محاكم التفتيش السعودية تنفذ أول إعداماتها هذا العام
بيّن تقرير للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، أنه في 1 مارس/آذار 2023، نشرت وزارة الداخلية السعودية بيانا، أعلنت فيه عن تنفيذ أحكام قتل بحد الحرابة بحق أربعة أشخاص.
بعد ثلاثة أيام، وفي 4 مارس، نشرت وكالة الأنباء الرسمية، بيانين رسميين أعلنا عن تنفيذ حكمي إعدام الأول بحد الحرابة، والثانية حكم قتل تعزيري. الأحكام الستة، وفقا للمنظمة، هي أول أحكام مسجلة منذ بداية 2023، وتأتي بعد أكثر من ثلاثة أشهر على نشر آخر إعدام تم تنفيذه تعزيرا في قضية تتعلق بتهم مخدرات.
وأشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، إلى أنها خلال الفترة بين 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، و1 مارس/آذار 2023، لم ترصد أي خبر رسمي عن تنفيذ أحكام قتل، إلا أن معلومات من مصادر متنوعة، أكدت تنفيذ أحكام قتل بشكل سري ومن دون إعلان رسمي كما جرت العادة.
وبحسب البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية، فإن “السعوديين” الأربعة، الذين أعدموا في الأول من مارس/آذار، اتهموا بـ ” اقتحام شقة الضحية، وكسر بابها بقصد الاعتداء عليه مما أدى إلى هروبه منهم بالقفز من النافذة وسقوطه على رأسه وخطفه وإركابه في شنطة السيارة بالقوة وأخذه إلى مكان بعيد عن الأنظار، وضربه بأيديهم وأرجلهم وفسخ ملابسه ورميه عرياناً مما نتج عنه وفاته”.
وتبين هذه التهم، أن المتهمين الأربعة لم يقتلوا الضحية بشكل مباشر باستخدام سلاح، وهذا ما يظهر أن هناك توسع في استخدام حد الحرابة في إصدار أحكام الإعدام، دائما بحسب تقرير المنظمة.
إضافة إلى ذلك،أبرزت المنظمة أنه في ” بيان الداخلية في 4 مارس/آذار، أعلن عن إعدام محمد بن عبدالرزاق بن سعد فيضي بحد الحرابة بعد أن تمت إدانته بتهم بينها الاعتداء على أحد رجال الأمن وقتله عمداً، وإطلاق النار والدخول إلى إحدى المنشآت النفطية وإشعال النار فيها بقصد تفجيرها”.
وكانت وسائل الإعلام الرسمية السعودية، قد نشرت في مايو/أيار 2006 خبرا عن اعتقال متهم بالاسم نفسه متهم بإطلاق النار على منشآت، وقالت أنه مريض نفسي. الحكم السادس، تم أيضا بحق مواطن سعودي بحكم تعزيري، وهي الأحكام التي تصدر بناء على تقدير القاضي”.
ورأت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان أن “الإعدامات الستة التي نفذت مع بداية شهر مارس/آذار تظهر التخبط في ملف الإعدام فيما يتعلق بنوعية الأحكام ونسف الوعود.
وتشير إلى أنه في ظل انعدام الشفافية في تعامل الحكومة السعودية، وفي ظل الشوائب المتجذرة في القضاء والممارسة الممنهجة من تعذيب وسوء معاملة وغيرها، فإنه لا يمكن الوثوق في أي حكم يصدر عنها”.
واعتبرت المنظمة أن الإعدامات الأخيرة تثير مخاوف جدية من عودة النظام السعودي إلى الوتيرة السريعة بتنفيذ الأحكام، حيث نفذت في 2022، 147 حكما.
كما أبدت قلقها من أن تكون الإعدامات مقدمة للبدء بتنفيذ الأحكام بحق المتظاهرين والقاصرين وغيرهم من المتهمين بقضايا تتعلق بممارسة حقوق مشروعة.
وبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية يواجه 65 معتقلا على الأقل خطر الإعدام بينهم 9 قاصرين.
مجلس حقوق الإنسان في دورته 52 يؤكد: الإعدام بجرائم ليست من الأشد خطورة رمز للسيطرة المميتة للدول وفي سياق متصل، وتحت عنوان، انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة باستخدام عقوبة الإعدام واقتصار عقوبة الإعدام على الجرائم الأشد خطورة، عقد مجلس حقوق الإنسان في 28 فبراير/شباط 2023، حلقة نقاش رفيعة المستوى على هامش دورته 52.
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أشار إلى أن الأمم المتحدة لسنوات عديدة عارضت عقوبة الإعدام في جميع الظروف، حيث من الصعب التوفيق بين تطبيق عقوبة الإعدام وهي أشد عقوبة ولا رجعة فيها، وبين الكرامة الإنسانية والحق في الحياة.
وأشار تورك إلى أن وجود عقوبة الإعدام، فضلاً عن التهديد باستخدامها، يمكن أن يتحول إلى أغراض أخرى، مثل بث الخوف وقمع المعارضة وقمع الممارسة المشروعة للحريات.
