هدم وتجريف 18 منطقة سكنية في القطيف
18 منطقة في القطيف نالها بسبب سياسات محمد ابن سلمان الهدم الكلي والجزئي، ومازال سكانها يعانون من آثار التهجير.
مسارا هدم وتجريف أعلن عنهما رسميا في القطيف، بذريعة توسعة طريقين:
المسار الأول، تمثل في توسعة شارع الثورة، إلا أن الجرافات أتت على مساحات خارج المسار، دون أن تكون ضمن خارطة التوسعة المعلنة.
أما المسار الثاني فكان توسعة شارع الإمام علي (كرم الله وجهه) لكن عمليات التجريف طالت بلدة البحاري بالكامل وتمددت غربي البلدة.
يمارس النظام السعودي سياسة الإخلاء القسري من بوابة التطوير المزعومة في القطيف، وتمثل المناطق السكنية المتضررة جزئيا وكليا في مسار التجريف الأول بلغت 14 منطقة ( الشويكة، المسعودية، الكويكب، الدبابيّة، أم الجِزَم، الشريعة، ميّاس، القلعة، البحر، باب الشمال، باب الساب، الوِسادة، المدني، الجَراري). أما المناطق المتضررة كلّيا في مسار التجريف الثاني، حتى اللحظة، بلغت 4 وهي (بلدة البحاري، حي سيحة البحاري، المُزيرع، الخَبّاقة).
وبطبيعة الحال، عند كل إجراء شبيه للنظام السعودي تبرز مشاكل التعويض، إن وجد، سيما وأن العديد من الأهالي ذوي الدخل المحدود يقطنون منازل بنيت على أراضي تابعة للأوقاف.
وحتى من كان يملك القدرة على البحث عن مسكن للأجار حالت أزمة السكن في القطيف بينه وبين غايته. هذا عدا عن كون التعويضات التي قدمت للأكثر حظا تعد غير كافية على الإطلاق.
يذكر أن السلطات السعودية لم تمنح الأهالي وقتا كاف للمغادرة، فقد ترواحت المهل الممنوحة بين الشهر والثلاثة أشهر كحد أقصى، دون أن يراعي النظام حرمة المساجد والحسينيات والأوقاف، كذ أهمية المواقع التاريخية في المنطقة.
هذا بدأت أعمال إزالة الملكيات داخل قرية البحاري بزعم تنفيذ ما يسمى مشروع “طريق التحدي” الذي ينطلق من بلدة العوامية، ويمرّ من شرق القديح، وصولاً إلى تقاطع شارع “الملك فيصل” بطريق أحد (الهدلة).
حيث تم هدم هدم مسجد الحريف التاريخي الواقع بين مدينتي العوامية والقديح، بعد إفراغه من محتواياته. وردت السلطات الأسباب لضرورات توسعة الطرق الممتد من العوامية إلى القطيف عملا على المشروع. وكان قد شيّد المسجد لخدمة القادمين من خارج القطيف، على مجرى ماء تسمى “عين الوسائع”.
ولضمان عدم عودة الأهالي إلى الحي، عمدت السلطات إلى هدم أجزاء بسيطة من كل منزل بعد قرار “أمانة الشرقية” بإزالتها.
وامتنعت الأمانة عن التعويض عليهم وتركتهم لمصيرهم، وهم لا يزالون يُكابدون معاناة تأمين مساكن بديلة. الطريق سوف يُحدث تغييرات جغرافية في قرية البحاري حيث سيتم قضم مساحات منها.
وتُعدّ القرية من قرى القطيف التاريخية؛ وكانت في قديم الزمان قلعة مسوّرة تقابل البحر بفاصل من بساتين النخيل شرقاً. ويعود تاريخها إلى بداية القرن الثاني عشر الهجري، وحين زارها المستشرق الإنجليزي لوريمر وجدها قرية مسوَّرة تتكون من 100 منزل وتوجد بعض الأكواخ خارج سور القرية.
ويعمل سكانها في الزراعة والصيد. ولسور قلعتها بوابتان من الجنوب الشرقي والشمال، كما لها 3 أبراج. وقد أزيل السور والبوابات بعد احتلال النظام السعودي لمنطقة القطيف. وفي السياق نفسه، بدأت في 2 كتوبر/تشرين الأول 2022 عمليات التجريف في وسط القطيف، ضمن خطة العمل المزعومة “لتطوير” شارع الملك عبد العزيز.
وبحسب لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في الجزيرة العربية، إن عشرات العوائل ومئات الأفراد تشرّدوا بعد أن التهمت آليات الهدم بيوتهم ومحالهم التجارية المتواضعة.
بعد أن اتخذت ”أمانة الشرقية” قرارا يقضي بهدم أملاكهم قبل التعويض عليهم. أكثر من ذلك؛ لفتت اللجنة على أن المتضررين يتوجّب عليهم مراجعة الجهات المعنية وتقديم “إثباتات” حول الضرر الذي لحق بهم.
كما شملت عمليات الهدم مساجد وأوقافاً، بالإضافة إلى معالم أثرية عديدة تحكي تراث وتاريخ القطيف.
كما يعدّ الشارع المستهدف بالهدم مهداً للانتفاضة وشاهداً على الحراك السلمي ضد قمع آل سعود، وله رمزيّةٌ وخصوصية نابعة من حجم الأحداث التي شهدها بين العام 2011 و2012.
