أهداف الأمارات في مصر ..أبعد من الاستثمار
سلّطت وكالة "بلومبيرغ" الضوء على الاستثمار الإماراتي الكبير في مصر، وأبرزه صفقة "رأس الحكمة"، في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي فاقمتها سياسات النظام المصري.
وأشارت الوكالة في تقرير "إلى أنه قبل أسابيع وقعت مصر والإمارات صفقة بقيمة 35 مليار دولار، في أكبر استثمار أجنبي في تاريخ مصر، سعيا من القاهرة لإنقاذ الاقتصاد المدمر، وربما لتجنب حدوث أزمة كبيرة أخرى في الشرق الأوسط.
وأكدت أن اتخاذ الإمارات هذا القرار، بتخصيص مبلغ يعادل 7% من ناتجها المحلي الإجمالي، يشير إلى أنها تسعى إلى تحقيق أهداف جيواستراتيجية، للقيام بدور رئيس في تشكيل الأحداث في المنطقة وخارجها.
وتابعت: "يجب أن يُنظر إلى الاستثمار الإماراتي أيضا على أنه إشارة للمنافسة التي تخوضها أبو ظبي، للتفوق على القوى الخليجية الأخرى، وأهمها السعودية وقطر".
وذكرت أن هيئة المحلفين في الإمارات تناقش جدوى هذا الاستثمار، فيما ظهرت الاستفادة المصرية فورية، وفي غضون أيام من إيداع أبو ظبي الأموال النقدية، خفضت السلطات قيمة الجنيه، وانتهت محادثات صندوق النقد الدولي التي استمرت أشهرا بالحصول على قرض بقيمة 8 مليارات دولار.
ونقلت الوكالة عن رئيسة مركز الإمارات للسياسات ومقره أبو ظبي ابتسام الكتبي، زعمها أن: "تفاقم التحديات الاقتصادية في مصر ليس في مصلحة الإمارات، والهدف من الاستثمار الكبير هو ضمان الاستقرار، وتجنب عودة الإخوان المسلمين".
وأوضحت "بلومبيرغ" أن فكرة تطوير ساحل البحر الأبيض المتوسط، هي مخطط لها منذ فترة طويلة، مضيفة أن "توقيف الصفقة بين القاهرة وأبو ظبي وحجمها وسرعة تسليم الأموال، فاجأ الأسواق المالية وحتى صندوق النقد الدولي".
وشددت على أن "استثمار أبو ظبي هائل، حتى بمعايير دولة الإمارات، ومن المحتمل أن يكون مبلغا أصغر قد أبقى مصر واقفة على قدميها"، مبينة أن "حقوق تطوير رأس الحكمة تبلغ 24 مليار دولار، إلى جانب مشروعات أخرى بقيمة 11 مليار دولار".ولفتت إلى أنه بعد صفقة "رأس الحكمة" بين القاهرة وأبوظبي، أحيت "السعودية" محادثاتها مع مصر، المتعلقة بمشروع قرب منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، وقد تبلغ قيمة الصفقة عدة مليارات من الدولارات.
وأكدت أن ذلك يظهر المنافسة الناشئة بين دول الخليج، مضيفة أن أبو ظبي احتفظت بقوتها الاستثمارية في السنوات الأخيرة، وتصدرت باستثمارها في مصر، في ظل تحفظ السعودية ودول أخرى.
وأشارت إلى أنه رغم تعهد "السعودية" باستثمارات بالمليارات عام 2022، لم تبرم الرياض حتى الآن سوى صفقة لشراء حصص الشركة المصرية، عبر صندوق الثروة الخاص بها، وانسحبت من المحادثات بشأن أحد البنوك الكبرى بعد خلاف حول تقييمه.
