«أمير الأمراء» وراء تدهور سوق الأسهم السعودية
* جمال حسن
عدلت وكالة «فيتش» العالمية للتصنيف الائتماني في آخر بيان لها قبل أيام، النظرة المستقبلية للسعودية من "مستقرة" الى "سلبية"، وقالت: "إن التعديل هذا يرجع لتوقعات بحدوث صدمات مالية مزدوجة ستؤدي الى تدهور كبيرة في الوضع المالي للمملكة، وذلك بسبب السياسة الخاطئة ونفقات الحرب على اليمن وأنخفاض أسعار النفط (التي كانت الرياض السبب الرئيسي فيه) الذي يشكل 90% من الإيرادات المالية للسعودية، الى جانب الزيادة الكبيرة لإنفاق الملك السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز منذ توليه مقاليد الحكم، ما يسبب إرتفاع عجز الموازنة بالسعودية الى نحو 20% من إجمال الناتج المحلي للعام الجاري".
فيما شدد تقرير صندوق النقد الدولي أن قيمة العجز السعودي المتوقع تبلغ 130 مليار دولار، من إجمالي ميزانية قدرها 649 مليار جنيه للعام الجاري؛ ناهيك عن تكلفة الحرب الظالمة على شعب اليمن المسكين والفقير خلال الأشهر الخمسة الماضية منه والتي تجاوزت الـ 65 مليار دولار حسب إحصائيات أمريكية وأوروبية .
وجاء تدهور سوق البورصة والأسهم السعودية والبلدان الخليجية خلال الأسبوع المنصرم ليزيد الطين بلة حيث شهدت السواق العربية تراجعات كبيرة لم تشهدها منذ ۷ سنوات، تكبدت خسائر سوقية تقدر بـ 184.25 مليار دولار تعادل 44.75 % من إجمالي الميزانيات العامة المرصودة من قبل الحكومات الخليجية الست للعام الحالي والبالغة 412 مليار دولار، جاءت المملكة في مقدمة الخاسرين بمبلغ 118.86 مليار دولار ما يعادل 51.8 % من ميزانية العام الجاري البالغة 229.3 مليار دولار فقد شهدت السوق تراجعات حادة كادت أن تكسر حاجز 8000 نقطة حيث لا تزال عرضة للتراجع والتداول في منطقة 7000 نقطة؛ فيما تلتها الإمارات والتي بلغت خسارته اسواقها 36.1 مليار دولار وهي تعادل 269.4% من قيمة الميزانية الاتحادية للدولة والتي تقدر بـ13.4 مليار دولار.
واحتل السوق القطري المرتبة الثالثة بعد أن خسر 18.6 مليار دولار تعادل 31% من ميزانية الدولة والتي تقدر بـ 59.8مليار دولار . فيما بلغت خسائر السوق الكويتية 8.16 مليار دولار تعادل 12.9% من ميزانيتها البالغة 63 مليار دولار، بينما منيت أسواق البحرين بخسارة تقدر بـ0.57 مليار دولار، ومسقط بـ1.93 مليار دولار.
لم يكن محمد بن سلمان الأبن البكر من زوجة سلمان الثالثة والأخيرة ابن الـ 29 عاماً سوى أمير مدلل يلعب ويرتع ويمرح بثروة المملكة النفطية يقامر ويراهن فيها في أسواق العقارات والبورصة والأسهم السعودية والخليجية والأوروبية وحتى في جنوب شرق آسيا مثل الصين التي هزتها الخسائر خلال الأيام الأخيرة الماضية ما أدى الى زعزعة الأسواق الخليجية، لكنه سرعان ما استطاع بتجميع السلطة بين يديه أكثر من أي أمير آخر، مقوضًا بذلك نظام توزيع المناصب المُتبع داخل الأسرة المالكة منذ عقود طويلة، حيث سلم سلمان نجله العديد من المسؤوليات الضخمة، مثل مسؤولية نفط الدولة، وشركة الاستثمارات العامة، والسياسة الاقتصادية للبلاد، ووزارة الدفاع؛ عمد والده الملك إلى تعيينه وليًا لولي العهد، متجاوزًا بذلك عشرات الأمراء القدماء الأكثر أحقية في العائلة المالكة - حسب مقال لـ"ديفيد كيركباتريك" رئيس مكتب نيويورك تايمز في القاهرة الذي أطلق عليه أسم "أمير الأمراء" .
