بعد انفاق المليارات وضياع عمر مئات الشباب من ابناء البلد بن سلمان يطلب ود دمشق
عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
لا تُبدي العربيّة السعوديّة، أيَّ تحفُّظٍ على عودة العلاقات السعوديّة- السوريّة كما يشرح مُحلِّل سياسي خليجي لرأي اليوم، بل على العكس لا يفهم الكثيرون سر الرِّضا والتَّوافق الذي يُبديه الأمير محمد بن سلمان تُجاه شخص الرئيس السوري بشار الأسد، فهو في أكثر من مرّة حاول التعامل معه خلال تصريحاته كشَخصٍ مُنفرد، الغاية فقط هي إبعاده عن النظام الإيراني، السعوديّة مُنيت بهزيمة جيشها جيش الإسلام في الغوطة الشرقية، ويبدو فيما يبدو أن ملف العداء مع “نظام الأسد” قد أُقفِل تماماً، عملاً بالتوافقات الدوليّة، وربّما أيضاً لأسبابٍ سعوديّة خفيّة قد يتبيّن وجهها لاحقاً، يُضيف المحلل لكاتب هَذهِ السُّطور.في الداخل السعودي، كما ينقل أحد المواطنين السوريين لرأي اليوم، ما عاد المُعارض السوري يحظى بهذا الاهتمام والدَّلال والتعاطف ضِد “دمويّة الأسد”، والحديث هُنا عن المُعارض المُواطن الذي كان يرفع علم بلاده “البديل” المُعارض في شوارع السعوديّة، اليوم ينقل المُواطن عن توقيفٍ، بل وتهديدٍ بالترحيل، في حال شوهد العلم السوري “المُزيّف” على نوافذ السيّارة، بالأمس القريب فقط كانت مُعارضة نظام الأسد، هي قمّة الفخر، في المُقابل يعود العلم السوري الرسمي أو علم نظام الأسد كما كان يتم وصفه رويداً رويداً في الأماكن العامّة السعوديّة التي تجتمع فيها أعلام الدول العربيّة، المُؤيّدون للأسد أكثر راحة وانشراحاً، ما عادوا كما في السابق يخشون رفع علمهم الرسميّ، وحدهم بالطبع دوناً عن مُؤيّدي حزب الله، وإيران بطبيعة الحال من خلفه.الملف السوري، دوناً عن غيره سلّمت السعوديّة بخسارتها، وهو من الملفّات القليلة التي لم يخطر في بال أي من المُعارضين، هذه اللكمة القويّة، فكم من مرّة يقول عالمون في الشأن السعودي، قال وزير الخارجيّة عادل الجبير أن الرئيس السوري بشار الأسد، سيرحل إمّا حرباً أو سلماً، الأنباء تتردّد أن الأخير هو من اقتربت ساعة رحيله عن منصبه، وهو بطبيعة الحال ليس أكثر من كاتب بيانات في وزارته، ولا يصنع سياسات، يقول مراقبون.حتى الإعلام السعودي، هو أقرب إلى التمنّي بانتصار الجيش العربي السوري في معركة إدلب، كيف لا وهي المحافظة التي تُسيطر عليها التنظيمات التي تتبع قطر، وتركيا، وهُما الحليفان، والعدوّان اللَّدودان للسعوديّة اليوم، ومن خلفها إدارة الرئيس دونالد ترامب، وفي هذه اللحظات التي تُكتب هذه السطور، تحتفل منصّات التواصل الاجتماعي السعوديّة، بهُبوط الليرة التركيّة، ويتوقّع التحليل الاقتصادي السعودي أيضاُ انهيار الاقتصاد التركي جرّاء ذلك، على خلفيّة عُقوبات فرضها ترامب على الرئيس رجب طيب أردوغان، لرفض الأخير تسليم القس الأمريكي، والمُعتقل على الأراضي التركيّة حتى الساعة.المُفاجأة الكُبرى في العلاقات السوريّة- السعوديّة، هي التي فجّرها الكاتب السعودي في صحيفة “سبق” ماجد المالكي، حين أعلن في تغريدةٍ عبر حسابه الرسمي على “تويتر”، عودة الرحلات بين سورية والسعوديّة، وذلك عبر الحُدود الأردنيّة، وسيُسيِّر هذه الرحلات كما أعلن المالكي مكتب سفريّات في جدّة، في أوّل رحلة باص عائلات- أفراد، وهو ما اعتبره البعض قمّة المُفاجآت في الشأن السوري، وحتى تنشيطاً للاقتصاد السوري بشكلٍ أو بآخر.