ودعا تورك، الدول التي لم توقف استخدام عقوبة الإعدام بعد، إلى اتخاذ زمام المبادرة بقوة من خلال تقييد استخدامها، وخاصة في الجرائم التي لا تعد من الأشد خطورة.
الأستاذة المساعدة في كلية الحقوق بجامعة موناش ماي ساتو أشارت إلى أنه من بين 79 دولة أبقت على عقوبة الإعدام بموجب القانون، اتبعت دولتان فقط المعيار الدولي لتقييد عقوبة الإعدام على أخطر الجرائم التي تُعرف بالقتل العمد.
وأشارت إلى أن 77 دولة لا زالت تبقي الإعدام على جرائم ليست من الأكثر خطورة.
المديرة التنفيذية لمشروع العدالة في باكستان سارة بلال أشارت إلى أن في باكستان ما يقرب من 4000 شخص محكوم عليهم بالإعدام وأكثر من 30 جريمة يُعاقب عليها بالإعدام. ولكن هناك تقدم واضح في الالتزام بالمعاهدات الدولية لجعل العقوبة تتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأشارت إلى أنه ورد أن أكثر من 400 شخص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في جرائم مخدرات في باكستان، ومع ذلك لم يتم تنفيذ أي إعدامات مسجلة لهذه الجريمة منذ عام 2010.
المتحدثون أوضحوا أن العديد من الدول لا زالت تنفذ أحكام الإعدام بشكل منتظم على جرائم تتعلق بالمخدرات، ولم تستوف المعيار “الأكثر خطورة”، حيث يعاقب بالإعدام على جرائم مخدرات في 38 دولة وبين عامي 2010 و 2020، تم إعدام أكثر من 4000 شخص على الأقل بسبب هذه الجرائم.
وأوضح المشاركون في النقاش أن هناك دول يعتبر فيها الإسلام دين الدولة، لكنها لم تفرض عقوبة الإعدام على المتهمين بالمخالفات الدينية أو المخدرات مما يدل على أن عقوبة الإعدام رمز للسيطرة المميتة للدولة على مواطنيها.
النقاش اختتم بدعوة كافة الدول التي أبقت على عقوبة الإعدام إلى اتخاذ خطوات فعالة لمزيد من تقييد عقوبة الإعدام في ولاياتها القضائية، مع مراعاة معيار “أشد الجرائم خطورة” على محمل الجد.
من جهتها، أشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى أن “السعودية” هي من أبرز “الدول” التي لا زالت تستخدم عقوبة الإعدام في الجرائم التي لا تعد من الأشد خطورة، بما في ذلك التعبير عن الرأي والتظاهر والمخدرات، إلى جانب انتهاكات جسيمة أخرى تنطوي عليها الأحكام بما في ذلك التمييز والحرمان من الحق في محاكمة عادلة.
وأوضحت المنظمة أن “السعودية” تعتمد على إصدار أحكام قتل تعزيرية، وهي الأحكام التي تعتمد على تقدير القاضي للجرم لمحاكمة الأفراد الذين لا يواجهون في الأغلب تهم قتل.
وبحسب الأرقام، أعدمت في عهد الملك سلمان أي منذ بداية 2015 حتى اليوم، 496 شخص بالاحكام التعزيرية و12 قاصر. ولفتت إلى أن النظام السعودي أعدم بين عامي 2010 و2020، 386 أشخاص بتهم تتعلق بالمخدرات.
وبحسب تتبع المنظمة الأوروبية السعودية فإن هناك انتهاكات واسعة لشروط العدالة يتعرض لها المتهمون بقضايا مخدرات، تبدأ من التمييز والحرمان من الحق في الدفاع عن النفس، وصولا إلى صدور أحكام تعسفية.
وعلى الرغم من انعدام الشفافية في تعامل “الحكومة السعودية” في ملف الإعدام، فإن توثيق المنظمة يؤكد أن هناك العشرات يواجهون خطر الإعدام بتهم لا تعد من الأشد خطورة في القانون الدولي، من بين ذلك المخدرات، والتعبير عن الرأي والمشاركة في مظاهرات.
ومن بين الإعدامات التي تمتّ، 165 حكم نفذ في 3 إعدامات جماعية، في يناير/ تشرين الثاني 2016، وأبريل/نيسان 2019 ومارس/آذار 2022.
وبحسب رصد المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، 496 من أحكام الإعدام المنفذة، ما نسبته 49% تمت بأحكام قتل تعزيرية، أي بأحكام تعتمد على رأي القاضي. وكانت المنظمة، في تقريرها للعام 2022 قد أكدت أن مستوى القمع في “السعودية” لم يصل إلى مستوى ما وصل إليه في عهد سلمان وابنه، حيث شكل العام الماضي صدمة إضافية في المدى الذي قد تصل إليه في قمع الحريات.
إذ ضاعفت “السعودية الأحكام الصادرة بشكل تعسفي ضد أفراد على خلفية تعبيرهم عن رأيهم وممارسة حقوق مشروعة، كما صعّدت من استخدامها السيء للقوانين من بينها قانون مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، وقانون مكافحة جرائم المعلوماتية، لملاحقة النشطاء، وشهد 2022 أحكاما غير مسبوقة، وصلت إلى عقود من السجن والمنع من السفر.
ارسال التعليق