نساء العائلة المالكة يرعبن ابن سلمان
أعلنت منظمة حقوقية السبت 8 يناير 2022 عن قيام سلطات النظام السعودي بالإفراج عن أميرة العائلة المالكة التي سجنت تعسفيا لمدة ثلاث أعوام في سجون الرياض من دون توجيه أي تهمة لها. وكانت الأميرة بسمة قد ناشدت الملك سليمان و ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في ابريل 2020 بالإفراج عنها لأسباب صحية حيث تبلغ الأميرة بسمة آل سعود 57 عاما و هي سيدة أعمال. الاميرة بسمة تعتبر أصغر أبناء الملك الراحل سعود بن عبد العزيز كان تم ايقافها من قبل السلطات السعودية أثناء توجهها إلى سويسرا في رحلة للعلاج.
كانت الأميرة بسمة قد صرحت قبل سجنها بمجموعة من المواقف المنددة للانتهاكات التي يمارسها آل سعود في البلاد حيث أنها كانت مؤيدة للاصلاح في المملكة السعودية و منتقدة للانتهاكات الواقعة. وأعلنت منظمة "القسط" لحقوق الإنسان ومقرها لندن على تويتر "الإفراج عن بسمة آل سعود وابنتها سهود الشريف، اللتان تعرضتا للاختفاء القسري منذ آذار/مارس 2019". وبحسب المنظمة الحقوقية "طوال فترة الاعتقال لم توجه أي تهم لبسمة"، مشيرة إلى أنها "حرمت أثناء ذلك من العناية الصحية الضرورية لحالة صحية حرجة". تم احتجاز الاميرة السعودية في سجن الحاير بالقرب من الرياض و هو السجن الذي يضم العديد من المعتقلين السياسيين و أصحاب الرأي. ومن بين المناشدات التي نشرتها الأميرة السعودية رسالة موجهة إلى الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، قامت بنشرها في أبريل/نيسان 2020، وجاء فيها: "إنني موجودة حالياً في سجن الحاير مع ابنتي سهود الشريف، و وضعي الصحي مستمر في التدهور يوما بعد يوم و قد يؤدي إلى وفاتي"، مشيرة إلى أن السلطات لم تستجب لمناشدتها، ولم تقدم العلاج اللازم لها. كما ان المستشار القانوني للأميرة بسمة بنت سعود، هنري إسترامانت، كان قد طالب المملكة المتحدة بالضغط على السلطات السعودية للإفراج عنها وعن ابنتها سهود الشريف.
وحسب صحيفة "الغارديان"، فإن رسالتين منفصلتين رفعها إسترامانت، ولوسي راي من منظمة حقوق الإنسان البريطانية، إلى وزير الخارجية دومنيك راب، والأمين العام لدول الكومنولث، باتريسيا سكوتلاند.
وقالا في الرسالة إن الأميرة بسمة تعاني من مرض في القلب يتطلب علاجا طبيا عاجلا، وأن "حياتها تتوقف على إطلاق سراحها".
و تشكل انتهاكات حقوق الانسان والحريات العامة في السعودية قلق المنظمات الحقوقية بشكل دائم حيث نفذ محمد بن سلمان منذ توليه الحكم حملة اعتقالات واسعة خلال السنوات الماضية شملت أفرادا في العائلة المالكة وشخصيات مهمة في البلاد بهدف بسط نفوذه و إبعاد مخالفيه.
الأسباب المعلنة و الخفية وراء اعتقال الأميرة:
لطالما شكلت الأميرة بسمة شوكة في خاصرة آل سعود بسبب وجهة نظرها الليبرالية الإصلاحية وبسبب حملات حقوق الإنسان التي تقوم بدعمها في المملكة. والأميرة "بسمة" هي ابنة الملك الراحل "سعود بن عبدالعزيز" عم ولي العهد السعودي الحالي "محمد بن سلمان"، واشتُهرت بمقالاتها انطلاقا من أوروبا حول أوضاع المرأة السعودية والإصلاحات السياسية، وقد صرحت مراراً في العلن بأنها ترغب في أن تتبنى المملكة دستوراً يضمن المساواة بين الجنسين ويحافظ على الحقوق المدنية ويعيد إصلاح قوانين الطلاق والنظام التربوي والخدمات الإجتماعية ووقف التمييز ضد المرأة وإلغاء فكرة المحرم. وعادت عام 2016 إلى المملكة، بعدما توسط لها ولي العهد آنذاك، ابن عمها، الأمير "محمد بن نايف".
وبعد عودتها، طالبت الأميرة "بسمة" الملك "سلمان" باستعادة أراض شاسعة في ملكية أبيها الملك "سعود" بالطائف، ثم حسابات مالية في سويسرا تقدر بملياري دولار. لكن "بن سلمان" اعتقل ابنة عمه بسمة وابنتها بعدما أطاح بـ"بن نايف" من ولاية العهد، ضمن حملة اعتقالات شملت عددا من الأمراء.
و من جهة أخرى في حديث سابق لإحدى أقارب الأميرة بسمة لصحيفة اسبانية، قالت الصحيفة إن مقربين من الأميرة بسمة يشتبهون في أن أحد أسباب اعتقالها "أنها لا تصمت. لقد انتقدت محمد بن سلمان في كثير من الأحيان، إضافة إلى انتقادها حرب اليمن ومعاملة النساء في السعودية".
