السعودية المسؤول الأول عن تفشي الكوليرا في اليمن (مترجم)
تمتلك الولايات المتحدة سجلاًّ حافلاً في صراعات منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، ولكنها في اليمن تحرض على الكارثة الإنسانية التي تنافس سوريا والعراق في تأثيرها على زعزعة استقرار المنطقة والعالم، حيث إن نحو 10 آلاف شخص لقوا مصرعهم في الحرب التي تشنها السعودية على اليمن منذ ثلاث سنوات.
ولكن عشرات الآلاف الذين قتلوا بسبب العنف المسلح لا يمثلون سوى جزء بسيط من مجموعة الضحايا الذين لا تفعل الحكومة الأمريكية لهم شيئًا، بل تجعل الأمور أسوأ.
حذرت وكالة الإغاثة الدولية في نهاية الأسبوع الماضي من أن نحو 20 مليون شخص يواجهون خطر الوفاة بسبب الأمراض المرتبطة بالجوع والفقر في اليمن وعدد من الدول الإفريقية التي تواجه نقصًا حادًّا في الغذاء، وفي اليمن وحدها يبلغ عدد الأطفال 20.7 مليون نسمة، يحتاج نصفهم إلى مساعدات عاجلة، وفي الوقت نفسه ينتشر وباء الكوليرا في أنحاء البلاد نتيجة الحرب السعودية، ويوجد نحو 360 ألف حالة مشتبه بها، وربما يصل العدد إلى 425 ألف حالة، وقد لقي 2000 شخص مصرعهم نتيجة هذا الوباء.
الحرب والمرض كلاهما من صنع الإنسان، حيث إن المجاعة في اليمن ليست نتيجة الجفاف أو فساد المحاصيل، بل نتيجة الحصار الذي تفرضه السعودية على البلاد منذ أكثر من عامين بمساعدة حلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة، في جهد متعمد لتجويع المناطق التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله.
السعودية هي المسؤول المباشر عن انتشار الكوليرا في اليمن، وهي تستهدف المناطق اليمنية بالقنابل، وتدمر البنى التحتية الحيوية، مثل المستشفيات وشبكات المياه والصرف الصحي.
لا يمكن إنكار تواطؤ الولايات المتحدة في هذه المجزرة، فبعد أن أدركت إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، متأخرًا أن السعوديين يقصفون المدنيين في اليمن بأسلحة أمريكية الصنع، منعت مبيعات القنابل العنقودية والذخائر الدقيقة إلى الرياض في العام الماضي، بيد أن إدارة ترامب أعادت استئناف مبيعات الأسلحة الدقيقة في مارس، ووقع مجلس الشيوخ صفقة جديدة بقيمة 500 مليون دولار في يونيو الماضي، ومنذ مارس تدرس الإدارة توسيع مشاركة الولايات المتحدة في النزاع اليمني، والذي شجع السعوديين على الاستمرار به هو زيارة ترامب في مايو للرياض.
ومن الواضح أن ترامب لا يشارك سلفه أوباما بعض المخاوف حول بيع أسلحة لتفجير المستشفيات ومضخات المياه لحلفائه، طالما أن هذه المبيعات تجلب الأموال وفرص العمل.
وبشراء السعوديين الأسلحة بأموالهم دون قلق الولايات المتحدة من كيفية استخدامهم لها، سواء ضد اليمن أو قطر أو لقمع الاحتجاجات في البحرين أو تخويف مواطنيها، ومع هاجس ترامب بكسب مزيد من الأموال، من غير المرجح أن يلتفت الرئيس الأمريكي لما يحدث في اليمن أو أي مكان آخر.
لا تغطي وسائل الإعلام الغربية حرب اليمن بمنطقية وموضوعية، فهي تركز فقط على البعد الطائفي والصراع السعودي الإيراني في اليمن.
خسر السعوديون حرب اليمن وهم غارقون الآن في المستنقع، ولكن السكان المدنيين يتضورون جوعًا، وبجانب ذلك تمكن تنظيم القاعدة من تثبيت قدميه في اليمن بقوة، وفي الوقت نفسه لا يشكو مصنعو الأسلحة الأمريكية من الممارسات والانتهاكات السعودية في البلد الأفقر في الشرق الأوسط.
ما يجعل الحرب في اليمن حقًّا مخيفة هو أنها أفقر البلدان العربية، ومكتظة بالسكان، وتعتمد اعتمادًا كبيرًا على الواردات، كما أنها تتعرض للجفاف بسبب عوامل تغير المناخ.
يتوقع العلماء أن صنعاء سوف تصبح العاصمة الأولى في العالم الخالية من المياه بحلول عام 2025، كما أن المياه الموجودة بها الآن ملوثة بالكوليرا.
مع استمرار الحرب وعدم اتخاذ أي خطوة للتخفيف من أزمة المياه، فإن الإصلاحات المستقبلية سوف تصبح مستحيلة، فاليمن لن تصبح “اليمن السعيد” كما كانت معروفة قديمًا عند اليونانيين والرومان، فستصبح غير صالحة للعيش وأكبر مُصدِّر للاجئين.
ترجمة : ريهام التهامي
ارسال التعليق