من الإعلام
محللون: التعيينات السعودية تعزز موقع «محمد بن سلمان» وتقوي العلاقة مع واشنطن
تدفع التغييرات السياسية والأمنية الأخيرة في المملكة السعودية نحو تعزيز موقع نجل الملك «سلمان بن عبد العزيز» وزير الدفاع الأمير «محمد»، وتقوية العلاقات مع واشنطن، بحسب ما يرى محللون ودبلوماسيون.
ووضعت أوامر ملكية صدرت في نهاية الأسبوع الماضي مقربين من الأمير «محمد» في مواقع قيادية في المملكة. ومن بين هؤلاء شقيقه الأمير خالد الذي عين في منصب سفير السعودية لدى واشنطن.
وقال دبلوماسي أجنبي إن هدف هذه التعيينات تقوية «محمد بن سلمان» وجناح آل سلمان على حساب بقية افراد عائلة آل سعود التي تحكم المملكة منذ نشأتها.
وسطع نجم «محمد» (31 عاما) غداة تعيينه في منصب ولي ولي العهد قبل عامين، بعد أشهر قليلة من تسلم والده مقاليد الحكم إثر وفاة عبد الله، علما أن ولي العهد هو محمد بن نايف، نجل شقيق الملك الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز والذي ينظر الكثيرون الى انه مجرد ديكور.
ويتولى الأمير «محمد» وزارة الدفاع ورئاسة مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة ومجلس آخر يشرف على عمل شركة أرامكو، عملاقة النفط، وبىإسمه عرفت رؤية 2030 التي تقوم على ((إصلاح)) الاقتصاد عبر تنويعه بدل الاعتماد بشكل كلي على النفط.
وبين الأوامر الملكية، إنشاء مركز أمني جديد تحت مسمى مركز الأمن الوطني يرتبط تنظيمياً بالديوان الملكي، واستحداث وظيفة في الديوان الملكي بعنوان “مستشار الأمن الوطني”.
ولم يحدد الأمر الملكي طريقة عمل المركز الأمني الجديد. لكن الدبلوماسي الأجنبي رأى أن إنشاء هذا المركز يعكس حسدا غير طبيعي من قبل محمد بن سلمان لولي العهد محمد بن نايف الذي يتولى أيضا وزارة الداخلية ويترأس مجلسا للشؤون السياسية والأمنية.
واختار محمد بن «سلمان» «محمد بن صالح الغفيلي» مستشاراً للأمن الوطني. وقال دبلوماسي أجنبي آخر إن الغفيلي مقرب من ولي ولي العهد، وأن منصبه هذا سيؤهله ليلعب دورا مهما في المجال الأمني.
كما أمر بتعيين الجنرال «أحمد عسيري»، المتحدث باسم الحرب التي تشنها الرياض على اليمن المجاور، نائباً لرئيس الاستخبارات العامة. ويؤكد دبلوماسيون أن عسيري من المقربين ايضا من وزير الدفاع الأمير «محمد بن سلمان».
ويقول الباحث في معهد (شاتام هاوس) البريطاني «بيتر سالزبوري» إن التغييرات الأخيرة «تظهر أن محمد بن سلمان اتخذ خطوة جديدة في اتجاه إحكام سيطرته على الأجهزة الأمنية».
ولطالما ارتبط الملف الأمني في المملكة بولي العهد الأمير محمد بن نايف الذي اكتسب سمعة حسنة في الغرب مع قيادته الجهود السعودية لمحاربة تنظيم القاعدة والجماعات المعارضة الأخرى المسلحة منها وغير المسلحة في وقت لم يكن محمد بن سلمان قد عرف بعد حيث كان في سن الرابعة عشر حينما عصفت بالبلاد التفجيرات المتنقلة من قبل تنظيم القاعدة.
الحلف مع واشنطن
ويرى محللون أن بعض الأوامر الملكية تعكس أيضا رغبة سعودية في تعزيز الروابط مع الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب حيث لم تمض سوى اسابيع على اعطاء محمد بن سلمان مبلغ 200 مليار دولار أي ما يقرب من 800مليار ريال لادارة ترامب من اجل تجاوز قسما من الضغوط الاقتصادية التي تواجهها تحت مسمى استثمارات سعودية بامريكا.
واختار محمد بن سلمان اخيه خالد سفيرا للمملكة لدى واشنطن برتبة وزير، ليحل مكان عبدالله بن فيصل بن تركي بن عبدالله الذي لم يمض على تعيينه في هذا المنصب اكثر من عشرين شهرا والذي يكبر السفير الجديد ب 36 سنة.
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية، تدرب خالد بشكل مكثف مع الجيش الأمريكي في كل من الولايات المتحدة والرياض. إلا أن إصابة في ظهره أجبرته على التوقف عن الطيران، فعمل ضابطا في مكتب وزير الدفاع، شقيقه محمد.
