أزمة صلاحيات داخل المجلس الرياض الرئاسي
يستفحل الصراع داخل المجلس الرياض الرئاسي بشكل ينذر بانتقال الأزمة إلى الميدان. حيث رفض المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا قرارات مجلس القيادة، ودعى قواته للتأهب. وأعلن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يرأسه عيدروس الزبيدي، عضو المجلس الرئاسي، رفضه قرارات أصدرها رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي مؤخرا، واصفا إياها بالأحادية.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أصدر قرارات في أبريل/ نيسان الماضي، شملت تعيين يحيى الشعيبي مديرا لمكتب الرئاسة وعدنان الصنوي رئيسا للدائرة الإعلامية لمكتب الرئاسة. إضافة إلى تعيين محمد المقبلي رئيسا لدائرة الشباب في المكتب ذاته.
وفي السياق، قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي منصور صالح، في منشور على "فيسبوك"، يوم الثلاثاء الماضي: "تتوالى القرارات الأحادية الصادرة عن قيادات في مجلس القيادة الرئاسي، ومجملها مخالف للتوافق وللمعايير في شغل الوظيفة العامة، كما كثر اللغط حولها".
وأضاف "قرارات مثل هذه هي في حكم المعدومة قانوناً، وحتى يمضي التوافق الذي حققته مشاورات الرياض على جميع الأطراف العمل بحسن النوايا، وإدراك أن الواقع قد تغيّر وأن إعادة إنتاج وإحياء قوى الفساد والعبث المعادية للجنوب وقضيته وللتحالف العربي أمر مرفوض ولن يمر".
يذكر أن مصادر مقربة من العليمي كانت قد كشفت أن المجلس الانتقالي "يضع مزيداً من التعقيدات أمام مجلس القيادة الرئاسي، بينها الدفع بأسماء لفرضها في دوائر عدة في مكتب رئيس المجلس، فضلاً عن رفضه الذهاب إلى حل مشكلة ملف الدفاع والأمن، واستخدام قواته وسيطرته على عدن لإصدار تحذيراته غير المباشرة لعرقلة عمل وحركة المجلس الرئاسي، إذا لم تفرض كل أجندته ومصالحه".
من جهتها، نقلت مصادر مقربة من المجلس الانتقالي إن قيادة الأخير وأعضاء هيئة الرئاسة (مكونة من 7 إلى جانب العليمي) "يرون أن القرارات التي يصدرها رشاد العليمي أحادية، من خلال تولية دوائر في مكتب الرئاسة لأشخاص لا يوجد حولهم أي توافق أو إجماع، ولهم عداء مع الانتقالي وقضية شعب الجنوب، وكذلك مع التحالف ومشروع مواجهة انقلاب الحوثيين وبعض الوجوه الإخوانية".
وفي ما يتعلق بملف الأمن والدفاع، وخاصة في عدن، أشارت المصادر إلى أن المجلس الانتقالي يصرّ على أن من يدير ويتولى زمام الأمن في عدن هي القوات التابعة له، بما في ذلك مرافقة وحراسة المسؤولين، وهو يرفض وجود أي قوات أخرى فيها.
ويبدو أن مسألة صلاحيات العليمي ونوابه تمثّل أحد مسببات الخلافات التي تبرز، لا سيما أن محاولة الزبيدي الأخيرة لإجراء تغييرات ضمن قيادات عسكرية وأمنية لم تكن الوحيدة، بل حدث الأمر أيضاً من قبل عضو مجلس القيادة الرئاسي، محافظ حضرموت قائد المنطقة العسكرية الثانية، فرج البحسني، عندما أصدر قرارات بإجراء تغييرات ضمن قيادات أمنية في حضرموت.
إلى ذلك، بيّن الإعلامي اليمني صفي الشامي في سلسلة من التغريدات على صفحته الرسمية ما كشفته "صحيفة “تشاد ريليتي” التشادية، عن صفقة مريبة بين المجلس العسكري التشادي (CMT)، والسعودية، لنشر جنود تشاديين على الحدود الجنوبية للمملكة مع اليمن".
