محاولات جديدة لفتح دعوى اتهام السعودية بدعم هجمات 11 سبتمبر
لا تزال محاولات أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة مستمرة على المستوى القضائي لتحميل الدولة السعودية المسؤولية عن تلك الهجمات، وقد استمدت هذه المحاولات زخما ونشاطا بعد الكشف عن أن السعودي عمر البيومي، الذي اتهم باستقبال خاطفين الطائرات في الولايات المتحدة، كان عميلا لجهاز المخابرات السعودي.
وقال موقع "برو بابليكا" إن مساعي العائلات لإعادة فتح الدعوى ضد الحكومة السعودية تتصاعد بإصرار، استنادا إلى تحقيقات أمريكية رفعت عنها السرية قبل نحو عام، من كون البيومي عميلا للمخابرات السعودية، بالإضافة إلى وجود شخصيات سعودية أخرى عملت بسفارة المملكة في واشنطن أو مراكز إسلامية تشرف عليها ضمن دائرة اتصالات الخاطفين، قبل تنفيذ الهجمات.
محاولات لإعادة فتح الدعوى:
وكان البيومي نفى مرارا أن يكون قد ساعد الخاطفين عن عمد، مؤكدا أنه التقى بهم في الولايات المتحدة بمحض الصدفة وتعاون معهم في تأمين مسكن وفتح حساب مصرفي بشكل طبيعي، كونهم مسلمين، وشدد على أنه كان مجرد طالب سعودي في الولايات المتحدة، آنذاك، لكن الكشف عن كونه عميلا للمخابرات السعودية أشعل الغضب والنشاط بين مقدمي الدعوى ضد الرياض.
وكتب المدعون عن عائلات ضحايا 11 سبتمبر، في اقتراح هذا الشهر: "من واجب السعودية أن تقول الحقيقة بشأن الأدوار الاستخباراتية لبيومي، وآخرين أبرزهم فهد والثميري بناءً على معرفتها الفعلية والكاملة".
وقال التقرير إن القاضية الفيدرالية التي تدير القضية، سارة نيتبيرن، لا تزال ترفض إعادة فتح الدعوى، حيث لم تجد "سببًا مقنعًا" لإعادة فتح التحقيقات أو طلب إجراء مقابلات جديدة مع المسؤولين السعوديين.
وقد طلب محامو العائلات من القاضي المشرف على القضية ، جورج بي دانيلز ، نقض حكمها.
تقديم الدعم لخاطفي الطائرات:
ولطالما نفت الحكومة السعودية لعب أي دور في هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وخلص تقرير مشترك بين وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي في عام 2005 إلى أنه "لا يوجد دليل" على أن الحكومة السعودية أو العائلة المالكة "قدمت عن علم الدعم" لمؤامرة الحادي عشر من سبتمبر.
ويقال إن المهندس الرئيسي للهجمات، خالد شيخ محمد، نفى أن يكون لدى الخاطفين أي حلفاء في انتظارهم في الولايات المتحدة، وبعد أن تعرض للتعذيب على يد خاطفيه في وكالة المخابرات المركزية، أخبرهم محمد أنه أمر أول اثنين من الخاطفين بتقديم نفسيهما في المساجد المحلية كطلاب وصلوا حديثًا يطلبون المساعدة، ما يبعد التهمة عن الحكومة السعودية.
وكان السعوديان خالد المحضار ونواف الحازمي معروفين لدى المخابرات السعودية ووكالة المخابرات المركزية على أنهما من نشطاء تنظيم "القاعدة".
وكانت وكالة المخابرات المركزية تراقبهم عندما انضموا إلى اجتماع التخطيط لـ"القاعدة" في عاصمة ماليزيا كوالالمبور، في الأيام الأولى من يناير/كانون الثاني 2000.
لكن الوكالة قالت إنها فقدت مسار الاثنين عندما طاروا إلى بانكوك ثم إلى لوس أنجلوس في 15 يناير/كانون الثاني 2000.
خط سير الخاطفين:
لم تنبه وكالة المخابرات المركزية مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" لأكثر من عام بعد أن علمت أن الإرهابيين دخلوا الولايات المتحدة باستخدام أسمائهم الحقيقية وجوازات سفرهم السعودية.
وأظهرت التحقيقات أن الخاطفين وصلوا على الفور تقريبًا إلى مسجد الملك فهد في مدينة كولفر، أسفل الشارع مباشرةً من استديوهات سوني بيكتشرز، وهو المسجد الذي كان يضم رجال دين سعوديين مؤيدين للسلطات، ومن بينهم فهد الثميري.