كما تم تعيين أيضا الفريق ركن فهد بن تركي بن عبد العزيز، القائد السابق للقوات الخاصة، قائدا للقوات البرية. وبعد ساعات من تعيينه، قلده الأمير محمد رتبته الجديدة في حفل حضره كبار قادة القوات السعودية.
ويرى سالزبوري أن هذين التعيينين هدفهما بناء علاقات مع قادة عسكريين رفيعي المستوى في الولايات المتحدة.
وتجد الرياض في إدارة ترامب آذانا صاغية تتفاعل مع قلقها من التدخلات الإيرانية في دول المنطقة.
وقبل أقل من أسبوع من صدور الأوامر الملكية، سعى وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس خلال زيارة إلى السعودية إلى تأكيد عودة الروح للحلف التاريخي مع الرياض.
وفي منتصف مارس/آذار، التقى ترامب في البيت الأبيض ولي ولي العهد في أول اجتماع على هذا المستوى منذ انتهاء ولاية أوباما.
وتقوم الولايات المتحدة بنقل معلومات استخباراتية إلى التحالف العربي بقيادة الرياض الذي ينفذ ضربات ضد اليمن، وتزوده بالوقود والأسلحة، علما أن أوباما قام في ديسمبر/كانون أول بتعليق نقل ذخائر دقيقة التوجيه الى الرياض بسبب المخاوف من سقوط ضحايا في صفوف المدنيين.
وبإمكان إدارة ترامب إعادة تزويد القوات السعودية بهذه القنابل، أو تقديم مساندة عسكرية أكثر فاعلية في ظل عجز القوات التي تدعمها الرياض عن تحقيق اختراقات كبيرة.
وقال الدبلوماسي الثاني إن العلاقة بين البلدين كانت سيئة في ظل إدارة أوباما، لكن السعوديين أدركوا أنه لا غنى لهم عن الدعم الأمني الأمريكي”.
دلالات القرارات
وتوارت أسباب ودلالات القرارات الملكية، التي صدرت باسم العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، مساء السبت، وراء الأمر الملكي بإعادة صرف جميع البدلات والمكافآت والمزايا المالية لموظفي المملكة من مدنيين وعسكريين، والتي تم إلغاءها أو تعديلها أو إيقافها، إلى ما كانت عليه.
الخطوة الملكية جرى تسويقها بشكل سريع، باعتبارها إنجازا جديدا حققه ولي ولي العهد، بدا ذلك جليا في الوسم الذي تم تداوله على مواقع التواصل، والذي حمل عنوان «#محمد_بن_سلمان_يعيد_البدلات».
وأثارت قرارات «سلمان»، أو «بن سلمان» وفقا للمتداول، ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد لاقت الأوامر المتعلقة بعودة البدلات خاصة استحسانا واسعا من قبل رواد هذه المواقع .
قرار عودة البدلات، ألقى بظلال كثيفة على قرارين مؤثرين، الأول القرار الملكي بإنشاء مركز للأمن الوطني، يرتبط تنظيميا بالديوان الملكي.
وتضمن القرار، تعيين «محمد الغفيلي» مستشارا للأمن الوطني بالمرتبة الممتازة.
وتضمن القرار أن يكون «الغفيلي» عضوا مؤثرا في مجلس الشؤون السياسية والأمنية الذي يرأسه محمد بن نايف ومشرفا على أمانة المجلس وفي ذلك ما يكفي من الاشارات .
ولم ينص القرار الملكي على تعيين رئيس للأمن الوطني، بينما نص على تبعيته للديوان الملكي مباشرة، وهو ما يعني ضمنا إشراف ولي ولي العهد على الجهاز مما سيعزز من صلاحياته في شؤون الأمن الداخلي.
مقدمة لطرد محمد بن نايف
ومن آن لآخر ينتزع «بن سلمان»، صلاحيات موسعة من ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن نايف» نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، منذ تعيينه كولي للعهد.
القرار الثاني الذي يعزز هذه الرؤية الأمر الملكي بإعفاء سفير المملكة لدى واشنطن الأمير «عبد الله بن فيصل بن تركي»، وتعيين ابنه «خالد بن سلمان» (شقيق محمد) خلفا له، بالإضافة إلى تعيين الشقيق الثالث الأمير «عبد العزيز بن سلمان» وزيرا للدولة لشؤون الطاقة.
يقول «مجتهد» في تدوينته المثيرة للجدل، إن «اختيار خالد بن سلمان (شقيق محمد) سفيرا في واشنطن هو جزء من ترتيبات محمد بن سلمان لضمان علاقة مغلقة مع دونالد ترامب دون وسيط آخر من الأسرة لشق الطريق للملك».
أضاف، «تعيين محمد بن سلمان سفيرا في واشنطن هو بمثابة إنشاء شبكة vpn بين ترامب ومحمد بن سلمان بعد أن كانت الشبكة باتصال عادي عن طريق أمير آخر»، وفق تدوينته.