وكانت السلطات السعودية أعلنت عبر “أمانة المنطقة الشرقية” وبلدية القطيف قبل أشهر عن إزالة عدد من منازل ومباني المواطنين ومحلاتهم التجارية بذريعة تنفيذ مشاريع تنموية وتطوير المنطقة، الأمر الذي يصفه مراقبون بأنه تنفيذ لفصول سياسة ممنهجة تستهدف النيل من المواطنين الشيعة وتغيير الوجه التاريخي لمناطقهم القديمة.
هذا وتحاول السلطات التذاكي على السكان والاحتيال عليهم، فتمنحهم تعويضاً لا يؤمّن لهم مسكناً بديلاً لائقاً، لا سيما وأن عدداً من البيوت المهدّمة كان يسكنها أكثر من أسرة واحدة.
واستشهدت اللجنة في تقريرها بما يكابده أهالي حيّ الشويكة، وسط منطقة القطيف، من تجربةٌ مريرةٌ لا تبشّر بالخير، حيث أنهم حتى العام 2022 يسعون جاهدين للحصول على تعويضات بدل مساكنهم التي هُجرّوا منها في العام 2017. وختمت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان تقريرها بالتأكيد على أن “سلطات آل سعود وإن زعمت أن الهدف وراء عمليات الهدم والردم هذه هو التطوير، فإن الواقع يقدّم حقيقةً مختلفة، وهي أن هذه العمليات لا تخلو من محاولاتٍ للانتقام من سكان هذه الشوارع، ومن سعيٍ لطمس هويتها ومعالمها، وتغيير التركيبة السكانية الموجودة.”
يذكر أن بلدية محافظة القطيف، كانت قد أعلنت في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2018، البدء بإجراءات نزع ملكية نحو 600 عقار في شوارع مختلفة بهدف تنفيذ المشروع نفسه، مطالبةً المواطنين حينها بـ”تقديم مستندات شرعية ووثائق رسمية تثبت ملكية العقار”، كتمهيدٍ لبدء إجراءات نزع الملكية.
وكانت مصادر من داخل القطيف حينها كشفت إجبار بعض العوائل على توقيع إقرارات نزع الملكية، كما تمّ نزع ملكيّات ما يفوق 1200 عقار، وتهجير جميع الأهالي من دون تعويضات ولو زهيدة.
وفي مارس/آذار 2022، صدر عن وزير الشؤون البلدية والقروية والإسكان، ماجد بن عبد الله الحقيل، قرارا بالموافقة على نزع ملكية 236 عقاراً بمدينة صفوى بطول (5 كيلو) وعرض (30م).
وادعى رئيس بلدية القطيف صالح بن محمد القرني، أن “نزع هذه العقارات تهدف البلدية من خلالها إلى تطوير، وتوسعة الطريق الدائري الشرقي، وربطه بشارع “الخليفة” علي بن أبي طالب، من الجهة الجنوبية، والطريق المؤدي إلى طريق رأس تنورة في الجهة الشمالية، إضافة لفتح طريق امتداد شارع البيروني، وربطه بالدائري الشرقي، وفتح شوارع بالمنطقة المركزية، وربطهم بالشارع الدائري الشرقي”.
باتت عمليات الإخلاء نهجا يحلو للنظام السعودي تبنيه كجزء من حربه على أبناء شبه الجزيرة العربية، حيث شهد حي المسورة التاريخي في العوامية حالة من تهجير الأهالي من منازلهم بقوة السلاح والتدمير.
حالة من الترهيب قضاها أهالي الحي الذي تحول إلى ما يشبه ساحة حرب حقيقية، وكذلك الأحياء المجاورة، بعد أن فرضت السلطات طوقاً أمنياً مشدداً على كامل العوامية، مغلقة جميع مداخل البلدة.
ويعود احتلال حي المسورة إلى العام مايو /أيار 2017، حيث استخدمت قوات الاحتلال السعودية إطلاق النار والدَّهم ضد السكان الرافضين ترك الحي، والذين لم يخضعوا لطلب الحكومة مغادرة منازله.
حيث أزهقت أرواحاً شملت أطفالاً كالطفل جواد الداغر وجواد أبو عبد الله، ورجالاً كالشهيد أمين آل هاني الذي أحرقته في سيارته والشهيد محمد الرحيماني الذي وجهت له رصاصة أثناء تطوعه في إجلاء الأهالي، كما أنها خلّفت عشرات الإصابات واستهدفت عمليات الهدم حينها أكثر من 400 بناء، معظمها تعود إلى قرابة 200 عام، وكانت قد شيّدت على الطراز القديم، محافظة على الذاكرة التاريخية للعوامية، والتي عمد النظام على محوها تماما.
لم يكتف النظام السعودي بالاجتياح الدموي على العوامية الذي نفذته طوال 4 أشهر منذ فجر العاشر من مايو/أيار 2017، بل شرع في إطلاق اليد لا ستكمال مسلسل الاعتداءات في مشهدية لا تخبو من قرى القطيف في ظل صمت وتعتيم إعلامي وتحريف للحقائق.
حيث قامت قوات السلطة السعودية في 13 ديسمبر/كانون الأول 2017 بالاعتداء على حيّ الشويكة جنوبي القطيف، حيث عمدت جرافات السلطة إلى إزالة عدد من المنازل والكراجات لتستعيد مشهدية هدم حيّ المسوّرة، ولم تنسحب التراكتورات والمدرعات قبل أن تخلف وراءها أكوام من ركام الأبنية والمحال التجارية وأنقاض الكراجات المهدومة، لتدمر مصدر أرزاق المواطنين البسطاء، في سياق سياسة الإنتقام من أهالي “القطيف والإحساء”.
ارسال التعليق