وقالت الصحيفة إنه بحسب مصادر أمنية مقربة من النظام، فإن المجلس العسكري التشادي يتفاوض حاليا مع قادة السعودية لإرسال آلاف الجنود التشاديين كمرتزقة إلى الأراضي السعودية”.
"واشارت إلى أن المفاوضات سارت بشكل جيد بين المسؤولين السعوديين، والسكرتير الخاص لزعيم المجلس العسكري، الجنرال إدريس بوي، وجرى تقديم تقدير أولي، بإرسال 3 آلاف جندي من وحدة مكافحة الإرهاب مقابل مليار دولار، أو 650 مليار فرنك إفريقي، دون احتساب العمولات التي سيحصل عليها وسيط المفاوضات"
وبحسب الشامي لفتت الصحيفة إلى أن "جميع الجنود سيحصلون على راتب قدره ألف دولار شهريا، لكن المجلس العسكري سيدفع لهم ما بين 200 و500 دولار فقط، والباقي سيذهب إلى القادة" .
وتابع "بررت الصحيفة أن السبب الرئيس لموافقته على هذه الاتفاقية هو وصول المجلس العسكري وجيل جديد من رجال المافيا إلى الحكم ووجود أزمة مالية كبيرة تواجههم، وصعوبات في شراء الأسلحة تزامنا مع اشتعال الحرب في أوكرانيا وتوتر العلاقات مع الروس بسبب أن تشاد كانت قد صوتت ضد روسيا مرتين في مجلس الأمن".
من الواضح إذا، أن النظام السعودي يعيش حالة من الإرباك المزدوج الأبعاد، الأول مرتبط بالداخل اليمني وآليات تقاسم النفوذ أو الظفر بما ترتضي الإمارات لهم والحفاظ على مصالحهم هناك، والثاني الخوف من احتمالات اتخاذ "أنصار الله" قرارا بعدم السكوت عن خروقات الهدنة المعلنة بين الطرفين، وبالتالي توجيه ضربة "للسعودية"، الأمر الذي تحاول الرياض ترتيب التعامل معه وتحشيد المرتزقة على الحدود ترقبا لأي سيناريو.
يذكر أن تصفية الحساب مع عبد ربه منصور هادي كانت قد تمت في أبريل/نيسان الماضي، وبمباركة سعودية- إماراتية، حيث أصدر هادي إعلانا “رئاسيا” نقل بموجبه كامل صلاحياته إلى مجلس قيادة رئاسي، كما أصدر قرارا “رئاسيا” بإعفاء علي محسن الأحمر “نائب رئيس الجمهورية اليمنية” من منصبه. ونصّ الإعلان الرئاسي على أن يتولى مجلس القيادة الرئاسي إدارة الدولة سياسيا وعسكريا وأمنيا واستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، بالإضافة إلى قيادة المفاوضات مع "الحوثيين" بشأن وقف إطلاق النار.
كما قرر هادي تشكيل هيئة يمنية للتشاور والمصالحة، تجمع مختلف المكونات لدعم ومساندة مجلس القيادة الرئاسي والعمل على توحيد وجمع القوى الوطنية، بما يعزز جهود مجلس القيادة الرئاسي وتهيئة الظروف المناسبة لوقف الاقتتال والصراعات بين كافة القوى والتوصل لسلام يحقق الأمن والاستقرار في كافة أنحاء البلاد، هذا في الشكل.أما في المضمون، فيبدو جليا أن لا مصالح مشتركة بين أبو ظبي والرياض خارج إطار الاتفاق على إبعاد عبد ربه منصور هادي ونائبه عن المشهد. هذا ما تكشفه التصريحات والاتهامات المتبادلة وكذا التراشق الإعلامي بين الجانبين.
ارسال التعليق