اليمن يحذر التحالف السعودي: داروا مصالحكم
يتعثر السلام في اليمن، وتحضّر "السعودية" مع سلطنة عمان لعقد جولة مشاورات جديدة بشأن "خارطة الطريق" الأممية التي أعلنها المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، أواخر كانون الأول الماضي، بهدف مناقشة نقاط الاختلاف حول تلك الخارطة.
وسبق أن قوبلت الخارطة الأممية بتأييد إقليمي ودولي واسع النطاق، كونها مثّلت أهم اختراق في جدار الأزمة اليمنية، خاصة أن الأطراف التزمت بموجبها بتنفيد عدد من التدابير الإنسانية تشمل وقف إطلاق نار في عموم اليمن، ومباشرة إجراءات لتحسين الظروف المعيشية تشمل صرف مرتبات الموظفين وفتح مطار صنعاء ورفع القيود على ميناء الحديدة وإعادة تصدير النفط والغاز اليمنيين، والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة، والعمل مع الأمم المتحدة على إنشاء آليات تطبيق سلس لتلك الالتزامات. إلا أن واشنطن عمدت إلى تحويل "خارطة الطريق" إلى ورقة ضغط بعد فشل قواتها البحرية والقوات الغربية المساندة لها في كسر الحصار اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية.
من جهتها، حذرت جماعة "أنصار الله، الثلاثاء، من أي تصعيد عسكري للولايات المتحدة ضدها، داعية "السعودية" إلى "عدم التلكؤ" في تنفيذ خارطة السلام التي اتفقت عليها المملكة والجماعة.
وجاء ذلك خلال اجتماع عقده المجلس السياسي الأعلى التابع للجماعة الثلاثاء في صنعاء، برئاسة مهدي المشاط، وفق ما نقلته وكالة "سبأ".
وقال المجلس السياسي للحركة إن "موقف الجماعة ثابت تجاه مساندة ودعم فلسطين في مواجهة العدوان الصهيوني الغاشم على غزة المدعوم من أمريكا والغرب بشكل فج وقبيح".
وأكد على "أهمية الحفاظ على تماسك وصلابة الجبهة الداخلية اليمنية في مواجهة ما أسماها "المؤامرات الأمريكية والبريطانية"، مضيفا أن الجهات الرسمية (في المناطق التي يسيطر عليها) معنية باتخاذ القرارات الحازمة تجاه كل من يتورط في زعزعة الجبهة الداخلية.
وحذر المجلس السياسي الذي يمثل أعلى سلطة في مناطق سيطرة أنصار الله من "أي تصعيد أمريكي عدائي ضد أمن واستقرار اليمن".
وقال المجلس وفقا للوكالة اليمنية، إن "هناك تحضيرات مشبوهة جارية لثنيهم وإضعاف دورهم الفاعل والمؤثر والمنطلق من الواجب الديني والإنساني دفاعا عن فلسطين"، دون أن يذكر تفاصيل تلك التحضيرات، لكنه شدد على أنها "ستبوء بالفشل".
وأشار المجلس السياسي للحركة إلى أن "تداعيات أي تصعيد لن تقف عند حدود اليمن"، مشيدا بالعمليات العسكرية التي تنفذها القوات التابعة للجماعة بالصواريخ والطيران المسير في البحر الأحمر.
فيما جدد التأكيد على "الاستمرار في عملياتهم ضد السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية".
وفي السياق نفسه، دعا المجلس السياسي لحركة أنصار الله النظام السعودي إلى "الانتقال من مربع خفض التصعيد إلى مربع استحقاقات السلام وفق الخارطة التي تم التوصل إليها مع الرياض".
وقال إن "على الرياض تقديم مصلحتها الوطنية على المصلحة الأمريكية في ما يخص المفاوضات والمضي إيجابا لاستكمال هذا المسار وعدم التباطؤ والتلكؤ عنه".
وكانت واشنطن قد صعّدت الحرب الاقتصادية ضد حكومة صنعاء، عد الفشل في دفعها إلى وقف عملياتها العسكرية في البحر الأحمر ضدّ الملاحة الإسرائيلية. وبالتنسيق مع وزارة الخزانة الأميركية، وبإشراف من السفارة الأميركية في اليمن، هدّد بنك عدن (المركزي)، أخيراً، البنوك التجارية والأهلية العاملة تحت سلطة "أنصار الله"، بإدراجها في قائمة غسيل الأموال، وتصنيفها كيانات معادية في حال عدم نقل مقارّها الرئيسية من صنعاء إلى عدن خلال 60 يوماً. وليست هذه المرة الأولى التي تحاول فيها السلطات الموالية لـ«التحالف» نقل المركز المالي لليمن؛ إذ سبق لصنعاء أن أفشلت محاولة مماثلة قبل عامين، فيما يبدو اليوم أن الموقف الصعب الذي تمر به البحرية الأميركية في البحر الأحمر وخليج عدن، يدفع الولايات المتحدة إلى استنفاد أوراقها كافة ضدّ "أنصار الله".
وفي السياق نفسه، طالب مستشارون لبنك عدن، العاملين في السوق المصرفي الواقع في نطاق سيطرة الحكومة الموالية لـ"التحالف"، أخيراً، بالتخلي عن التعامل بالعملة المتداولة في صنعاء «لاقتراب إلغاء التعامل بها، واعتماد العملة المطبوعة من دون غطاء كبديل»، مشيرين إلى أن "البنك يعتزم إصدار قرارات جديدة لشلّ الحركة الاقتصادية في صنعاء». ويأتي ذلك التوجّه في ظل فشل خطوات سابقة للبنك، أبرزها وضع حركة التحويلات المالية من اليمن وإليه، وبين المحافظات اليمنية، تحت رقابة وزارة الخزانة الأميركية، تنفيذاً للتصنيف الأميركي ضدّ حركة «أنصار الله». كما سبق للبنك أن أوقف كل شبكات التحويلات النقدية إلى مناطق سيطرة «أنصار الله»، بعد رفض شركات الصرافة والبنوك الامتثال لقراره بشأن التحويل عبر شبكة موحدة خاضعة لسيطرته، إلّا أنّه فشل في إتمام تلك الخطوة بعد الاعتراض عليها من قبل العاملين في السوق المصرفي في عدن وصنعاء.
وكان بنك صنعاء قد اتهم واشنطن بإدارة الحرب الاقتصادية ضدّ الشعب اليمني، واعتبر، في بيان سابق، اعتراض السفارة الأميركية على خطوة حكومة الإنقاذ، سكّ عملة معدنية من فئة الـ100 ريال، "تدخلاً سافراً في الشأن اليمني الداخلي"، قائلاً إن واشنطن تسعى إلى تحويل العملة إلى أداة حرب. ولاقت العملة المعدنية من فئة الـ100 ريال، رواجاً كبيراً في الأسواق الواقعة تحت سيطرة صنعاء، والتي تمثل نحو 67% من السوق اليمني، إلّا أنّ الأهم أن هذه العملة التي أُصدرت استناداً إلى قانون البنك المركزي اليمني كبديل لكتلة نقدية تالفة من الفئة نفسها، أسقطت الرهان الأميركي على تهالك العملة المتداولة في صنعاء، ووصول الأخيرة إلى العجز عن إيجاد بدائل لنقص السيولة في ظل عدم الاعتراف الدولي بسلطاتها النقدية، بما يدفعها بالتالي إلى الخضوع للضغوط الخارجية.
ارسال التعليق