والإصلاح والردم، وتفكك طبقات الأسفلت واضح، وضعف التنسيق بين الجهات الخدمية كـ"البلديات والكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها" واضح، ومعاناة المواطنين بزيادة تكاليف إصلاح سياراتهم واضحة، وزيادة معدلات حوادث الطرق بسبب كثرة التحويلات، والحفريات، والتشققات واضحة، والجميع يعاني، وبخاصة الأطفال وكبار السن، من الغبار والتلوث والضوضاء التي تضر الصحة.
شركاء التخريبإن بقاء الشوارع على حالتها السيئة، هو إهدار مستمر لكثير من الميزانيات العامة المخصصة للصيانة التي تنفق باستمرار دون تحرك واعٍ يعالج الخلل، وعدم اهتمام بسلامة وأمن مركبات العابرين، وسالكي هذه الطرقات، وضعف محاسبة المتعهدين "شركاء في التخريب" الذين يتسلمون الطرقات نظيفة ثم يتركونها مشوهة مليئة بالنتوءات والانكسارات والحفر.
مراقبة ومحاسبةوعليه، فموضوع رداءة حال أغلب شبكة الشوارع الداخلية والفرعية في المدن، يحتاج إلى اهتمام أكبر من المسؤول، ومراقبة أكثر من البلديات، ومحاسبة أشد للمتعهدين، والمقاولين، والشركات المنفذة، على اعتبار أنه أمر يتعلق بأمن وسلامة الطرق وسالكيها، وبجودة الحياة، وبمنظرنا الحضاري العام، حتى لا تبقى هذه المشكلة "الخدمية" بلا حل، وواقعاً مريراً نعيشه كل يوم، ويتمدد ليأخذ اتجاهات سلبية مختلفة في تغليب المصالح الخاصة على مصلحة الوطن، على الرغم من الميزانيات التي توفرها الدولة لإصلاح وترميم الشوارع سنوياً.
ارسال التعليق