«محمد بن سلمان» والأمراء.. معركة قص الأجنحة لم تنتهِ بعد
لم تكن حملة الاعتقالات الواسعة، التي نفذتها المملكة العربية السعودية، والتي أوقفت خلالها أكثر من 200 شخصية، بينهم أمراء ووزراء سابقون ومسؤولون كبار ورجال أعمال، هدفها محاربة الفساد في المقام الأول كما ادعى محمد بن سلمان، بل كانت سياسية وجزءًا من الصراع على السلطة والسيطرة على مراكز القوة داخل المملكة وتجهيز الأوضاع له.
ويعد تصدر بعض الأمراء المُفرج عنهم للمشهد للسياسي في الأيام الأخيرة إثباتًا جديدًا بأن الأهداف من هذه الاعتقالات سياسية بحتة، فكيف يعود متهم بالفساد واستغلال المنصب إلى المشهد السياسي بمنتهى البساطة بعد عقد صفقات مالية ودفع جزء من أمواله للسلطة؟ فالأمر كله ينحصر في إعلان الطاعة والمبايعة لمحمد بن سلمان.
لا صوت يعلو داخل قصر الحكم
وفي هذا الإطار اعتقلت القوات السعودية 11 أميرًا اليوم، تجمهروا داخل قصر الحكم، بحسب زعم السلطة؛ لمطالبتهم بإلغاء الأمر الملكي، الذي ينص على إيقاف سداد فواتير الكهرباء والماء عن الأمراء، ومطالبتهم بتعويض مادي مُجزٍ عن حكم القصاص، الذي صدر بحق أحد أبناء عمومتهم، حيث بعد رفضهم مغادرة القصر، صدر أمر ملكي لكتيبة السيف الأجرب التابعة للحرس الملكي بالقبض عليهم وإيداعهم سجن الحائر؛ تمهيدًا لمحاكمتهم.
البعض قال إن الاعتقال لم يكن بسبب فواتير الكهرباء، بل كان لاعتراضهم على ما يجري داخل المملكة، حيث نشر الكاتب السعودي جمال خاشقجي تغريدة على موقع تويتر، يقول فيها إن أمر الاعتقال جاء بسبب توجيه الأمراء بعض الانتقادات حيال بعض القضايا، كما جاء في تغريدة على حساب مجتهد أن الأمراء تجمهروا داخل القصر؛ لاعتراضهم على حملة الاعتقالات التي طالت أقاربهم من الأمراء، وتغيب الأمير محمد بن نايف عن المشهد.
إبراهيم العساف يظهر في مجلس الوزراء
عاود الدكتور إبراهيم العساف، الذي يشغل منصب وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء، ممارسة عمله في الحكومة السعودية، وظهر في اجتماع مجلس الوزراء، الذي انعقد الثلاثاء الماضي، وترأسه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وحضره ولي العهد محمد بن سلمان.
وقالت السلطات السعودية إنه عاد لممارسة عمله بعد ثبوت براءته من التهم الموجهة إليه، ولم يصدر قرار بإعفائه من منصبه عقب تلقي البلاغات وبدء التحقيقات معه.
وأعرب ناشطون سعوديين عن صدمتهم بعد الإفراج عن إبراهيم العساف وعودته لمنصبه الوزاري، الذي استنفرت الصحافة السعودية بالحديث عن فساده وخيانته لمنصبه، وقالوا إن ما حدث يشكك في نزاهة القضاء والنيابة العامة وقيادة الدولة، ويضرب مصداقية حملة الحرب على الفساد والفاسدين، متهمين السلطات السعودية أنها تملك أدلة علىي تورط مسؤولين وأمراء بقضايا فساد، إلا أنها اختارت إطلاق سراحهم بعد التوصل إلى تسوية مالية معهم.
متعب بن عبد الله يستقبل محمد بن سلمان
ظهر الأمير متعب بن عبد الله لأول مرة منذ الإفراج عنه قبل أسابيع، وهو يستقبل ولي العهد في سباق الخليل السنوي للجياد، بعد احتجازه لثلاثة أسابيع مقابل تسوية مالية وصلت بحسب مصادر في لجنة التحقيق مع الفاسدين إلى مليار دولار أمريكي.
ويقول مراقبون إن حملة الاعتقالات التي كان أحد ضحاياها الأمير متعب، الذي كان مرشحًا لولاية العهد أثناء فترة حكم أبيه، كانت تهدف إلى أمرين: الأول هو التخلص من قوته العسكرية والسياسية الممثلة بوزارة الحرس الوطني، التي كان يرأسها، والتي كانت تهدد وصول محمد بن سلمان إلى الحكم، والثاني هو الحصول على المليارات من الأموال المتراكمة في ثروته، وهو ما لم يخفه بن سلمان أثناء مقابلته الصحفية مع نيويورك تايمز الأمريكية.
الصراع مع ابن طلال
الحملة التي تشنها السعودية بقيادة محمد بن سلمان تهدف لأبعد من الحصول على المليارات التي جناها المتهمون من عمليات فساد وغسيل للأمول، خاصة مع رجل الأعمال الأمير الوليد بن طلال الذي يعد أكبر أثرياء الشرق الأوسط، وإمبراطوريته التجارية الكبري، التي باتت تشكل ورقة ضغط على السلطة، حيث يسعي بن سلمان إلى تعزيز سلطته بتهميش كبار الأمراء وتحجيم أي مصدر قد يشكل خطرًا على سلطته، وهو ما يجعله يتعنت بشكل خاص مع الوليد بن طلال.
وذكرت صحف عالمية أن السلطات السعودية تطلب من الوليد بن طلال 6 مليارات دولار لتسوية وضعه، كما تطالبه بالتخلي عن سيطرته المطلقة علي شركة “المملكة القابضة”، ولكن الوليد بن طلال رفض كل المقترحات المقدمة إليه بشأن دفع أموال للسلطة والتخلي عن نسبته الأكبر في مجموعته التجارية بالمملكة وباقي الشركات الأخرى.
ارسال التعليق