أين يذهب “الرّز الخليجي” المُقدّم لـِ”السيسي” ؟!
أعلنت السعودية مؤخرا عن تشكيل ما يسمى بـ”التحالف الإسلامي العسكري”، وانضمام مصر له، واقترن ذلك بالإعلان أيضاً عن زيادة استثماراتها في مصر من 6 إلى أكثر من 8 مليارات دولار، والإسهام في توفير احتياجات مصر من البترول لمدة خمس سنوات.
وسبق أن قدمت السعودية والإمارات والكويت دعما للاقتصاد المصري، بشكل علني، بمليارات الدولارات في صورة شحنات نفطية ومنح نقدية وودائع بالبنك المركزي؛ من أجل مساعدة مصر، بعد عزل الجيش للرئيس محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013.
ويأتي الإعلان عن الدعم الجديد من قبل السعودية في ظل تساؤلات، وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، عن مصير الأموال الخليجية. ولماذا لا يشعر بها المواطنون المصريون؟ لا سيما وأنها تقدر بأكثر من 33 مليار دولار، وهو “التدفق النقدي الأكبر في تاريخ مصر” حسب وصف الدكتور عمرو عادلي، الباحث بمركز كارنيغي للشرق الأوسط، أثناء حديثه لـDW. عربية.
بعد الإعلان عن الدعم السعودي الجديد دشن معارضون “هاشتاغ” على موقع تويتر بعنوان “سلمان لا تدعم السيسي”.
بينما دشن مؤيدون “هاشتاغات” أخرى، مثل “شكرا للسعودية”.
في حين استدعى البعض تعبير “رز الخليج”، في إشارة إلى تسريب صوتي، يزعم من سربه أنه للرئيس السيسي، يتحدث فيه عن كثرة الأموال في دول الخليج بالقول “الفلوس عندهم زي الرز”.
وعبر سعوديون عن حاجة السعودية لهذه الأموال، وكتب أحدهم على تويتر ساخراً “تستاهل مصر الـ30 مليار وخمس سنوات احتياج البترول .. حق الجار ع الجار، فلوس الوطن زي الرز.. الله يرزقنا الجنه بس”.
بينما سخر مصري من فرض الدولة لقيود على الواردات بسبب شح النقد الأجنبي قائلا “(…) فين الدعم 40 مليار من رز الخليج”.
ما هو مصير الأموال الخليجية؟
يوضح الدكتور فخري الفقي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ومستشار صندوق النقد الدولي سابقا أن “إجمالي ما تم رصده لمصر نحو 33 مليار دولار، فضلا عن دعم عيني في صورة دعم المواد البترولية. ووصل من هذه الأموال نحو 23 مليار دولار، منها 12 مليار دولار وديعة للبنك المركزي على دفعتين. وصلت الدفعة الأولى فقط حتى الآن، حسب الفقي.
وأشار أستاذ الاقتصاد إلى أن هذه الأموال لعبت دورا في دعم الاحتياطي النقدي الأجنبي، لأنه كان قد تدهور بشكل كبير. أما المليارات الأخرى “فتم صرفها على البعد الاجتماعي في تطوير العشوائيات والإسكان الاجتماعي وصرف معاشات الضمان الاجتماعي”.
وكان الاحتياطي من العملة الأجنبية في مصر قد هبط من 36 مليار دولار في 2011 إلى 16.3 مليار في سبتمبر/ أيلول، وهو مبلغ يكفي لتغطية واردات مصر ثلاثة أشهر فقط.
ويقول الدكتور عمرو عادلي، الباحث بمركز كارنيغي، إن هذه الأموال (أموال الخليج) دخلت حتى تعيد بناء الاحتياطي النقدي الأجنبي بصورة مؤقتة في ظل عجز الدولة عن تقديم حلول هيكلية لعجز الموازنة، وعدم قدرة الاقتصاد المصري على توفير الدولار بعد انهيار السياحة وخروج المستثمر نتيجة الاضطرابات السياسية بعد 2011.
وأضاف عادلي إن المساعدات الخليجية لم تنجز أي شيء في الواقع بالنسبة لتحسن أحوال المواطنين وذلك “لأن الأموال دخلت في سياق إضراب سياسي وضعف للسلطة في اتخاذ قرارات الإصلاح الاقتصادي”، معتبراً أن التحسن الاقتصادي للمواطنين مرتبط بتحسن مناخ الاستثمار، ومتوقعا “عدم انجذاب المستثمرين في ظل الأوضاع السياسية الإقليمية المتدهورة، خاصة في سوريا”.
الزيادة السكانية السبب؟
بينما أرجع فخر الفقي عدم التحسن في الأحوال الاقتصادية للمواطنين إلى عمل الحكومة الفترة الماضية على تهيئة “المطبخ” الاقتصادي، والذي وصفه بأنه كان “مهلهلا” وكان يجب تطويره.
وتوقع الفقي أن تكون “هناك استثمارات عربية في المستقبل، أما الشركات العابرة للقارات فربما تأتي بعدما ترى الحركة الاقتصادية داخل مصر”.
ويوجه مراقبون انتقادات للمساعدات الخليجية لمصر، قائلين إن الأموال الخليجية أغلبها عبارة عن ودائع وقروض تستردها هذه الدول في الوقت الذي تريده أو بعد عدة سنوات.
كما تسعى مصر للحصول على قروض من البنك الدولي، لكن الفقي، الذي كان مستشاراً سابقا بصندوق النقد الدولي يقول “إنها بشروط ميسرة وبعضها سيتم ردها بعد 35 عاما”.
ويرى أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أن المصريين لن يشعروا بتحسن اقتصادي قبل 3 سنوات على الأقل، “لكن الناس مستعجلة” حسب قوله.
كما حَمَّل الفقي المواطنين المصريين مسئولية عدم الشعور بالتحسن نتيجة معدل الزيادة السكانية المرتفع، وقال “يجب وضع ميزانيات لتنظيم الأسرة لضبط الإيقاع مرة ثانية، كما يجب أن تكون السياسة المالية موجهة لدعم زوج وزوجة وطفلين فقط.. ليس معقولا نقعد نغذي في الناس دي”، حسب تعبيره.
وكان عبدالفتاح السيسي – أثناء ترشحه للرئاسة في مايو 2014 – قد قال إن مصر تحتاج إلى سنتين من “العمل الدؤوب” من أجل أن تشهد بداية تحسن في وضعها الاقتصادي.
ارسال التعليق