سجناء ريتز.. 95 غادروا ومثلهم ينتظر
بعد يوم على مغادرة الأمير الوليد بن طلال "السجن" الفاخر في فندق ريتز كارلتون في الرياض -والذي خصصته سلطات السعودية لاحتجاز أمراء ووزراء ورجال أعمال- يتساءل مراقبون عن مصير نحو تسعين محتجزا على ذمة "مكافحة الفساد".
وتتضارب الأرقام الحقيقية لعدد من احتجزوا ضمن الحملة التي أعلنها الملك سلمان بن عبد العزيز في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وترأسها نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
فقد ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير لها اليوم الأحد أن عدد من احتجزوا في الحملة بلغ 350 أميرا ورجل أعمال ومسؤولا حاليا وسابقا، في حين قال مسؤول سعودي قبل أيام إن عدد من أوقفوا يبلغ أكثر من 180.
وفي مقابلة مع وكالة بلومبيرغ الأميركية نشرت قبل أيام، قال النائب العام السعودي سعود المعجب إن النيابة العامة قررت رفض التهم الموجهة لنحو 95 محتجزا، مشيرا إلى وجود عدد مماثل ينتظر إجراء تسويات.
وفي تصريحه أشار المعجب إلى أن التفاوض يجري مع خمسة من المحتجزين، في إشارة قالت صحيفة عكاظ إنها للذين أفرج عنهم الجمعة والسبت الماضيين، وهم -إضافة لابن طلال- وليد آل إبراهيم مالك شبكة (أم.بي.سي) وفواز الحكير أحد كبار المساهمين في شركة الحكير، وخالد التويجري الرئيس السابق للديوان الملكي، وتركي بن ناصر الرئيس السابق للهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة.
بقية المحتجزين
لكن السؤال الذي يطرحه مراقبون ومحللون يتعلق بمصير بقية المحتجزين، لاسيما بعد أن أعلنت إدارة فندق ريتز إنه سيفتح أبوابه اعتبارا من مطلع الشهر القادم، وهو ما يتوافق مع ما أعلنه مسؤولون حكوميون عن انتهاء المرحلة الأول من الحملة نهاية الشهر الجاري.
ووفق ما ذكرت وسائل إعلام سعودية اليوم الأحد، فإن النائب العام أطلع المتهمين الذين لم يجروا تسويات على التهم الموجهة ضدهم، وإنه سمح لهم بالتواصل مع وكلاء الدفاع عنهم بهدف اتخاذ قرار نهائي إما بعمل تسويات مع السلطات الحكومية، أو السير في محاكمتهم.
وأعدت السلطات دائرتين قضائيتين لمحاكمة من يرفضون التسوية والإقرار بتهم الفساد ضدهم، في كل من جدة والرياض.
وتتضارب المعلومات عن مكان احتجاز من بقي من الأمراء والوزراء، ويشمل ذلك من جرى عمل تسويات معهم اليومين الماضيين.
من ريتز للحائر
وفي تقرير لها نشرته اليوم، قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الأمير ابن سلمان أمر منذ أسبوعين بنقل من رفض التسوية من الأمراء ورجال الأعمال من فندق ريتز إلى سجن الحائر، وإنه هدد بمحاكمتهم.
وبالرغم من نفي السلطات، أكدت الصحيفة الأميركية أن كافة المعتقلين نقلوا للسجن، وأنه جرى استثناء ابن طلال من هذا الإجراء، حيث نقل لقصر تم تعزيز الحراسة عليه، بالرغم من أنه ظهر أمس من فندق ريتز في مقابلته مع وكالة رويترز التي سبقت الإفراج عنه بساعات.
وتقول إن من أبرز الرافضين لإجراء تسوية هو الأمير تركي بن عبد الله نجل الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز الذي اعتقل مع شقيقه وزير الحرس الوطني السابق الأمير متعب بن عبد الله، بداية الحملة قبل نحو ثلاثة أشهر.
وأفرجت السلطات عن الأمير متعب بعد ثلاثة أسابيع من اعتقاله، وظهر بعدها بأيام مع ولي العهد خلال رعاية الأخير لبطولة تحمل اسمه لسباق الخيل في الرياض.
متهم ورئيس وفد
ولعل واحدة من مفارقات من جرى اعتقالهم في فندق ريتز بتهم الفساد سجلها وزير المالية السابق ووزير الدولة الحالي إبراهيم العساف.
فبعد احتجاز دام نحو شهر، ظهر الوزير بشكل مفاجئ في اجتماع مجلس الوزراء مطلع الشهر الجاري.
ثم عاد اسم الوزير ليظهر مجددا بعد أن ترأس وفد بلاده للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي عقد في دافوس السويسرية قبل أيام.
وكانت وسائل إعلام غربية قد نقلت عن مسؤولين حكوميين أن ابن سلمان يهدف لتحصيل نحو ثمانمئة مليار دولار من حملته على الفساد، لكنه لم يتمكن من تحصيل سوى مئة مليار.
وفي تصريح لافت له، قال وزير المالية محمد الجدعان لقناة العربية -على هامش مشاركته بمؤتمر دافوس- إن سلطات بلاده ستمول برنامج الدعم الذي أعلنه الملك للمواطنين هذا الشهر من الأموال التي جرى تحصيلها ضمن حملة مكافحة الفساد.
ووفق الوزير فإن تكلفة الحملة تبلغ خمسين مليار ريال سعودي، وهو ما يعادل 13 مليار دولار أميركي.
وبينما تسعى السلطات لإغلاق ملف "السجن الذهبي" في ريتز كارلتون بسرعة على ما يبدو، تبقى التساؤلات مشروعة عن الصفقات التي أجرتها مع أمراء وأثرياء دفعوا ثمن حريتهم، دون نشر أي تفاصيل عمن خرج بتسوية، ومن ثبتت براءته، ومن ينتظر.
بقلم : محمد النجار
ارسال التعليق