يقول "فورد فراكر" رئيس مجلس سياسة الشرق الأوسط، وسفير الولايات المتحدة السابق لدى المملكة العربية السعودية،"من الواضح أن الملك وضع نجله على منحنى صارم ليس للتعلم بل للأنتقام مما قام به سلفه عبد الله من إبعاد السديريين من السلطة"، فما كان أفضل من محمد الذي رافق وتعلم من والده كل سكنات وحركات وزوايا الحقد والكراهية تجاه الآخرين سعودياً وخليجياً وعربياً وإسلامياً - حسب بعض الدبلوماسيين الغربيين الذي عبروا عن قلقهم من تنامي نفوذ بن سلمان، ووصفوه بأنه "متسرع" و"متهور" يريد الانتقام من الجميع داخل الأسرة الحاكمة وخارجها .
المختصون في الشأن السعودي - الخليجي يرون أن تجميع الكثير من المسؤوليات في يد فرد واحد من الأسرة الحاكمة، يقوض نظام تقاسم السلطة الذي وضعه وصاغه الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود منذ ثمانية عقود، فما بالك أن تكون مجتمعة بيد أمير شاب أرعن لا يفقه من السياسة والعسكر أدنى شئ فتحول الى "غول" رأى الفرصة سانحة لتوجيه الضربة ضد الأمراء المعارضين داخلياً، وتجاه الإمارات وقطر للانتقام منهما بسبب الخلافات التاريخية بين آل سعود وآل راشد وتدخلهما في عرقلة مخططات الرياض الهيستيرية الفاشلة في اليمن وسوريا وليبيا ومصر، فعكر أجواء البورصة خاصة صاحب القرار الملكي الأول والأخير بوجود أوغياب والده العجوز المخرف الذي يعيش أيامه الأخيرة حسب رأي الأطباء المشرفين على صحته .
المحيطون بـ"أمير الأمراء" يروجون بأنه الشخص الذي يعلم كل شيء، وأنه سيتولى قريباً رئاسة الحرس الوطني من أبن عمه متعب بن عبد الله، وهو ما أكده أحد مساعدي متعب وبعض الدبلوماسيين الغربيين الحالين والسابقين ممن يمتلكون خبرة طويلة في بلاد الحجاز لينتابهم الخوف والقلق من إجراءات هذا الشاب في الـ 29 من عمره، متسائلين عن الذي يعلمه حقًا في هذا العمر؟ كيف إاذا صفت الأمور إليه كما يخطط لذلك والده وماذا سيفعل بالبلاد والعباد سعودياً وإقليمياً ودولياً وهو يرى نفسه أصغر ملك يحكم أكبر بلد مصدر للنفط عالمياً فيما شعبه يعيش الضيم والقمع والإستبداد والخوف والفزع والهلع والفقر والبطالة والعطالة يبحثون عن لقمة العيش في مزابل آل سعود ويتسكعون في أزقة البلاد وشوارعها فيما سلمان وحاشيته يسرحون ويرتعون في سواحل فرنسا وشواطئ المغرب بمليارات الدولارات دون حساب أو كتاب لا يتوانون عن فعل المحرمات والمقذورات والفسق والفجور ووعاظ سلاطين البلاط صم بكم عمي لا يفقهون مطأطئي رؤوسهم لهبات الملك ونجله وحواشيه المسروقة والمنهوبة من رمق عيش الشعب وخزانته الخاوية يوماً بعد آخر.
وفي هذا المضمار كتبت الفاينانشيال تايمز البريطانية يوم الخميس، مقالاً بعنوان "السعودية تبحث في الأسواق عن ۲۷ مليار دولار"، كشفت: "إن الرياض ستعود لسوق السندات المالية بحثا عن تحصيل مبلغ يفوق ۲۷ مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري وهو ما تعتبره الجريدة أكبر إشارة إلى حجم الضغوط التى تتحملها الميزانية السعودية نتيجة خفض سعر النفط وتكاليف الحرب على اليمن ودعم المجموعات المسلحة في سوريا والعراق ومصر وليبيا ولبنان وغيرها".
قالت "الإندبندنت" البريطانية شددت يوم الاثنين، بالقول: إن "المملكة السعودية تحرق يوميا المليارات من مخزونها المالي بشكل غير مسبوق للحفاظ على سعر النفط المتدني وتلبية الاحتياجات الخاصة بالعدوان الذي تشنه ضد اليمن منذ 5 أشهر وحربها على سوريا المتواصلة في عامها الخامس".
أما "التلغراف" البريطانية فقالت "أنّ ثمة تهديداً وجوديا للسعودية خلال السنوات القادمة بسبب انخفاض أسعار النفط وارتفاع معدلات الإنفاق السخية داخليا وخارجيا لدعمها في سياساتها الفاشلة إقليمياً ودولياً وداخلياً، وستصبح في أزمة وجودية بنهاية العقد الحالي".
ارسال التعليق