البيومي الغامض:
ولفت التقرير إلى أن أنشطة عمر البيومي في الولايات المتحدة كانت محل تحقيقات من مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 1998، بعدما تبين أن نشاطاته لا تتناسب مع كونه طالبا سعوديا مبتعثا، فبدلاً من الالتحاق بكلية الدراسات العليا، وجد المحققون أن بيومي كان يتردد على المساجد المحلية، ويوزع الأموال لأسباب مختلفة ويصور في كثير من الأحيان بالفيديو الزوار.
وبحسب ما ورد دفع 400 ألف دولار لإنشاء مسجد في ضاحية إل كاجون في سان دييجو.
وأفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه طوال فترة وجوده في الولايات المتحدة، كان البيومي يتقاضى راتباً ونفقات أخرى كموظف وهمي في شركة مقاولات سعودية.
ومع ذلك، شهدت مسؤولة مكتب التحقيقات الفيدرالي، جاكلين ماجواير، أمام لجنة 11 سبتمبر/أيلول في عام 2004 أن لقاء بيومي الأولي مع الخاطفين بدا كأنه "لقاء عشوائي".
وحكمت اللجنة التي أجرت مقابلة مع بيومي في السعودية على أنه رجل متدين ومنفتح وقبلت نفيه أنه جاسوس.
لكن تبين بالفعل أن البيومي كان عميلا للمخابرات السعودية وأنه "يحصل على راتب شهري كمشترك في رئاسة المخابرات العامة السعودية (GIP) عن طريق السفير السعودي بواشنطن الأمير بندر بن سلطان آل سعود، حيث كان يجمع المعلومات بنشاط للمخابرات السعودية".
ومن هنا، ثارت الشكوك لدى أهالي الضحايا أن البيومي كان يساعد الخاطفين ضمن ما يبدو أنها عملية سرية سعودية.
ويشير تقرير إلى أنه بين يناير/كانون الثاني ومايو/أيار 2000، سجل هاتفان خلويان مرتبطان بالبيومي، 24 مكالمة إلى القنصلية السعودية، و32 إلى السفارة في واشنطن و37 إلى البعثة الثقافية السعودية في فرجينيا.
شخصيات سعودية أخرى:
وكشفت التحقيقات أيضا أن البيومي أجرى سلسلة من المكالمات قبل وبعد وصول الخاطفين إلى سان دييجو مباشرة إلى متعب السديري، وهو رجل دين سعودي كان قد زاره في كاليفورنيا قبل أشهر.
عاش السديري، الذي كان يعمل اسميًا كمسؤول إداري في السفارة السعودية بواشنطن، لعدة أشهر في ميسوري مع رجل أمريكي فلسطيني قيل إنه اشترى هواتف تعمل بالأقمار الصناعية ومعدات أخرى لأسامة بن لادن.
ويقول التقرير إن السديري كان على صلة أيضاً بـ"نشطاء القاعدة المشتبه بهم في السعودية".
كما تواصل بيومي والثميري مرارًا وتكرارًا مع مساعد أحمد الجراح، وهو شخصية رئيسية في الشبكة الدينية السعودية وكان شخصية بارزة في قسم الشؤون الإسلامية في سفارة واشنطن، وفقًا لوثائق مكتب التحقيقات الفيدرالي.
جاء في تقرير عام 2021 أن الجراح "كان له تأثير مسيطر وتوجيهي على جميع جوانب النشاط المتطرف السني في جنوب كاليفورنيا" و "اتصالات عديدة مع مواضيع الإرهاب في جميع أنحاء الولايات المتحدة".
في سفارة واشنطن عمل جراح أيضًا كضابط كبير في جهاز المخابرات السعودي، وكان مساعدا مقربا للسفير منذ فترة طويلة.
ويقول التقرير إنه في حين أن ما كشف عنه بيومي وغيره قد يكون محرجًا للحكومة السعودية، لكنه لا يزال من غير الواضح لماذا أبقت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الكثير من تحقيقات 11 سبتمبر سرًا لفترة طويلة.
وأشار التقرير إلى إصرار أهالي ضحايا هجمات سبتمبر على أن تشكل الإجابات على الوقائع السابقة أرضية لإعادة فتح القضية ضد السعودية.
لكن القاضية نيتبيرن أكدت للمدعين بأنها لن تعيد فتح الاكتشاف في القضية إلا إذا كانت هناك "ظروف استثنائية".
وحتى الآن، لم يتم إقناعها بأن المعلومات الجديدة حول عمل بيومي لصالح وكالة المخابرات السعودية تفي بهذا المعيار، بحسب التقرير.
ورفضت الحكومة السعودية التي نفت منذ فترة طويلة أن بيومي أو الثميري ساعد الخاطفين نيابة عن المملكة، مناشدات المدعين لإعادة فتح الاكتشاف ووصفتها بأنها تكرار لأمور سابقة.
ارسال التعليق