السعوديّة إذاً تحاول كسب ود سورية أو سورية الأسد تحديداً، والعائدة من حرب كونيّة مُنتصرة، القيادة السعوديّة تُدرك تماماً أنّ سورية دولة محوريّة، وستعود للعب دورها الإقليمي قريباً في الملفّات الدوليّة، وطالما كانت سورية لاعباً مُؤثِّراً، وربّما ليست من مصلحة السعوديّة يقول عالمون في شأنها، أن تتقارب سورية أوّلاً مع قطر، فحُلفاء السعوديّة ما عادوا يتعدّون إصبع اليد الواحدة، وإن كان من بين هذه الأصابع الولايات المتحدة الأمريكيّة نفسها.مُحاولات التَّقارب السُّعودي- السوري، ليست الأُولى من نوعها، فقد اجتمع الأمير محمد بن سلمان وليّ ولي العهد السعودي آنذاك، مع اللواء السوري رئيس المكتب القومي علي مملوك، وقد تم نقل الأخير إلى العاصمة الرياض بوساطة روسيّة كما نقلت في حينها صحيفة لبنانيّة مُقرّبة من حزب الله، والتقى اللواء السوري ببن سلمان، كما حضر الاجتماع رئيس الاستخبارات السعوديّة صالح الحميدان.الاجتماع لم يحمل نوعاً من الاتّفاقات البارزة، وقد حمّل الطرفين المسؤوليّة لبعضهما عن تدهور الأوضاع في سورية، حيث طالب بن سلمان السوريين الابتعاد عن حليفهم الإيراني، وحمّل مملوك الطرف السعودي المسؤوليّة عن التدمير والتخريب، ومع هذا اتّفق الطرفان على استمرار التواصل في حينها، لكن دونما تحديد وقت، ويبدو أنّ الطرف السوري في حينها لم يُقدِّم أي تنازلات تذكر بخصوص الابتعاد عن حليفه الإيراني، وتحديداً في أشهر صيف عام 2015، موعد اللقاء وبالتزامن مع استمرار أحداث الحرب السوريّة.السعوديّة العام 2018، استمعت جيّداً لحُلفائها الإماراتيين، والمصريين بخُصوض تخفيف حدّة العداء مع سورية، فنظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مُتوافق تماماً مع نظيره السوري، وتجمع البلدين علاقات جيّدة، كما تحفّظت مِصر على المُشاركة بأيِّ أعمالٍ هُجوميّة، يُمكن لها أن تُؤدِّي للاصطدام بالجيش السوري، شقيق العُروبة مع الجيش المصري تاريخيّاً.وتحظى الإمارات العربيّة المتحدة، بتأثيرٍ واسِع النِّطاق خلف الكواليس على القيادة السعوديّة، وهو فيما يبدو فتح المجال لإقناع الأخيرة بترك الباب مُوارباً لسورية بنظامها الحالي، حيث كانت الإمارات أكثر صرامةً من نظيرتها الخليجيّة مع المُعارضين لنظام الرئيس بشار الأسد حيث اعتقلت البعض منهم، كما كان الإعلام الإماراتي أقل تحريضاً وربّما حُضوراً في معارك التضليل التي شارك فيها كُل من الإعلامين السعودي والقطري، قبل الأزمة المُشتعلة مع دول المُقاطعة لقطر، والمُفتعلة بينهما، ويتردَّد أنّ الإمارات ستُشارك في إعادة إعمار سورية، كما كانت قد قدّمت الدعم المالي للحُكومة السوريّة خلال “الثورة”.وتَستَعِد دولة الإمارات العربيّة لإعادة فتح سفارتها في العاصمة دمشق، بعد اجتماع تحدّثت عنه وكالة “فارس” جمع رئيس الاستخبارات الإماراتي الجنرال محمد الشمسي، مع اللواء علي مملوك، وتوجّه بالفعل وفد إماراتي ليتفقّد سفارته تمهيداً لفتحها في عاصمة الأُمويين، وهو ما كشفت عنه “رأي اليوم” حصراً، ونقلاً عن مصادرها الدبلوماسيّة الوثيقة في نبأ سابق الشهر الماضي
ارسال التعليق