أسبوعان على اجتياح العوامية، السعودية تدمر التاريخ انتقاماً منها
بعد أسبوعين على اجتياح القوات الأمنية لبلدة العوامية ومحاصرتها، لا تزال الهمجية تسيطر على المشهد، حيث تعرضت الأحياء منها حي الديرة والمسوّرة لهجوم عنيف يوم البارحة.
ففي اليوم الرابع عشر للاجتياح السعودي لبلدة العوامية، هطلت القذائف الحارقة والمتفجرة على المنازل والمحال التجارية في البلدة ما أدى الى اشتعال حريق في أحد المحال التجارية، بالتزامن مع اغلاق السلطات لمركز الدفاع المدني ما أدى إلى تمدد الحريق بسبب عدم تمكّن الأهالي من إخماده.
قوات الاجتياح سعّرت نيران همجيتها، وبدأت يوم الرابع عشر بوابل من القذائف على الأحياء، استهدفت خلالها محل مفروشات المختار بجوار دوار الكرامة في البلدة المحاصرة، ما أدى إلى اشتعاله وتمدد نيرانه بشكل كبير، وعمد الأهالي إلى اخماد النيران بما توافرت لديهم من معدات صغيرة، معدات بسبب اقفال مركز الدفاع المدني منذ أيام مع بدء الحصار.
ولم يرو الحريق غليل القوات، فعمدت إلى اطلاق وابل من الرصاص على المواطنين أثناء محاولاتهم لاخماد الحريق، وحاولت منعهم بقوة السلاح والقذائف الحارقة. في حين يتعرّض حيّ الديرة، لهجوم عنيف بالقذائف الصاروخية والرصاص الحي، منذ ساعات الصباح وبشكل متواصل.
وإلى مسوّرة العوامية المحاصرة، تحاول قوات الاجتياح بفرق المدرعات المؤازرة لآليات الهدم ازالة مبنى حوزة الفقيه الشهيد الشيخ نمر النمر، وذلك بتغطية من قوات العدوان عبر اطلاق سيل من الأعيرة النارية الثقيلة التي تخترق الجدران.
وكانت القوات الأمنية سعّرت اجتياحها للبلدة المحاصرة عبر اطلاق القذائف على عدد من أحياء البلدة، ما أدى إلى اختراق الجدران وعاثت خرابا في المنازل، كما أوقعت اصابات بين المواطنين، بالتزامن مع انتشار فرق القناصة على أسطح الأبنية بعد تهجير الأهالي منها، فيما ارتفعت الأنباء عن حالات اختفاء بين شباب البلدة، من دون معرفة مصيرهم.
حي المسوّرة التاريخي
وقد كانت الحكومة السعودية قد أعلنت في 31 كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي عن بدء عملية إخلاء الحي التاريخي الذي يعود عمره إلى أربعة قرون خلت تستبق عمر آل سعود في المملكة. تحتج السلطة في هدم حي المسوّرة بأن بيوته باتت تشكل خطراً على ساكنيها، وتقول إنها ستطلق مشروعاً لإعادة تخطيط الحي وتحويله إلى منطقة خدمات واستثمارات، يضم حدائق ومناطق ترفيهية. ولكن رواية السلطة لا تقنع أهالي العوامية. يؤكد السكان وجود "نوايا انتقامية" لدى السلطة تجاه البلدة التي أنجبت الشهيد الشيخ نمر باقر النمر.
من جهتها قامت منظمة "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" بتصنيف القرار السعودي بأنّه يطال واحدا "من أقدم المناطق" في العوامية. وأشارت المنظمة إلى أن الحكومة السعودية سبق وأن أقدمت على عمليات هدم طالت معالم قديمة وأثرية تعود إلى ما قبل تأسيس مملكة آل سعود، وبينها آثار لآل الرسول الكريم وأصحابه، ما أدى لتدمير أكثر من 90 بالمئة من معالم البلاد، ما يوضح "تجاهلها للمواقع التاريخية والثقافية"، وأوضح أنها تسببت في طمس ما لا يحصى من القطع الأثرية والمواقع الثقافية وتدميرها.
اما أهالي العوامية فيقولون إن السلطة تجاهلت مطالبهم بترميم الحي كمعلم تراثي كما جرى التعامل مع أحياء مشابهة في مناطق أخرى، ويقولون أيضاً إن منطقة القطيف عموماً لم تعرف إلا التهميش والحرمان، وعند أول إلتفاتة من السلطة، كانت النتيجة مطالبة السكان بإخلاء منازلهم. وهم يتهمون السلطة بأنها تتوارى خلف عنوان "المشاريع التنموية" كمطية للانتقام من السكان.
ولعل ما سبق وأن ذكرته منظمة "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان" يأتي في سياق يدعم ما يقوله الأهالي، إذ تشير المنظمة أن قرار السلطة بإخلاء حي المسوّرة جاء "في خضم أزمة سكن خانقة في العوامية، مع ارتفاع ملحوظ في مبالغ الإيجارات."
في داخل العوامية، يتحصن الأهالي في منازلهم متسائلين: "أي مشروع تنمية هذا الذي سيقوم على تشريد عوائل وحرمانها من حق السكن اللائق؟" ولا يُخرج أبناء البلدة ما تشهده البلدة اليوم من حصار واستهداف بالقذائف عن "سياسة الانتقام التي تنتهجها السلطة مع كل من يمتلك وجهة نظر تختلف عن رأيها سواء كان شخص أو منطقة"، مذكرين بأن "بعض الكتاب المحسوبين على السلطة هددوا أكثر من مرة بما أسموه مسح العوامية بعد إخراج أهله!".
ارسال التعليق