هل يكون عهد "ترامب" اللحظة التاريخية لإعلان التحالف الإستراتيجي السعودي الإسرائيلي؟!
بقلم عبدالله المديني
-----
وهو في سباقه نحو البيت الأبيض وصف دونالد ترامب السعودية بالبقرة الحلوب، التي تدرّ ذهباً ودولارات بحسب الطلب الأمريكي، وطالب النظام السعودي بدفع ثلاثة أرباع ثروته بدلاً عن الحماية التي تقدمها القوات الأمريكية لآل سعود داخلياً وخارجياً، واعتبر ترامب الذي يعتبر أول مرشح في تاريخ الانتخابات الأمريكية ينتقد السعودية بل ويهينها علانية ويزدري أهميتها في الاستراتيجية الامريكية بالمنطقة إلى الحد أن يقول أن آل سعود يشكلون البقرة الحلوب لبلاده، ومتى جفّ ضرع هذه البقرة ولم يعد يعطي الدولارات والذهب عند ذلك نأمر بـ"ذبحها" أو نطلب من غيرنا ذبحها..
وقبل ذلك بفترة وفي حديث تلفزيوني مع قناة «إن.بي.سي» صرح ترامب بالقول: تكبدنا الكثير من المصاريف في دعم النظام السعودي من دون أن نحصل على شيء بالمقابل، عليهم أن يدفعوا لنا، مضيفا أن السعودية ستكون في ورطة كبيرة قريباً بسبب "داعش" وستحتاج إلى مساعدتنا، لولانا لما وجدت وما كان لها أن تبقى".
كثيرون تصوروا أن هناك متغيرا نوعيا في حسابات مرشح الرئاسة الامريكية في حينه تجاه نظام آل سعود، خاصة مع وضع تصريحاته تجاه السعودية في سياق مواقفه المعلنة من الارهاب و"داعش" والموقف من النظام السوري ومسألة بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة.
لكن ترامب نفسه لم يقم إلا بإشهار ابتزازه للنظام السعودي وطالب بثلاثة أرباع الثروة؛ بدل النصف؛ مقابل خدمة الرعاية والحماية التي تقدمها أمريكا لمملكة الظلام. وأما رفع المظلة الاستراتيجية عن آل سعود وتسريحهم من الخدمة فذلك ما لا يستطيع ترامب وقد توّج رئيسا في البيت الأبيض على فعله، بل ما يتجاوز صلاحية أي رئيس امريكي لأن الحاجة إلى النظام السعودي تندرج ضمن ثوابت الاستراتيجية الامريكية في المنطقة بل وتجاه العالم الإسلامي.
ومع ذلك فإن القلق استبد بالأسرة السعودية الحاكمة من تصريحات ترامب في حملته الانتخابية، وكان لا بد من اللجوء إلى طرق البوابة الإسرائيلية لتحصيل ضمانات الإعتماد في الخدمة بحكم النفوذ الصهيوني على صانع القرار الأمريكي.
ومن الطبيعي أن يبادر الإسرائيلي للتدخل لأن ما تشهده العلاقات السعودية الإسرائيلية من تطور وصل مستوى التطابق بين الرياض وتل أبيب على صعيد المصالح والأهداف المشتركة بل والتحديات المشتركة وهذا ما أشار إليه الباحث ومساعد رئيس «معهد أبحاث الأمن القومي» في تل أبيب، آري هييسطين، في نشرة "تحديث استراتيجي"، حيث أوضح أن السعودية ازدادت قرباً من (إسرائيل) بعدما أدركت وجود تقارب في الرؤية والتقدير معها إزاء مختلف قضايا الشرق الأوسط، وتحديداً ما يتعلق بمواجهة إيران وحزب الله وحلفائهما. مؤكدا أنه رغم غياب علاقات رسمية بين الرياض وتل أبيب، فإن الطرفين عملا من أجل أهداف مشتركة في قضايا إقليمية مركزية.
وهكذا فبعد دخول ترامب البيت الأبيض رئيسا بساعات أعلن مصدر سعودى رفيع المستوى، إن اتصالا هاتفيا جرى بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والملك سلمان بن عبد العزيز، وأن الاتصال استمر لأكثر من ساعة، وتناول كثيرا من التفاصيل المهمة المتعلقة بمستقبل العلاقات بين الدولتين والوضع في المنطقة ومن ذلك تعزيز مشاركة البلدين بشكل واسع فى محاربة الإرهاب والتطرف وتمويلهما ! وأكد المصدر تطابق وجهات نظر الزعيمين بشأن السياسات الإيرانية فى المنطقة وإشادتهما بالتعاون الأمنى والعسكرى القائم بين البلدين وأهمية تعزيز ذلك فى الفترة القادمة.
ويظهر أن (إسرائيل) حررت النظام السعودي من مخاوفه، فلم يقف الأمر عند مكالمة تجديد الإعتماد والحديث عن الرؤية المشتركة بين البلدين، بل وأيضا وفي استثناء السعودية من قرار حظر دخول مواطني سبع دول إسلامية إلى الولايات المتحدة الأمريكية!
إذا يبدو أن النظام السعودي في حالة انتشاء استراتيجي وهو يستعد للعب الأدوار المرسومة له أمريكيا في عهد ترامب، وهذا الجو من الإرتياح يمكن رصده في المناخ الإعلامي والدبلوماسي السعوديين، وحيث أن الجبهة التي يريد ترامب مواجهتها تضم، روسيا وإيران والعراق وسوريا وحزب الله، أي القوى التي تمثل خطرا على (إسرائيل) وقلقا مزمنا للسعودية.
ومن الطبيعي أن هذه المواجهة تتطلب الإعتماد على حلفاء أميركا التقليديين، ومن بينهم (إسرائيل) والسعودية، ومن المتوقع أن يتخطى النظام السعودي كل التحفظات في تظهير تحالفه مع (إسرائيل) إلى العلن طالما أن معركة تقويض الدور الإقليمي لإيران تحت إشراف دونالد ترامب تقتضي العمل كتفا إلى كتف.
في الحساب السعودي المدفوع بالإحباط والفشل على كل الساحة الإقليمية يغيب سؤال الكلفة في مجاراة جنون الرئيس الأمريكي الجديد والذي قد تأتي على كل أرصدة السعودية، كما تغيب الحكمة، فرسالة اليمن الفقيرمن ضربة الفرطاقة وبعدها القاعدة العسكرية في الرياض تؤكد أن السعودية ستكون في مهب نيران الحرب إن اشتعلت شرارتها.
ارسال التعليق