أمريكان كانسرفيتيو ... الكونغرس الأمريكي يعتزم منع بيع الأسلحة إلى السعودية
للمرة الأولى منذ أحداث 11 سبتمبر، يخطط الكونغرس الأمريكي لإخضاع علاقات واشنطن مع الرياض إلى إستعراض مفصل. وفي حال أخذ هذا الأمر منحىً جدّياً، فإنه قد يشكل تحولاً خطيراً في العلاقات بين الجانبين والتي تواجه الآن نوعاً من الضبابية بشأن سلسلة من القضايا.
حول هذا الموضوع نشر الموقع الالكتروني "أمريكان كانسرفيتيو" مقالاً أشار فيه إلى أن العلاقات الأمريكية - السعودية التي تقوم أساساً على مبدأ "النفط مقابل الأمن" كانت تمثل في السابق إحدى أبرز الأسس الإستراتيجية لأمريكا في العالم، إلاّ أنها بدأت تتعرض لإنتقادات واسعة من قبل أعضاء في الكونغرس في السنوات الأخيرة.
يأتي هذا في وقت تتعرض فيه السعودية لإنتقادات لاذعة من قبل المنظمات الحقوقية الدولية بشأن إنتهاكات حقوق الإنسان ودعم الجماعات الإرهابية والمتطرفة في مناطق متعددة من العالم لاسيّما في الشرق الأوسط والذي أثار قلق المجتمع الدولي.
وأكد التقرير أن مكانة السعودية بدأت تتزعزع بشكل ملفت بعد الإنتقادات المتكررة التي وجهها لها عدد كبير من أعضاء الكونغرس الأمريكي من كلا الحزبين "الجمهوري والديمقراطي" بخصوص علاقاتها بالجماعات الإرهابية والمتطرفة. ويكثر الحديث في الوقت الحاضر في أوساط الكونغرس بشأن أيّهما أكثر فائدة لأمريكا؛ تعزيز علاقاتها مع السعودية أم تقليصها تبعاً للفوائد والمضار المترتبة على ذلك.
فمن المعروف أن أمريكا باعت أسلحة متطورة للسعودية بعشرات المليارات من الدولارات بينها مقاتلات من طراز "أف 15" و"أف 16" وهليكوبترات ورادارات حديثة مقابل قيام السعودية بتقديم ملايين البراميل من النفط يومياً إلى أمريكا وبأسعار مخفضّة جداً.
ويمكن القول إنّ العلاقات الامريكية - السعودية كانت على أحسن ما يرام منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في زمن الرئيس الأمريكي "فرانكلين روزفلت" والملك السعودي "عبد العزيز بن سعود"، وكانا يلتقيان في بعض الأحيان سرّاً على ظهر السفينة الحربية "كوينسي" في البحيرات المرّة في مصر.
ومن بين الأسباب الرئيسية التي دعت أمريكا لتعزيز علاقاتها مع السعودية قيام الأخيرة بوضع أجزاء من أراضيها تحت تصرف القوات الأمريكية لإنشاء قواعد وتنفيذ عمليات عسكرية في منطقة الشرق الأوسط، كما حصل أثناء غزو العراق عام 2003.
ورغم ذلك تعرضت العلاقات بين واشنطن والرياض إلى كثير من الإهتزازات خلال السنوات القليلة الماضية، والتي برزت بشكل واضح خلال أحداث ما يسمى "الربيع العربي" بسبب إختلاف مواقف الطرفين إزاء هذه الأحداث خصوصاً ما يرتبط بمصير نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك حيث كانت السعودية تسعى لإبقائه في السلطة، في حين كانت أمريكا تسعى لإزالته.
وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني سعت الرياض إلى عرقلة توقيع الإتفاق النووي بين طهران ومجموعة (5+1)، ووصل الأمر بها إلى أن تعلن عن إستعدادها لوضع أجوائها تحت تصرف الكيان الإسرائيلي لضرب المنشآت النووية الإيرانية ـ في حين سعت واشنطن لتسوية هذا الملف عن طريق المفاوضات.
ومن القضايا الأخرى التي تسببت ببروز خلافات بين واشنطن والرياض موقفهما من الأزمة السورية. حيث تصرّ السعودية على الدعوة لإزالة نظام الرئيس بشار الأسد عن السلطة من خلال التدخل العسكري ودعم الجماعات الإرهابية، في حين سعت الإدارة الأمريكية في الآونة الأخيرة للنأي بنفسها عن هذا الموضوع بعد تيقنها بفشل محاولاتها في تحقيق هذا الهدف عن طريق التدخل العسكري.
كما تجدر الإشارة إلى أن أمريكا أعربت في أكثر من مرة عن معارضتها للأسلوب الذي تنتهجه السعودية في تنفيذ عملياتها العسكرية ضد اليمن.
وكان عدد من النواب في الكونغرس بينهم السيناتور الديمقراطي "کریس مورفي" والجمهوري "راند بال" قد تقدموا في وقت سابق بمسودة قرار طالبوا فيها بوقف بيع السلاح الأمريكي المتطور إلى السعودية.
وجاء هذا المشروع في أعقاب إنتشار تقارير حقوقية دولية تؤكد بأن السعودية إستخدمت أسلحة أمريكية فتّاكة في عدوانها على اليمن، أدت إلى مقتل كثير من المدنيين في هذا البلد. ولفت مورفي إلى أن المشاعر المعادية لواشنطن أخذت تتصاعد مع تحميل أمريكا مسؤولية وقوع آلاف القتلى من المدنيين نتيجة للقصف السعودي.
وتجدر الإشارة إلى أن أمريكا تعد أكبر مزوّد للسعودية بالأسلحة مع مبيعات بلغت أكثر من 90 مليار دولار بين عامي 2010 و2014 بحسب الكونغرس.
كما ينبغي التذكير بأن البرلمان الأوروبي كان قد تبنى قبل بضعة أشهر وبغالبية كبيرة مبادرة ترمي إلى فرض حظر بيع الأسلحة الأوروبية إلى السعودية. وقد عبّرت الكثير من المنظمات الإنسانية والحقوقية عن إرتياحها لهذا القرار. وكانت دول رئيسية في الإتحاد الأوروبي قد وقّعت عقوداً بمليارات اليورو لبيع مختلف أنواع الأسلحة إلى السعودية بينها العقد الذي أبرمته فرنسا في أكتوبر/ تشرين الأول 2015 وبلغت قيمته أكثر من 10 مليارات يورو.
وتأتي هذه التطورات في ظل الإنتقادات الواسعة التي وجهتها مختلف الأوساط الشعبية والسياسية والنخب الثقافية ومنظمات حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم بشأن الضوابط القانونية التي يجب مراعاتها في عقد صفقات السلاح بين الدول، وضرورة التمسك بالمقررات الدولية التي تمنع إستخدام السلاح ضد المدنيين العزل والبنى التحتية الأساسية خصوصاً المستشفيات والمدارس ومحطات تزويد المياه ومستودعات الأغذية والأدوية.
ارسال التعليق