آل سعود قاسم مشترك بين كل الجرائم والخيانات
كانت الأيام الثلاثة الماضية حافلة بالأحداث والوقائع، وهو ما يجعل اختيار الموضوع المناسب لتناوله ليس بالأمر المتاح بسهولة، فمن جريمة ذبح الطفل الفلسطيني عبدالله عيسى على يد الجماعة الإرهابية "الزنكي"، إلى العملية الإرهابية في ميونخ، إلى زيارة اللواء السعودي أنور عشقي للكيان الصهيوني، إلى العرض المثقوب الذي قدمه الجبير لموسكو، إلى القصف الإرهابي لحديقة حلب، وصولًا للاجتماع الوزاري العربي في نواكشوط تحضيرًا لما يسمى بالقمة العربية المرتقبة.
ولكن بعد هنيهة من تأمّل، تستطيع أن تختار الكتابة عن القاسم المشترك الذي يجمع بين كل تلك الأحداث، إنهم آل سعود، حتى بعد ثبات عدم ارتباط عملية ميونخ الإرهابية بأي وهابي، ولكن السلطات الأمنية في ألمانيا اعتبرته مريضًا نفسيًا ويعاني من الاكتئاب. وبما أن وجود هذه العائلة هي السبب الرئيسي في كآبة مصير أمة بكاملها.
وبما أنها وعبر إعلامها وفقهها وأموالها استطاعت اقناع كل المرضى النفسيين بخطورة إيران وسوريا وحزب الله على أهل السنة ومن الواجب الجهادي اجتثاثهم واستئصال شأفتهم، كما أنه من الواجب التسالم والتعايش مصاحبة بني صهيون لشدة خطورتهم على الشيعة، نستطيع ألّا نستثني آل سعود كقاسم مشترك في أي جريمة أو أي فعل خياني.
ومن الأدلة القاطعة على أن من استطاع آل سعود اقناعهم بواجب اجتثاث الشيعة ولو بالتحالف مع "إسرائيل" مرضى نفسيين، فقد استطاع آل سعود إقناعهم أيضًا بأن حروب حزب الله مع "إسرائيل" مجرد مسرحيات، وأنه لولا الرغبة "الإسرائيلية" ببقاء الأسد لرحل منذ اليوم الأول، وأن هناك علاقات سرية ومن تحت الطاولة بين "إسرائيل" وإيران، وما العداء بينهما إلا افتعالًا لتسهيل اختراق إيران للمجتمعات العربية. وقد استمعت للمدعو أسعد الزعبي، رئيس ما يسمى بوفد الرياض إلى مفاوضات جنيف، يقول على قناة العربية في معرض تعليقه على لقاء كيري - لافروف الخميس الماضي "أن أمريكا تستطيع إزالة نظام الأسد في خمس دقائق لو أرادت لكنها لا تريد"، وطبعًا لا تريد حرصًا على الأمن "الإسرائيلي"، وجملة الزعبي هذه كفيلة بإقناع كل المرضى النفسيين بأن تحرير فلسطين لا يحتاج سوى عشر دقائق، الخمسة الأولى معقدة نظرًا لبقاء الأسد، أما إذا أزالته أمريكا في خمس دقائق ستتقدم بعدها جيوش الزعبي وأنور عشقي لتحرير فلسطين في الخمس دقائق المتبقية. وفي زيارة أنور عشقي للأراضي المحتلة مجسم صغير للديانة الوهابية، فهو بعد لقائه الشرعي الحلال بمسؤولين "إسرائيليين"، قام بإمامة المصليين في جامع عمر بن الخطاب في بيت لحم، وهذا المجسم قاطع الدلالة على أن الوهابية تتحالف مع "إسرائيل" وتتعامل مع الإسلام على أنه مجرد مناسك وشعائر، وكل هذا يتم في قالب مذهبي، حيث أن اختيار المسجد ليس اعتباطًا وإن قيل غير ذلك.
تزامنت زيارة عشقي إلى الأراضي المحتلة مع عرض قام بتقديمه عادل الجبير وزير خارجية العائلة السعودية إلى روسيا، فحواه التخلي عن الأسد مقابل منح روسيا دورًا أكبر من دور الاتحاد السوفييتي في الشرق الأوسط، ولم يصدر رد رسمي من أي جهة روسية باستثناء ما قالته يلينا سوبينينا مستشارة المعهد الروسي للبحوث الاستراتيجية حيث اعتبرت أن كلام الجبير "بدائي وينم عن ضعف الخبرة السياسية"، ويبدو أن يلينا امرأة شديدة التهذيب لتكتفي بهذا التوصيف لتصريحات الجبير، ولكن بغض النظر عن كون تصريحات الجبير تنم عن منطق بدائي أو سطحي، لكنها تشير إلى الإصرار على الدور الوظيفي للعائلة السعودية، وهو تنفيذ أجندة التقسيم الأمريكية وتعبيد الطريق أمام تسيد "إسرائيل" للمنطقة، والإصرار الأمريكي على التمييز بين متطرفين ومعتدلين في سوريا من جهة، ودعم الأكراد من جهة أخرى هو التمهيد الضروري لعملية التقسيم، وهذا ما يحمله آل سعود للقمة العربية، والتي بدا من اجتماعها التحضيري إرهاصات مقرراتها من خلال التصويب على إيران وحزب الله باعتبارهما العدو، وهذا ما تتفق به الجامعة العربية مع "رئاسة الوزراء ورئاسة الأركان ورئاسة الكنيست الإسرائيلية". ومن المفيد التذكير بأن فلسطين كانت بندًا ثابتًا على جدول أعمال القمم العربية الدورية والطارئة، ولم تكن فلسطين تتميز بهذا الثبات على الجدول إلا للتفريط بجزء منها، ولكن الفرق منذ التفرد الخليجي عمومًا والسعودي خصوصًا بقرارات القمة أصبح التفريط بالجملة.
للمرة الثانية يكرر أنور عشقي أن "نتن ياهو رجل قوي وواقعي"، كما وشدد على أن إيران هي العدو في لقائه مع قناة "i24News الإسرائيلية"، ليس مصادفة أن تأتي الزيارة بعد فشل الانقلاب التركي الذي أدى بدوره لانشغال أردوغان بملفاته الداخلية ولو بشكلٍ مؤقت، حيث يبدو أنه كان هناك سباق سعودي تركي للتطبيع مع "إسرائيل"، حيث أنها بيضة القبان في الصراع السني السني التركي السعودي الوهابي الإخواني، وهو صراع لا يدور خارج الفلك الأمريكي بل لصالحه ويجري تقديم أوراق الاعتماد من خلاله وأيهما -الوهابية أو الإخوانية- قادرة على تحقيق المصالح الأمريكية في المنطقة فتعتمده أمريكا شرطيها. فجاء الانقلاب فرصة سانحة للسعودية لعقد تحالف مع "إسرائيل" استباقًا لصحوة تركية من آثار الانقلاب، ولدى السعودية المال والفتاوى ومفتاح الجامعة العربية، ولدى "إسرائيل" جيش وقوة عسكرية قادرة على شن الحروب على العدو المشترك، وأستطيع التنبؤ بأن اجتماع حماقات بن سلمان بحماقات نتن ياهو غير قادرة على تخطي القرار الأمريكي، ولكن تصريحات السفيرة الأمريكية الجديدة في بيروت لا تشي برغبة أمريكية بعدم استهداف لبنان.
بقلم : إيهاب زكي
ارسال التعليق