يذكر أن كمن كان ينتظر اللحظة الحاسمة، أقدمت كل من الرياض وأبو ظبي على أكثر ما يفقهونه تاريخيا، عبر الاستيلاء على أراضي جمهورية مصر العبرية وابتزازها بالأموال، التي هي أموال الشعب بالمناسبة. حيث أعلنت مصر الجمعة، رسميا، بيع مدينة رأس الحكمة الساحلية شمالي البلاد إلى الإمارات مقابل 35 مليار دولار، تدفع على مدار الشهرين المقبلين.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي إن الاتفاق المبرم مع شركة القابضة (إيه.دي.كيو)، أصغر صناديق الاستثمار السيادية الثلاثة الرئيسية في أبوظبي، يهدف إلى تطوير شبه جزيرة رأس الحكمة، وقد يدر في النهاية ما يصل إلى 150 مليار دولار. وأوضح أن المشروع سيتضمن استثمارا أجنبيا مباشرا بقيمة 35 مليار دولار تدخل الدولة خلال شهرين، منها الدفعة الأولى 15 مليار دولار، والثانية 20 مليار دولار، وسيكون للدولة المصرية 35 بالمئة من أرباح المشروع.
وذكر بيان لشركة القابضة أن المشروع سيضم مناطق استثمارية ومواقع سكنية وتجارية بالإضافة إلى مشروعات سياحية وترفيهية، مضيفا أن من المتوقع أن يبدأ العمل به في عام 2025.
وأظهرت بيانات تريدويب أن السندات الأطول أجلا حققت أكبر مكاسب، إذ ارتفعت السندات المستحقة في 2047 أو ما بعدها بأكثر من ثلاثة سنتات ليجري تداولها بين 66.6 و70.2 سنتا، وهو أعلى مستوى لها في نحو عام.
وتقع رأس الحكمة على بعد نحو 200 كيلومتر غربي الإسكندرية في منطقة منتجعات سياحية راقية وشواطئ تشتهر بالرمال البيضاء يقصدها الأثرياء المصريون خلال أشهر الصيف.
في المقابل، ذكر موقع “مصر تايمز” أن الحكومة المصرية تستعد خلال الفترة القادمة لطرح عدد من المشروعات الجديدة بعد توقيع الصفقة الاستثمارية الكبرى بين مصر والإمارات لتطوير منطقة “رأس الحكمة”. ووفق الموقع المصري من بين المشاريع التي سيتم طرحها هي منطقة “رأس جميلة” بشرم الشيخ.وأوضحت مصادر مطلعة لـ”مصر تايمز” أن الطرح سيكون على غرار رأس الحكمة وسيكون مع السعودية لتطوير المنطقة. وأشارت إلى أنه سيتم إعلان كامل التفاصيل في الوقت المناسب من قبل مجلس الوزراء. وتطل منطقة “رأس جميلة” على البحر في شرم الشيخ وجزيرتي تيران وصنافير وملاصقة بمطار شرم الشيخ، والجزيرتين حصلت عليهما السعودية في نيسان/ أبريل 2016، في صفقة ترسيم للحدود البحرية أثارت الجدل وغضب المصريين.. ويتضمن تطوير المنطقة إقامة مشروع فندقي على مساحة 403 آلاف و615 مترا مربعا وإقامة فندق 4 نجوم بطاقة استيعابية 844 غرفة بالإضافة إلى 1288 شقة فندقية.
وكان وزير قطاع الأعمال العام قد أعلن تفاصيل التخطيط لطرح أرض “رأس جميلة” شرم الشيخ للاستثمار أمام القطاع الخاص الأجنبي والمحلي ضمن المشروعات التي ستطرحها الوزارة على المستثمرين. وذكر أن مساحة منطقة رأس جميلة تقع على 860 ألف فدان، وسيتم الاستعانة بشركات استشارية كبيرة بالتعاون مع الوزارات المعنية المختلفة وبينها وزارة الإسكان. مدير المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية، قال إن طرح رأس جميلة على السعودية هو إرضاء للمملكة، لأنه بمجرد الإعلان عن توقيع اتفاق رأس الحكمة مع الإمارات، فقد بدأت وسائل إعلام النظام المصري بالتحدث مباشرة عن أن هناك مشروعا عملاقا في مكان أكبر وأهم، وأنه سيكون هناك صفقة أكبر وأعظم، كأنها محاولة لاحتواء الغضب السعودي من التغلغل الإماراتي في المرافق المصرية.
ارسال التعليق