دور خبيث للرياض وأبو ظبي في كردستان
لا يخفى على مراقب دور السعودية والإمارات الخبيث في العراق، فرغم المواقف المعلنة لهما بأنهما يقفان ضد استفتاء الانفصال في إقليم كردستان العراق، إلا أن ما يقومان به على أرض الواقع يثبت عكس ذلك تماما. ومع موجة الرفض الدولي للاستفتاء باستثناء إسرائيل، أبدت شخصيات سياسية بارزة في السعودية والإمارات، تأييدها لحق شعب إقليم كردستان في تقرير مصيره.
وفي الوقت الذي تعلن فيه الرياض وأبو ظبي، دعمهما لوحدة العراق، فإن محللين سياسيين عراقيين أشاروا إلى أن الدولتين يدعمان انفصال إقليم كردستان لأسباب سياسية واقتصادية. وليس ببعيد عن هذا الحديث، أنْ دعا نائب الرئيس العراقي نوري المالكي في بيانه الأخير الدول التي كانت خلف هذه المغامرة إلى ترك شؤون العراق لأبنائه والكف عن التدخل في شؤونه الداخلية، دون أن يسمها.
وتثبت تصريحات وزير خارجية الإمارات، المؤيدة لإقامة دولة كردية، صحة التقارير التي تتحدث عن الدعم الإماراتي لانفصال الإقليم، كما تشير مصادر إلى وجود تسريبات إعلامية، تفيد بدعم الإمارات لكل إجراءات الاستفتاء في إقليم كردستان العراق، وتعهدها بتحمل نفقاته بالكامل، فضلا عن تحمل أي تبعات اقتصادية قد تلحق بالإقليم جراء الاستفتاء.
وأعلن عبد الخالق عبد الله الأكاديمي الإماراتي المقرب من حكام أبو ظبي في عدة تغريدات عن تأييده للاستفتاء و “حق الشعب الكردي بتقرير المصير”. ونشر عبد الخالق خارطة قال إنها تمثل خارطة دولة كردستان التي ستقوم خلال سنوات بعدد سكان يصل إلى ثلاثين مليونا، مطالبا بعدم معاقبة الاستفتاء، باعتباره إجراء ديمقراطي.
مناكفة سياسية
ويرى محللون أن السبب الرئيسي لدعم الرياض وأبو ظبي خيار انفصال العراق وبالتالي تقسيمه، يعود إلى الرغبة بمناكفة تركيا قدر الإمكان، وكذلك إيران، على اعتبار أن أنقرة تعتبر أن دولة كردية مستقلة على حدودها خط أحمر ممنوع بالكامل، وهو موقف لا تبدو طهران بعيدة عنه أيضًا.
ونقلت قيادات كردية معارضة لانفصال الإقليم معلومات إلى حكومة بغداد، أكدت فيها قيام أبو ظبي بدعم مشروع انفصال إقليم كردستان العراق. وبموجب هذه المعلومات، فقد تعهدت أبو ظبي لأربيل بتمويل مشروع الاستفتاء الشعبي المزمع إجراؤه نهاية العام الحالي رغم رفض بغداد، ووسط تحفظ على توقيته وظروفه من قبل الأطراف الكردية في السليمانية التي تعد عاصمة المعارضة التقليدية في الإقليم الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي منذ الاحتلال الأمريكي للبلاد عام 2003.
وتقول تلك القيادات إن الحراك السياسي الإماراتي في أربيل انتهى أخيرًا إلى تعهد أبو ظبي بتمويل مشروع استفتاء الانفصال عن العراق نهاية العام الحالي، مشيرين إلى أن القنصل الإماراتي في أربيل، فضلًا عن السفير في بغداد، يقودان حراكًا كبيرًا لدعم رئيس الإقليم، مسعود البرزاني وعائلته منذ عامين.
رفض شعبي
وبدأت دولة الإمارات بفتح مؤسسات تابعة لها داخل كردستان وتقديم مساعدات للحزب الديمقراطي الكردستاني وليس إلى شعب كردستان. ومثل هذه المواقف تؤدي إلى تنافر شعبي في مناطق أخرى بالعراق عندما يشعرون أن هناك دعمًا من دولة عربية لجهة تريد تمزيق العراق. ويتصاعد الدور الإماراتي في أربيل على نحو كبير من بوابة الاستثمارات بقطاع الإسكان والصحة والسياحة، فضلًا عن الجانب الإغاثي والصحي تحت عناوين مساعدة النازحين بالشراكة بين “مؤسسة البرزاني الخيرية” والمنظمات الإماراتية. إلا أنه يقتصر على أربيل وأجزاء من دهوك فقط، من دون السليمانية التي تمثل جبهة المعارضة لمسعود البرزاني.
دور خبيث
تستمر إمارة أبو ظبي في لعب دور خبيث وهدام بالمنطقة العربية، فقد كشفت تقارير صحفية عن تعهد الإمارة، بدعم ميليشيات الحشد الشعبي الطائفية في العراق بمبلغ 20 مليون دولار شهريا، جاء ذلك بعد أن قام وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري بزيارة إلى الإمارات بدأت أمس الأول، لترؤس اجتماع اللجنة العراقـية الإماراتية المشتركة في دورتها التاسعة.
ويأتي دعم أبو ظبي لميليشيات الحشد الشعبي الطائفية تحت مزاعم محاربتها لتنظيم داعش، في الوقت الذي ترتكب فيه هذه الميليشيات مجازر مروعة بحق العراقيين السنة. وتؤكد التقارير أن ميليشيات الحشد الشيعي في العراق مارست انتهاكات كبيرة بحق أهل السنة وارتكبت جرائم حرب وهجمات انتقامية وحشية بحق النازحين من مدينة الموصل، حيث يتعرض العشرات للقتل والتعذيب على أيدي الميليشيات الشيعية.
انتهاكات واضحة
هذه الانتهاكات أظهرتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من صور ومقاطع فيديو. كما بثت وسائل الإعلام العربية والعالمية المئات من التقارير تحدثت فيها عن انتهاكات الحشد الشيعي بحق أهل السنة التي ترقى إلى عمليات “تطهير عرقي”، بحق السنة، في المدن العراقية المحررة من “داعش”، بحسب منظمات محلية ودولية.
واتهمت عدة أطراف سنية عراقية، ومنظمات حقوقية دولية، وحتى الأمم المتحدة، الحشد الشعبي الموالية للحكومة بارتكاب عدة جرائم على خلفية طائفية ضد المدنيين السنة، في المدن المحررة، خلال الفترة ما بين 2014 و2016.
وتنوعت جرائم “الحشد الشعبي” في المناطق السنية بين التعذيب، والإخفاء القسري، وقتل مدنيين وأسرى تحت التعذيب، ونهب مدن وبلدات محررة قبل حرق ونسف آلاف المنازل والمحال بها، يضاف إلى ذلك تدمير قرى بالكامل، ومنع النازحين من العودة إلى مدنهم وقراهم بهدف تغيير التركيبة السكانية لهذه المدن، ولم تسلم مساجد السنة من التدمير والحرق، وكذلك المحاصيل الزراعية.
4/10/2017
ارسال التعليق