ألعاب الدول «المارقة»: الذباب الالكتروني والأخبار الكاذبة!
أعلنت شركة «فيسبوك» حذف عدد من الصفحات والحسابات الالكترونية الشخصية والجماعية بعد اكتشاف تورطها في أنشطة ترويجية مزيفة عبر منصتي فيسبوك وانستغرام في كل من مصر والإمارات والسعودية.
وفيما استخدمت أبوظبي والقاهرة شركتي تسويق كواجهتين لحملتيهما، فإن الرياض اكتفت بالتخفّي خلف أسماء وعناوين مزورة بحيث لم يصعب على الشركة الأمريكية كشف صلة حملات الأخبار الكاذبة ومروجيها (الذين باتوا يحملون اسم «الذباب الالكتروني») بالسلطات السعودية.
سبب الكشف حسب الشركة الأمريكية هو أنها «لا ترغب في أن تتعرض خدماتها للاستغلال لتضليل الناس»، وشمل تضليل الجمهور نشر أخبار إقليمية والتعرض لقضايا سياسية.
لكن المثير للسخرية حقا هو أن الكثير من المواد التي نشرها الذباب الالكتروني السعودي لم يحترم ذكاء المتصفحين، وكرر ما درجت عليه عادات السلطات العربية من النفاق المبالغ به بولي العهد محمد بن سلمان، والترويج لخطته الاقتصادية والاجتماعية المعروفة بـ«رؤية 2030».
كما تغنى بـ«الانتصارات» التي تحققها القوات المسلحة السعودية في اليمن، وهذا النمط من الترويج لا يمكن أن يقنع الأشخاص الموجه إليهم ولا القائمين عليه حتى، ووقع «انتصارات» هذه الأخبار الكاذبة على الجمهور السعودي والعربي لن تقل فداحة عن «انتصارات» بن سلمان في اليمن!
إضافة إلى البروباغندا النظامية الاعتيادية كان لذباب الدول الثلاث الالكتروني هجمات وانتقادات لتركيا وقطر وإيران، وكذلك حملات تشكيك في تقارير وأخبار منظمات حقوق الإنسان العالمية، كـ«العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش»، وكذلك في مصداقية قناة «الجزيرة» الإخبارية.
بعد إعلان الشركة الأمريكية المذكور نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس الجمعة نتائج تحقيق مطوّل عن تورط حليف لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أيضا في حملة تضليل إعلامية أخرى لصالح الحكومة السعودية تديرها شركة العلاقات العامة «سي تي أف» التي قبضت ملايين الجنيهات من السلطات السعودية لتحسين صورة ولي عهد المملكة بن سلمان.
وقدمت في بداية العام الحالي قرضا بدون فوائد لجونسون لتغطية نفقات مكتبه ورواتب موظفيه، كما أنها اشتركت في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفي حملة نجيب رزاق، رئيس الوزراء الماليزي السابق المتورط في فضيحة فساد مهولة، وكذلك في حملات لدول معروفة بانتهاكاتها لحقوق الانسان مثل زيمبابوي وسيريلانكا واليمن.
وإذا أضفنا هذه المعلومات إلى القضايا السابقة التي فضحت علاقة تيارات اليمين العنصري المتطرف في أمريكا وأوروبا بتأسيس شركات الذكاء الاصطناعي وتحليل المعلومات واستخدامها لاستغفال مئات ملايين البشر وسرقة معلوماتهم للتأثير على خياراتهم الديمقراطية، مضافا إليها تدخل أجهزة الأمن الروسية في القرصنة المعلوماتية ودعم هذه الاتجاهات السياسية..
وربطنا ذلك بنجاح حملة «البريكسيت» في بريطانيا، وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية عام 2016، نكون قد وضعنا اليد على مرحلة جديدة خطيرة في التاريخ السياسي للبشرية تمكنت فيها قوى التطرّف والكراهية والاستبداد من إحداث انقلاب كبير لا نعرف النتائج النهائية له بعد.
الإجراءات التي تتخذها شركات الانترنت العملاقة كغوغل وأبل وفيسبوك وتويتر تحاول تعديل هذا الانقلاب ومعالجة بعض آثاره الجانبية، كما هو الحال مع السعودية ومصر والإمارات، لكن السؤال الأهم يبقى: هل لدى هذه الشركات الإرادة والقوة الكافيتان لمواجهة السلطات التنفيذية، وهل تستطيع القوى الديمقراطية في أمريكا وأوروبا والعالم صد هذا الهجوم الخطير؟
ارسال التعليق