وفي السياق ذاته ويرى البعض الآخر أن السبب في اعتقال الأميرة تعسفياً يرجع إلى علاقتها بالأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق، الذي أفادت تقارير بوضعه تحت الإقامة الجبرية.
ويبدو أن كل تلك الأسباب كانت أسباب ضعيفة وأن السبب الخفي والاقوى وراء اعتقال الأميرة كما كشف موقع "Business Insider" الأمريكي، يعود إلى أن الأميرة بسمة بنت سعود آل سعود، قد اعتُقلت إثر مخاوف لدى محمد بن سلمان من رغبتها في تقديم المساعدة لتركيا في التحقيق بجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، في أكتوبر 2018، داخل قنصلية بلاده بإسطنبول.
ودوَّن الموقع الإلكتروني بنسخته الأسترالية حينها شهادات أشخاص مقربين من عائلة الأميرة بسمة، شريطة عدم الكشف عن هويتهم، أشار غالبيتهم خلالها إلى أن قرار الأميرة بالسفر إلى جنيف، ولكن عبر إسطنبول، في ديسمبر 2018، كان بمثابة نذير خطر للسلطات السعودية. وفي حديثه لموقع Insider، قال ليونارد بينيت، محامي الأميرة المقيم في الولايات المتحدة: "لقد شكَّ بعض أقاربها في أن يكون للأمر علاقة بتركيا".
وقال بينيت "إن العائلة المالكة ربما كانت تخشى مما يمكن أن تفعله بسمة في تركيا، وذلك نظراً لتاريخها في الدفاع عن الحقوق".
مسلسل الاعتقالات بين أفراد العائلة المالكة:
عمل النظام السعودي بعد وصول محمد بن سلمان إلى السلطة خلال السنوات السابقة على شن عدة حملات اعتقال طالت أفراد من العائلة المالكة و رجال في الدولة جاء أولها عندما احتجزت السلطات العشرات من الأمراء وكبار المسؤولين والوزراء الحاليين والسابقين والمسؤولين ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون بالرياض بأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2017. وكان من بين الموقوفين حينها وزير الحرس الوطني المقال الأمير متعب بن عبد الله نجل الملك الراحل عبد الله، وشقيقه أمير الرياض السابق تركي بن عبد الله، والأمير الملياردير الوليد بن طلال، والأمير فهد بن عبد الله بن محمد نائب قائد القوات الجوية الأسبق.
ولاحقا، وسعت السلطات السعودية حملة الملاحقات، وأمرت باعتقالات جديدة شملت نخبا سياسية ودينية ورموزا في عالم المال والأعمال بالمملكة، وامتدت الحملة لتشمل المزيد من أبناء عمومة ولي العهد محمد بن سلمان، إضافة إلى أبنائهم وأسرهم. كما تم عزل محمد بن نايف في عام 2017 عندما قرر الملك سلمان ترفيع ابنه لمنصب ولي العهد، ليمكنه من إدارة البلاد بدون منازع. حيث كان ابن نايف قد عمل وزيرا للداخلية، وطوّر علاقات عمل مع المسؤولين الأمنيين الأمريكيين. واعتقلت السلطات السعودية بعد ساعات من اعتقال الأمير محمد بن نايف، شقيقه الأمير نواف بن نايف.ويعتبر الأميران خطرا على خطة التوريث في السعودية، ويمكنها منازعة بن سلمان على ولاية العرش.
وفي مارس من عام 2020 عاودت حملات الاعتقال نشاطها حيث تحدثت حينها وسائل اعلام غربية عن حملة اعتقالات بالجملة بحق أمراء ومسؤولين سعوديين بتهمة "الخيانة العظمى". و أرجع الخبراء الأمر حينئلا إلى أن ولي العهد محمد بن سلمان أمر باعتقال الأمراء بسبب تدهور وضع الملك سلمان بن عبد العزيز أو وفاته، ليزيل منافسيه من القصر الملكي ويمهد الطريق لولايته.
ويعمل محمد بن سلمان على توطيد موقعه منذ عدة سنوات، حيث قام بسجن أي ناقد له وإسكات المعارضة له داخل البلاد وخارجها ما جعل العائلة المالكة تواجه شجبا دوليا بعد قتل الصحافي جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، والذي كان يكتب مقالات ناقدة لولي العهد في “واشنطن بوست”. وحمّلت الأمم المتحدة مسؤولية ما أسمته “القتل خارج القانون” لعملاء سعوديون، فيما قالت المخابرات الأمريكية في لقاءات مع الكونغرس، إن محمد بن سلمان هو المسؤول عن الجريمة.
وأعرب معلقون في الشأن السعودي وجود خلافات داخل العائلة المالكة حول مسألة الخلافة وأساليب ولي العهد التي نفرت الكثير من الأمراء. وتقول الأكاديمية السعودية مضاوي الرشيد: “تعكس عملية اعتقال عدد من الأمراء البارزين المتذمرين (أحمد) ومحمد بن نايف حالة من السخط المتنامي من “ابن الملك” وهيمنته الخسيسة وسياساته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية المتقلبة”.
ارسال التعليق