ووفق «مجتهد»، فإن «إعادة البدلات والعلاوات توطئة للأسوأ»، قائلا: «ترقبوا في كل شهر قرارا بضريبة جديدة، رفع أسعار الخدمات والوقود، إلغاء الدعم عن المواد الأساسية».
قرارات الملك
وتضمنت القرارات إعادة صرف جميع البدلات والمكافئات والمزايا المالية لموظفي الدولة من مدنيين وعسكريين التي تم إلغاؤها أو تعديلها أو إيقافها إلى ما كانت عليه، واعتماد صرف مكافأة شهرين للمشاركين الفعليين في الصفوف الأمامية للهجوم على اليمن.
وكان بن سلمان قد ألغى مزايا موظفي الدولة البالغ عددهم أكثر من مليوني موظف حكومي مدني، وقرر إلغاء بعض العلاوات والبدلات والمكافآت، وخفض رواتب الوزراء ومن في مرتبتهم بنسبة 20%، كما خفض مكافآت أعضاء مجلس الشورى (البرلمان) بنسبة 15% ولم تمس تلك القرارات أي من مزايا افراد العائلة المالكة والذين يعدون بعشرات الالاف .
وأعلنت السعودية في ديسمبر/كانون أول الماضي، موازنة العام 2017، بإجمالي نفقات تبلغ 890 مليار ريال (237.3 مليارات دولار)، مقابل إيرادات قيمتها 692 مليار ريال (184.5 مليار دولار)، بعجز قيمته 198 مليار ريال (52.8 مليارات دولار).
وأعفى وزير الثقافة والإعلام «عادل الطريفي» من منصبه، وعين «عواد بن صالح العواد» خلفا له، كما أعفى وزير الخدمة المدنية «خالد العرج» من منصبه، وقرر إحالته إلى التحقيق فيما ارتكب من تجاوزات.
وشملت الأوامر أيضا تعيين «إبراهيم العمر» محافظا للهيئة العامة للاستثمار، وتعيين «أحمد عسيري» نائبا لرئيس الاستخبارات.
وتضمنت الأوامر الملكية إعفاء «عبدالله بن مساعد بن عبدالعزيز» من منصبه في رئاسة هيئة الرياضة. ونصت الأوامر أيضا على تقديم موعد اختبارات نهاية العام الدراسي إلى ما قبل شهر رمضان.
وكشفت تقارير صحفية، أن (إسرائيل) والإمارات لعبتا دورا مهما في ترتيب زيارة «بن سلمان» لأمريكا ولقائه «ترامب». وقد ظهر ذلك في الترويج لولي ولي العهد السعودي - عبر شركات العلاقات العامة المتعاقدة مع الإمارات - باعتباره الحليف المناسب للرئيس «ترامب» في حربه على الإرهاب. ليس فقط من خلال تصريحات «بن سلمان» بل من خلال الترويج لدوره في التصدي لرجال الدين (المحافظين)، وخططه (الإصلاحية) التي تتمثل في تقييد دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واعتقال علماء ودعاة انتقدوا سعيه لإرضاء الغرب – مثل الشيخ عبد العزيز الطريفي – ودعم أنشطة هيئة الترفيه.
ووفق «مجتهد»، «فقد ردّد بن سلمان في لقاءاته مع الأمريكان أن السعودية ستسقط بيد المتطرفين إن لم تقف أمريكا معه، يقصد ضد الجناح الآخر، دون أن يصرح بذلك».
كما كشف «مجتهد» أن مساعي «بن سلمان» لخلافة والده تجددت بعد استلام «ترامب» السلطة، حيث «تمكن فعلا من بناء علاقة قوية مع المقربين من ترامب وخاصة رودي جولياني عمدة نيويورك سابقا». لكن الملك «سلمان» رفض الفكرة، بحسب مجتهد. ولفت «مجتهد» أن «جولياني قد أثنى شخصيا على بن سلمان وقال بالنص أنه يسعى مشكورا للتطبيع مع إسرائيل والحد من سلطة المتشددين الإسلاميين في السعودية».
وقد استهدفت الزيارة بالتالي أن تزداد أهمية الأمير «محمد بن سلمان» لدى واشنطن على حساب ولي العهد الأمير «محمد بن نايف». لكنّ «بن نايف» مازال يتمتع بثقة الولايات المتحدة. لذا سيعمل ولي ولي العهد السعودي مع شركائه الإقليميين على تعزيز فرصه والإسراع بتحقيق طموحه. وهو ما سيضعه في مواجهة داخلية مع أطراف في العائلة المالكة وولي العهد، كما سيتطلب منه الاستجابة لمزيد من الالتزامات تجاه حلفائه في أبوظبي وتل أبيب باعتبارهم بوابته إلى واشنطن.
المصدر | الخليج الجديد + أ ف ب
ارسال التعليق